اقتحام مستشفى الشفاء: فشل استخباراتي لجيش الاحتلال ومناشدات لإنقاذ الطواقم الطبية وآلاف الجرحى والنازحين بداخله

اقتحمت قوات الاحتلال مجمع الشفاء الطبي في مدينة غزة، فجر اليوم الأربعين من العدوان الإسرائيلي على قطاع غزة، بعد حصار استمر نحو ستة أيام بالدبابات وقطع الوقود والكهرباء عنه، ما أدى لاستشهاد العديد من مرضى العناية المركزة والأطفال الخدج.

وحمّلت وزارة الصحة الفلسطينية الاحتلال والمجتمع الدولي والولايات المتحدة المسؤولية عن سلامة الطواقم الطبية وآلاف الجرحى والنازحين بداخله، في حين حذر المكتب الإعلامي الحكومي في غزة من ارتكاب مجزرة في المجمع.

في المقابل، زعم جيش الاحتلال إنه ينفذ عملية “دقيقة وموجّهة” تستهدف حركة “حماس” في منطقة محدّدة من مستشفى الشفاء، حيث لا يزال آلاف المدنيين يحتمون داخل أكبر مستشفى في قطاع غزة.

وتدعي إسرائيل وجود مقاتلين وقيادات ومقار عسكرية لـ”حماس” في مجمع الشفاء الطبي، فضلًا عن زعم وجود أنفاق أسفل المستشفى مرجحةً وجود أسرى.

وحمّلت حركة حماس، في بيان لها، الرئيس الأميركي جو بايدن وإدارته المسؤولية الكاملة عن تداعيات اقتحام الجيش الإسرائيلي مجمّع الشفاء الطبّي في مدينة غزة.

وقالت الحركة: “نحمّل الكيان المحتلّ وقادته النازيين الجدد، والرئيس بايدن وإدارته كامل المسؤولية عن تداعيات اقتحام جيش الاحتلال لمجمّع الشفاء الطبي، وما يتعرّض له الطاقم الطبّي وآلاف النازحين، جرّاء هذه الجريمة الوحشية”.

واضطرت إدارة المستشفى أمس الثلاثاء لدفن 100 جثة في باحة بعد تحللها، حيث منع الاحتلال تجهيزها ودفنها وفق الإجراءات العادية.

ويضمّ مستشفى الشفاء حاليا آلافا من الفلسطينيين من مرضى وطواقم طبية ومدنيين نازحين.

ويعتبر اقتحام قوات الاحتلال لمستشفى الشفاء في قطاع غزة، ثالث فشل استخباراتي بامتياز لإسرائيل منذ أحداث 7 أكتوبر، وذلك للفشل في تأكيد الرواية القائلة بأن المستشفيات هي في الواقع ثكنات عسكرية.

وفي إطار عملية التطهير وإبادة الفلسطينيين وطردهم من قطاع غزة، أو على الأقل من شماله، ركزت قوات الاحتلال كثيرا على ضرب المستشفيات في عمل إجرامي نادار ما تسجله الحروب. وأمام بشاعة هذه الجرائم، روّجت إسرائيل لرواية احتضان المستشفيات ومنها الشفاء لجزء من القيادة العسكرية لحركة حماس وكذلك مكان احتجاز للرهائن الإسرائيليين. واعتقدت قيادة الاحتلال في هذه الرواية من جهة، كما تحاول توظيفها لتبرير قصف المستشفيات من جهة أخرى.

وبعد عملية الاقتحام، تبين خلو المستشفى من قيادات حماس، كما تبين أنه لا يضم ذخيرة حربية ولا مكاتب للتخطيط سوى ما قد تخترعه قوات الاحتلال من أكاذيب. والأكثر إثارة، أنه لا يتم الاحتفاظ بالمحتجزين الإسرائيليين داخل المستشفى. وبهذا، انهارت إحدى الأساطير التي بنت عليها إسرائيل عملية القصف الوحشي ضد المستشفيات في قطاع غزة.

وعمليا، تعتبر عملية اقتحام مستشفى الشفاء فشلا استخباراتيا كبيرا لدولة الاحتلال التي تتغنى بتقدمها الاستخباراتي طيلة عقود. ويتجلى هذا الفشل في عدم وجود أدلة تقدمها للرأي العام والمجتمع الدولي حول ادعاءات ما كانت تنسبه للمستشفيات، لاسيما وأن عواصم غربية مثل واشنطن وبرلين ورئاسة الاتحاد الأوروبي تبنت الرواية الإسرائيلية.

وكان الفشل الاستخباراتي الأول متمثلا في عدم رصد عملية اقتحام يوم 7 أكتوبر التي انهار فيها الجيش الإسرائيلي رغم تغلغله وسط الفلسطينيين، ورغم البرامج والأجهزة التجسسية الكبيرة التي يوظفها للتجسس مثل بيغاسوس. وتحول يوم 7 أكتوبر إلى علامة فارقة في الخداع والمباغتة في الحروب، وحجز مكانة مميزة في أجندة التدريس بالكليات الحربية.

وكان الفشل الاستخباراتي الثاني، وهو مثير كذلك، في فشل قوات الاحتلال بدعم من قوات النخبة الغربية، في العثور على خريطة الأنفاق تحت الأرض التي تستعملها المقاومة الفلسطينية في هذه الحرب. ويرى الخبراء أنه طالما لم تدمر إسرائيل ثلثي الأنفاق، فلا يمكنها الحديث عن نصر عسكري، علما أن الأمر يتعلق بمواجهة بين أحد أقوى الجيوش في العالم أمام حركات مسلحة تصنع سلاحها بنفسها رغم الحصار الشديد المضروب عليها.