كان صيف هذه السّنة صيفا ثقيلا جدّا، مظاهر ثقله بدأت مبكّرة وأبانت عن معالمها في شهر جوان وأكّدت عليها في شهر جويلية، حين أظهر قرص الشّمس منسوبا عاليا من حرارته، فبدا قرص الشّمس لمن استطاع رفع بصره نحو السّماء بأنّه قد اقترب من الأرض، لقد لفحت حرارة الشّمس الكرة الأرضية وأجواءها، وما سلمت من لفحها بقعة من بقاع الكرة الأرضية، فجدبت الطبيعة من الاخضرار، و كبار السّن يبدون انطباعا؛ بأنّهم لم يعيشوا في حياتهم صيفا كصيف هذا العام، وقال خبراء من الأمم المتّحدة بأنّ شهر جويلية لهذا العام كان أحرّ شهر، ويرجع علماء المناخ حره إلى التغير المناخي، الذي تأثّر الانبعاث الحراري.
يقترن الصّيف عندنا، بموسم العطل السّنوية، للطّلبة والتّلاميذ والأساتذة والعمّال في العديد من القطاعات، وحسن لأن تكون العطل السّنوية للطّلبة والتّلاميذ والأساتذة والعمّال في فصل الصّيف بغض النّظر عن منسوب الحرارة فيه كلّ سنة، فحقيقة وبدون بحث علمي معمّق أو دقيق من أهل الاختصاص، فكلّ إنسان يحسّ ويدرك؛ بأنّ حرارة فصل الصّيف، تؤثّر تأثيرا كبيرا على جميع خلايا جسم الإنسان، ومن آثارها أنه يتعرّق كثيرا ويتحوّل إلى باحث عن الظل وشرب المياه والسّوائل لاسترجاع ما أفقده العرق. وهذا الجوّ الحار تجفل منه النّفوس، لذلك يدبّ الخمول في حياة النّاس، وتجدهم يستنجدون بمكيّفات الهواء ويفرون إلى الشّواطئ وأماكن الرّاحة والغابات والوديان التّي حافظت على قدر من المياه، وتكون الفترة المسائية من يومياتهم والأوقات الأولى من لياليهم هي الأوقات المفضّلة لديهم.
إن قضاء عطلة سنويّة مريحة، يكون لها الأثر الحميد في التّخفيف من شدّة خمول جسم الإنسان، لأنّ الخمول إذا ما ثقل استحكم في الإنسان، فيتجمّد تفكيره أو يصير سطحيا، فيتمنى أن تكون حياته كلّها عطلة، وما يجعله يفكّر هكذا إلاّ الخمول، فسبحان الله الذّي جعل الأيام والأسابيع والشّهور والسّنون والقرون، وجعل للسّنة الواحد أربعة فصول، يختلف مناخ كلّ فصل عن الآخر.
ها هو فصل الصّيف يدنو من رحيله، ضاربا موعدا لمن قدّر له الله لأن يعيش بعودته في السّنة القادمة، وكلّما دنا من رحيله، دنت معه المواعيد الحقيقة للحياة العمليّة للإنسان، ويكون معظم العمال قد عادوا لمناصب عملهم، وكما تعود معها مواعيد السّنة الدراسية، لطلبة الجامعات والمدارس العليا والكلّيات، ومواعيد عودة التلاميذ إلى مدارسهم ومتوسطاتهم وثانوياتهم، ويتمّ التّحضير والاستعداد لهذه العودة، بشراء الملابس والأدوات، فهذا جانب مادي محض، تستحكم فيه قدرات العائلة، أمّا الجانب الأهم من التّحضيرات للموسم الدّراسي، فهي تتعلق تعلقا كبيرا بالطّلبة والتّلاميذ أنفسهم في استنهاض الهمة.
كم هو صعب حين يألف الإنسان وضعا اتسم معظم وقته بالراحة والاستقالة من أي تكليف، ثم يجد نفسه مجبرا على التخلي عنه، فإن الطّلبة والتّلاميذ الذّين ركنوا إلى عطلتهم السّنوية أتاحت لهم راحة جسدية من سنة جدّ وعمل ومثابرة، وقد لازمت عطلتهم أجواء صيف حارّ، وهم على موعد قريب جدا من العودة إلى مقاعد دراستهم، وعليهم يقع ثقل مسؤولية استنهاض هممهم، تحضيرا لعودتهم إلى مقاعد دراستهم، فرويدا رويدا يسترجعون هممهم ونشاطهم، فالسّنة الدّراسة طويلة، تستعدي التّحضير النّفسي والاستعداد لها، حتى تكون مسيرتهم الدّراسة ناجحة ويحقق ما يصبو كل واحد منهم لتحقيقه.
إنها سنّة الحياة في الكون، أيّام وأسابيع وشهور وسنون وفصول، فعلى الإنسان أن يفهمها هكذا ويتقبلها، كما عليه أن يفهم ويقتنع بأنه هو الفاعل الأساسي فيها، والسّنة الدّراسية تنتهي بعطلة سنوية، أيامها تكون في فصل الصّيف شديد الحرارة، وتنتهي كما انتهت السنة الدراسية ثم عودة للدّراسة.
هاجر ميموني