أكّدت تطوّرات الأحداث الميدانية في غزّة ومحيطها من الأراضي الفلسطينية المحتلة التي تدور فيها اشتباكات عنيفة بين المقاومة الفلسطينية الباسلة وقوات جيش الاحتلال الصهيوني، أنّ الجزائر كانت على حقّ حينما رفضت الانسياق خلف أطروحة التّطبيع المتخاذلة، والتي قادتها دول عربية استمرأت الذل والهوان.
الرئيس تبون أطلقها مدوية وواضحة في أحد لقاءاته مع الصحافة الوطنية قبل أشهر حينما قال بصريح العبارة: “الجزائر لن تبارك ولن تشارك في “الهرولة نحو التطبيع”، مؤكّدا بما لا يدع مجالا للّبس أنّ القضية الفلسطينية بالنسبة للشعب الجزائري “قضية مقدسة” وهي “أم القضايا”.
وبينما تشبّثت الجزائر بحقّ الشعب الفلسـطيني في إقامة دولته على أرضه وفي مقاومة الاحتلال الصهيـوني، وقد ترجمت موقفها هذا عمليا بدعوتها لجميع الفصائل الفلسطينية بمختلف توجهاتها لإقامة مصالحة في ما بينها، حيث وافقت على التوقيع على “إعلان الجزائر”، راهن المغرب على الكيان الصهيوني وأطلق معه أذلّ وأخزى معاهدة تطبيع عرفها العالم العربي والإسلامي.
تطبيع المخزن كان مختلفا تماما ولم يسبق أن قدّمت دولة عربية بما فيها تلك التي لها حدود مع الكيان وخاضت معه حروبا كلّ تلك التنازلات المهينة والمخزية والمذلّة.
ملك المغرب وحكومته ونظامه المخزني سعوا إلى تهديد الجزائر، فقد كان واضحا ومنذ البداية أن تلك الخطوات التطبيعية جاءت لهذا الغرض، حيث أنّ بنود الاتفاق بين الكيانين الصهيوني والمخزني أكّدت على “إرساء تعاون أمني وإضفاء الطابع الرسمي على العلاقات العسكرية” بين الكيانين، كما سمحت مذكرة التفاهم التي جاءت ضمن سياسة التطبيع أيضا بزيادة التعاون في مجالات الاستخبارات والتعاون الصناعي والتدريب العسكري وغيرها.
إنّ الجزائر لن تنسى تلك الزيارات المتبادلة بين المغرب والكيان الصهيوني، والتي بلغت مستوى “رفيعا”، بعد زيارة وزير الدفاع الصهيوني بيني غانتس للرباط وزيارة رئيس أركان الجيش الملكي المغربي فاروق بلخير لتل أبيب.
ولا يزال التاريخ شاهدا على أن وزير الخارجية الصهيوني يائير لابيد، أطلق حال تواجده بالمغرب، تصريحات استفزازية بحقّ الجزائر تضمنت تدخلا وقحا من مسؤول كيان لا تعترف الجزائر به، في شؤونها وسيادتها على سياساتها الخارجية وعلاقاتها الدولية.