ينتهي اليوم العام 2023، تاركا أحداث بارزة على الساحة الرياضية الجزائرية، تمثلت في عودة بلادنا إلى الواجهة من خلال احتضان منافسات قارية وإقليمية بداية بنهائيات كأس إفريقيا للاعبين المحليين “الشان” وكأس إفريقيا للناشئين تحت 17 سنة مرورا بالألعاب العربية، بينما سُجل العام الجاري تحت عنوان “التدارك” بالنسبة للمنتخب الوطني الجزائري، وسيبقى أيضا محفورا في أذهان فريق اتحاد الجزائر الذي دخل تاريخ الكرة الإفريقية، بينما شهدت الاتحادية الجزائرية لكرة القدم تغييرا في هرمها بتولي وليد صادي منصب الرئاسة خلفا لجهيد زفيزف.
الجزائر تعود إلى واجهات الأحداث الرياضية
ولم تبخل الجزائر، مرة أخرى، بالموارد المادية والبشرية، في سبيل الارتقاء بمستوى تنظيم هذه التظاهرات، ورافقتها بوضع مرافق رياضية على أعلى مستوى لاستقبال المنافسات الرياضية.. وعلى هذا الأساس، شهد عام 2023 افتتاح ملعب براقي، أو نيلسون مانديلا، كما تم تسميته وتدشينه من طرف رئيس الجمهورية عبد المجيد تبون عشية افتتاح “الشان” (13 جانفي)، ومعها إعادة افتتاح ملاعب 19 ماي 56 بعنابة، وحملاوي بقسنطينة، إضافة إلى ملعب ميلود هدفي بوهران. وساهمت هذه المرافق العصرية في ارتقاء المستوى التنظيمي، وحتى الفني، دون أن تتأثر بمسرحية منتخب المغرب الذي رفض الحضور، لتشهد البطولة التي تابعها جمهور قياسي، مع تسجيل حضور مسؤولي الكاف ونجوم الكرة السمراء، على رأسهم صامويل إيتو، شهدت تتويج منتخب السنغال على حساب المنتخب الجزائري الذي قاده مجيد بوڤرة، بعد أن ضيع هداف الدورة أيمن محيوص محاولته في سلسلة ضربات الترجيح التي حسمت اللقب القاري.
في 29 أفريل، جاء الدور مع انطلاقة الموعد القاري الثاني الذي استقبلته الجزائر مع نهائيات كأس الأمم الإفريقية تحت 17 سنة، التي توزعت المنافسة خلالها على مدن الجزائر العاصمة وعنابة وقسنطينة، وشهدت إقصاء التشكيلة الوطنية التي أشرف عليه رزقي رمان في الدور ربع النهائي أمام المغرب (خسارة 0-3)، الذي واصل المسيرة إلى النهائي، قبل أن يسقط أمام ضربات نظيره السنغالي في المباراة النهائية. ومن 5 إلى 15 جويلية الماضي، كانت الجزائر قبلة الرياضة الجزائرية بمناسبة احتضانها الطبعة 13 من الألعاب الرياضية العربية، وتوزعت المنافسات على عدد من المدن الجزائرية، فيما توزعت الميداليات على البعثة الجزائرية بشكل خاص، التي فرضت سيطرتها الكاملة على مختلف المسابقات بمجموع 253 ميدالية، منها 105 ذهبية، باستثناء بعض الإخفاقات، خاصة تلك المتعلقة بفريق كرة القدم الذي توقفت مسيرته في محطة الدور نصف النهائي أمام المنتخب السعودي.
“الخضر” بأرقام قياسية وعام دون هزيمة
وبعد إخفاقات سنة 2022، كان المنتخب الوطني بالتدارك في العام 2023 لمحو خيبة الخروج المبكر من كأس إفريقيا بالكاميرون والفشل في التأهل إلى مونديال قطر 2022، حيث استطاع الناخب الوطني جمال بلماضي وأشباله إعادة “الخضر” إلى الواجهة بعد سلسلة من النتائج الممتازة، مسجلين سنة رابعة دون هزيمة توجت بالتأهل إلى “كان” كوت ديفوار المقررة شهر جانفي الداخل، والأهم هو استعادة ثقة الجماهير الجزائرية وشغفهم، وقد استطاعت التشكيلة الوطنية تحطيم رقم قياسي جديد تمثل في قضاء موسم رابع دون هزيمة على رأس “الخضر” على غرار سنوات 2019، 2020 و2021، بعد المباراة العاشرة في نوفمبر الماضي أمام موزمبيق بمابوتو (فوز: 2-0)، ضمن تصفيات كأس العالم-2026.
فبعد 2019 التي عرفت تتويج “الخضر” باللقب القاري في مصر، ثم عامي 2020 و2021 التي ميزتهما تسجيل سلسلة 35 مباراة دون انهزام، أنهى الناخب الوطني سنة 2023 دون تذوق طعم الهزيمة في 10 مباريات منها ست رسمية وأربع ودية بحصيلة 7 انتصارات و3 تعادلات، مع تحقيق أرقام مميزة بتسجيل رفاق القائد رياض محرز 18 هدفا مقابل 6 أهداف دخلت شباكهم.
واستخلص بلماضي الدروس السابقة، مقررا ضخ دماء جديدة في التشكيلة واعتماد سياسة التشبيب وإعادة بناء المنتخب من خلال اصطياد “العصافير النادرة”، حيث تعزز الفريق بلاعبين أمثال آيت نوري وبوعناني وشايبي وغويري وعوار ولعروسي وغيرهم الذين يعدون دعما نوعيا للتشكيلة للسير بها إلى الأمام، وشهدت المباريات السابقة ظهور ثمار هذا التغيير تماشيا مع خطة بلماضي في استعادة اللقب القاري بالأراضي الإيفوارية ونهائيات كأس إفريقيا التي سيسجل فيها المنتخب الجزائري مشاركته العشرين بعد تأهله عن جدارة واستحقاق للعرس القاري بسيطرته الساحقة للمجموعة السادسة بحصوله على 16 نقطة في ست مباريات، متقدما على التوالي تانزانيا المتأهلة، وأوغندا والنيجر.
صادي ثالث رئيس في عهدة واحدة ويعد بثورة في الكرة الجزائرية
وشهد العام 2023، تغييرات في الهيئات الكروية وعلى رأسها الاتحادية الجزائرية لكرة القدم، فبعد فشل ذريع على مستوى الاتحادية الإفريقية لكرة القدم، حين أخفق جهيد زفيزف في دخول اللجنة التنفيذية لـ”الكاف”، تسارعت الأحداث لتطيح برئيس “الفاف” عقب انتقادات لاذعة عجلت بقرار استقالته في منتصف جويلية، ليتم بعدها انتخاب وليد صادي يوم 21 سبتمبر بعد جمعية انتخابية شهدت ترشحه وحيدا ويفوز بالمنصب لإكمال العهدة الأولمبية (2020/2024)، وهو الرئيس الثالث خلال العهدة ذاتها بعد شرف الدين عمارة وجهيد زفيزف، والرئيس رقم 19 لـ”الفاف” منذ سنة 1962.
وتعهد وليد صادي بلم شمل الكرة الجزائرية وتجاوز كل الخلافات لتجسيد طموح الكرة الجزائرية، مؤكدا أن برنامجه الانتخابي ثري وشامل، وسيهتم خاصة بالكرة المحلية من خلال برنامج إصلاحي انطلق منذ توليه المهمة الخريف الماضي، وقد تبع ذلك عدة تغييرات في مختلف اللجان والهيئات والرابطات، وعلى رأسها الرابطة الوطنية المحترفة بعد إنهاء مهام عبد الكريم مدوار شهر أكتوبر الماضي بسبب خرق القوانين، كما تقرر حل لجنة تسوية النزاعات بسبب فشلها في مهمتها في نفس الشهر، فيما تمت إقالة رئيس الرابطة الثانية للهواة علي مالك، بعد فضيحة مدوية كادت تعصف بكرة القدم الجزائرية، عقب منحه إجازات لفريق أولمبي المدية بالرغم من العقوبة المسلطة على هذا النادي بسبب الديون من طرف “الفيفا”.
وتعهد أيضا رئيس “الفاف” خلال ما تبقى من عهدته إلى خلق موارد مالية جديدة، دعم المنتخب الوطني والمنتخبات الوطنية الشبانية والكرة النسوية وكرة القدم الجامعية بالإضافة إلى تطوير كرة الصالات وكرة القدم الشاطئية، وحث النوادي على الانخراط فيها لخلق منتخب وطني منافس. مع العمل على تطوير سلك الحكام، حيث تمت شهر ديسمبر من في مديرية تكوين الحكام بسبب غيابه المتكرر، والضرب بيد من حديد بالنسبة للحاكم وآخرها إيقاف إبراهيم حملاوي، عن مزاولة مهامه كحكم مساعد بسبب خطئه خلال لقاء نجم بن عكنون وشباب بلوزداد.
محرز وبن رحمـــــة يعانقان الألقاب في القارة العجوز
لم تكن سنة 2023 سنة عادية بالنسبة لثنائي المنتخب الوطني رياض محرز، وسعيد بن رحمة بعدما عانقا أغلى الألقاب في القارة العجوز، حيث بصم قائد “الخض” على موسم استثنائي توّج خلالها بثلاثية تاريخية مع مانشستر سيتي، تمثلت في الدوري الإنجليزي الممتاز، كأس الرابطة الإنجليزية، ورابطة الأبطال الأوروبية التي عانقها لأول مرة في مسيرته الكروية، وبدوره، قاد سعيد بن رحمة فريقه وست هام للتتويج بلقب دوري المؤتمر الأوروبي في ثاني نسخة من المسابقة، عقب تغلبه على فيورنتينا الإيطالي.
ميركاتــــــــــــــو استثنـــــــــــــائي لمحرز
صنع نجم المنتخب الوطني الجزائري، الحدث في السنة المنقضية، بانتقاله إلى دوري روشن السعودي، مقتديا بأبرز النجوم العالمية التي تركت وراءها الشهرة والمنافسة في مختلف الدوريات الأوروبية، وفضّلت الأموال الطائلة التي تمنحها الأندية السعودية، وفي مقدمتهم البرتغالي كريستيانو رونالدو الذي افتتح مسلسل الانتقالات التاريخية لـ “دري روشن” قبل أن يلتحق به البقية على غرار كريم بن زيمة، فيرمينيو، كانتي وغيرهم، وبدوره قرر نجم “الخضر” رياض محرز، خوض تجربة احترافية مع نادي أهلي جدّة الذي انتقل إليه الصيف الماضي بعدما غادر مانشستر سيتي الإنجليزي قبل موسم واحد على نهاية عقده.
“الكـــــاف”… فضائح وكولسة
لم تكن سنة 2023، مختلفة عن باقي السنوات بالنسبة للاتحادية الإفريقية لكرة القدم، التي أصبحت عنوانا للفضائح والتجاوزات، وبالعودة إلى كرونولوجيا الأحداث خلال السنة الجارية، نجد أنّ هيئة الجنوب إفريقي باتريس موتسيبي، فقدت مصداقيتها بعدما لبست عباءة نظام “المخزن” المغربي، الذي أصبح الآمر الناهي بواسطة بيدقه فوزي لقجع، والبداية كانت بغياب الوفد المغربي عن كأس أمم إفريقيا للمحليين بالجزائر مطلع العام المقبل، بحجج واهية طالبت خلالها الاتحادية المغربية بالتنقل في رحلة مباشرة عبر الخطوط الجوية المغربية إلى الجزائر، في محاولة استفزازية من فوزي لقجع الذي اصطدم بالسيادة الجزائرية، ورغم كل هذا مرّت الحادثة على مسؤولي “الكاف” وكأنها لم تكن،ولأن الكونفدرالية الإفريقية لكرة القدم لبست عباءة الرداءة بفخر منذ بسط المغرب سيطرته عليها، فإنها لم تجد أي مانع في الدوس مرة أخرى، على قوانينها ومنح المغرب تنظيم “كان 2025″، رغم أنّ القوانين لم تكن في صالحها، بما أنّ المغرب رفض تنظيم نسخة 2015، بحجّة تفشي وباء إيبولا في القارة الإفريقية، ومع ذلك لم يجد موتسيبي حرجا في منح الجارة الغربية تنظيم العرس الإفريقي، بالرغم من تجاوزات لقجع الذي أعلن قبل أشهر عن فوز المغرب في ضرب مباشر لمصداقية الكاف”. فضائح الاتحادية الإفريقية في سنة 2023 لم تتوقف عند هذا الحد، حيث تواصلت خلال حفل جوائز الأفضل في القارة الإفريقية، بعدما قررت “الكاف” إقصاء كل ما هو جزائري، من خلال إبعاد رياض محرز عن جائزة “الكرة الذهبية” التي تمّ منحها دون وجه حق للنيجيري أوسيمين، إلى جانب سرقة لقب أحسن نادي من إتحاد العاصمة، وكذا لقب أحسن مدرب من عبد الحق بن شيخة الذي صنع إنجازا تاريخيا في القارة السمراء، بتتويجه بلقبي كأس “الكاف” وكأس السوبر.
اتحاد العاصمة يتسيّد القارة الإفريقية
ستبقى سنة 2023، محطة راسخة في ذهن إتحاد العاصمة وجماهيره، كيف لا وقد تمكّن فيها الفريق من إثراء خزائنه بلقبين إفريقيين، لأول مرة منذ تأسيس النادي، بنيله كأس الكونفدرالية الإفريقية، قبل تتويجه بكأس السوبر الإفريقي، ورصّع الاتحاد قميصه بنجمتين ذهبيتين سنة 2023، كانتا ثمرة المشوار المميز الذي قطعه الفريق في مغامرته الإفريقية، فصار الحلم الذي لطالما انتظره عشاق اللونيين الأحمر والأسود منذ 1937، حقيقة. وساهمت الخبرة التي يتمتع بها المدرب عبد الحق بن شيخة في هذا المستوى على شحن عزيمة لاعبيه من أجل تحويل الحلم إلى حقيقة؛ حيث تمكّن أبناء “سوسطارة” في النهاية من معانقة كأس الكونفدرالية بعد مشوار بطولي، أزاحوا فيه أندية إفريقية كبيرة، على غرار أسيك ميموزا ويونغ أفريكانز، وكذا الجيش الملكي المغربي. وكرر المدرب عبد الحق بن شيخة المهندس الكبير إنجازا أخرا بعد ثلاثة أشهر من هذا اللقب القاري وتحصل على الكأس الإفريقية الممتازة أمام العملاق المصري الأهلي عندما فاز عليه في مباراة واحدة (1-0) بالطائف بالمملكة العربية السعودية، قبل مغادرة الباخرة في شهر أكتوبر، والتحاقه في شهر نوفمبر بنادي سيمبا التنزاني.
شباب بلوزداد يهيمـــــــن على الكرة المحلية
محليا، ترك فريق شباب بلوزداد بصمته على البطولة الوطنية بعدما حقق لقبه الرابع تواليا ليؤكد سيطرته على المنافسة ويضيف اللقب العاشر لرصيده، حيث يبقى الشباب على بعد أربعة ألقاب عن شبيبة القبائل النادي الأكثر تتويجا بـ 14 لقبا، حيث يعود آخر لقب لها إلى موسم 2008. ورمى رفاق شعيب كداد بكل ثقلهم على المنافسة، بإنهائهم موسم، 2022-2023 بمجموع 64 نقطة، وبفارق 14 نقطة على الملاحق المباشر، شباب قسنطينة (50 ن).
صعود تاريخي لبن عكنون واتحاد سوف
وبالنسبة للرابطة الثانية (هواة)، سجل فريقا نجم بن عكنون و اتحاد سوف صعودا تاريخيا للرابطة الأولى، قاطعين خط الوصول في المرتبة الأولى أمام أندية أكثر خبرة على غرار ترجي مستغانم و اتحاد عنابة و جمعية الخروب و شبيبة تيارت.
الهجرة العكسيــة نحو البطولة المحلية
من بين الأحداث الرياضية البارزة في الساحة الوطنية خلال سنة 2023 هي انتقال عديد اللاعبين الدوليين المُخضرمين للعب في البطولة الوطنية، على غرار الحارس رايس وهاب مبولحي، عدلان قديورة، يوسف بلايلي، جمال بلعمري، أسامة درفلو، عبد الرؤوف بن غيث وغيرهم من اللاعبين. وعرف بطل الموسم الماضي فريق شباب بلوزداد كيف يُقنع الحارس المُخضرم رايس وهاب مبولحي في اللعب لصفوفه، حيث ضمن خدماته الصائفة الماضية رفقة عدلان قديورة زميله السابق في المنتخب الوطني. كما انتقل ابن “الباهية وهران” يوسف بلايلي إلى نادي مولودية الجزائر، والتحق به زميله في الخُضر جمال بلعمري، رفقة لاعبين آخرين سبق لهم تمثيل المنتخب الوطني على غرار بن خماسة ونعيجي. وتُمثل هذه الانتدابات فرصة حقيقية للرفع من أداء الفرق المحلية وبالتالي تطوير مستوى البطولة بشكل عام، في انتظار ما سيُقدمه هؤلاء اللاعبون في قادم المباريات.
الجزائريون ينهون 2023 في حداد
شهدت سنة 2023 نهاية مأساوية للأسرة الكروية في الجزائر، عقب الفاجعة التي ألمّت بنادي مولودية البيض، إثر حادث مروري تعرضت له حافلة الفريق يوم 13 ديسمبر التي كانت في طريقها إلى تيزي وزو لمواجهة شبيبة القبائل ضمن الجولة 11 من البطولة المحترفة الأولى “موبيليس”، وأدى هذا الحادث الأليم إلى وفاة حارس المرمى زكرياء بوزياني والمدرب المساعد خالد مفتاح، بالإضافة إلى 11 إصابة وسط اللاعبين والطاقم، وهي الفاجعة التي استدعت تأجيل جميع المنافسات الكروية في الجزائر، فيما حظيت المولودية بتضامن واسع محليا وخارجيا، حيث سارعت الاتحادية الجزائرية ومختلف الهيئات الكروية والأندية لتعزية أسرة البيض على هذا المصاب الجلل.