الرئيسية / اقلام دزاير

الكلمات الخشبية … بقلم الإعلامية التونسية فريهان طايع 

حجم الخط : +-

ينصدمون من ردة فعلك، لكنهم لا ينصدمون من أفعالهم، ولا ينصدمون من أكاذيبهم وتصرفاتهم، بل ويعتقدون أننا خلقنا لكي نتنازل من أجلهم، لكن التنازل هو أكبر مدمر للكيان الإنساني، لأنه يجعلهم يتمادون، وعندما تتنازل وتسامح مرة تلو الأخرى بحجة إعطاء الفرص.

من كذب مرة لا يستحق فرصة أخرى، ومن خيب ظنك وآمالك لا يستحق فرصة أخرى، وأنت لست مخطئاً ولا قاسياً عندما تقرر عدم منح الفرص من جديد.

هل أي كان يستحق فرصة من جديد، وماذا عنك أنت، وماذا عن كل خيبة ظن ووجع ؟ بل وماذا عن صراعاتك مع نفسك كل يوم؟.

لم يخطىء ناصيف زيتون في أغنيته عندما قال: “أنا عايش أزمة ثقة

بإيدي ما بوثق بقى، وهلأ كلمة مرحبا أوقات ما بصدّقا”، ولأن أزمة الثقة لا يشعر بها إلا من منحها لأشخاص لا يستحقونها، ومن يعيش أزمة ثقة هو كل من صدق أشخاص مزيفين، فماذا لو انكشف القناع في لحظة لم يتخيلها ذلك الشخص ومن أقرب الناس إليه، شعور الخذلان لا يمكن حتى للكلمات أن تعبر عنه، فهو وجع لكنه يبقى وجع صامت مع تأجيل الحكم و التنفيذ، ولا يمكنك في هذه اللحظة حتى اتخاذ القرار لوهلة، وتشعر كأنك تعاني من شلل دماغي

ربما ستحاول الهروب والإبتعاد لكي تنجو بنفسك من تأثير الضغط، أو تكون ردة فعلك انفعالية، وطبعا سيلومونك لأنهم لا يعلمون مقدار الوجع الذي تشعر به من داخلك بسببهم، وأنك قد فقدت الثقة في كل البشر بسببهم، حتى أن ناصيف زيتون لم يبالغ عندما قال:

“وهلأ كلمة مرحبا أوقات ما بصدّقا”، ليس مبالغة بل هو واقع لأن الثقة مثل الزجاج عندما تنكسر لن تعود من جديد، و المصيبة أنهم لا يدركون دائما في نظرهم أنت المقصر لأنهم أشخاص أنانيين وبدون ضمير.

 

ماذا لو راجع كل إنسان نفسه ووضع أخطاءه في كفة مع أخطاء الآخرين، ثم وضعهم في ميزان ليكون فعلا المقياس حقيقي وصحيح، وهكذا ستكون المعادلة المنصفة، أنا عن نفسي صرت لا أثق بأحد، لا أثق بأحد كي أشاركه أحزاني و لا أفراحي، لا أثق حتى بأصدقائي ولا أقربائي عندما يقولون نحن سعداء من أجلك، كل هذا الكلام أصبحت لا اصدقه لأنه لا يوجد أحد يسعد من أجلك ولا حتى يحزن من أجلك.

صرت لا أثق بالابتسامات المزيفة، ولا بالمجاملات التى يقولها أحدهم، ولا حتى بكلمة أنتى تعرفين مكانتك لدينا ،أنا لا أريد شىء من أحد

أنا أعرف جيدا مكانتي عند نفسي، ولست بحاجة لمكانة عند أحد في هذا العصر، فقد اندثر الصفاء بين الناس، والعلاقات لم تعد نقية بل أصبحت تحكمها الكلمات الخشبية، ولابأس في هذه الحالة لو اوجدتم الأعذار لمن يختار الوحدة، لأنه لا يملك الطاقة على مسايرة نفاق المجتمع والعلاقات الخالية من الصدق.

مقالات ذات صلة

ما الذي خسره الكيان الصهيوني في اتفاق وقف إطلاق النار؟ بقلم الدكتور سمير باكير

01 ديسمبر 2024

الجيل الصاعد في إفريقيا يرفض تواجد فرنسا

29 نوفمبر 2024

في لحظة تشتت… بقلم الإعلامية التونسية فريهان طايع

28 نوفمبر 2024