الأمينة العامة لألعاب البحر الأبيض المتوسط، د/ نوال بن قفور لـ “دزاير توب” : ” الجزائر استعادت بريقها السياحي، ووهران صارت قطبا رياضيا متوسطيا بامتياز”

الأمينة العامة لألعاب البحر الأبيض المتوسط، د/ نوال بن قفور لـ “دزاير توب” :  ” الجزائر استعادت بريقها السياحي، ووهران صارت قطبا رياضيا متوسطيا بامتياز”

خصت الأمينة العامة لألعاب البحر الأبيض المتوسط ، الدكتور نوال بن قفور موقع دزاير توب و يومية دزاير سبور بحوار خاص تحدثت فيه عن الرهان المتوسطي التي فازت به الجزائر عن جدارة واستحقاق بفضل الإجراءات والتدابير التي تم اتخاذها في سبيل إنجاح العرس الرياضي، كما سلطت الضوء على الأبعاد الاقتصادية والعلمية لهذا الحدث المتوسطي الذي لم يكن ليبهر العالم لولا الحرص الشديد للسيد رئيس الجمهورية وإراداته السياسية التي ما فتىء يُعبّر عنها في الاجتماعات الدورية لمجلس الوزراء ولقاءاته الصحفية وتعليماته الصارمة لتسريع وتيرة إنجاز المشاريع والمرافق الكبرى

1- من هي الدكتورة نوال بن قفور؟

الدكتورة نوال بن قفور باحثة في الآداب والعلوم الانسانية بالمدرسة العليا للأساتذة ببوزريعة، شغلت مناصب عليا في عدة وزارات بينها التربية الوطنية، الشباب والرياضة، الثقافة والفنون، التضامن الوطني والأسرة وقضايا المرأة.

وتشغل منذ مارس 2022 منصب الأمينة العامة للجنة تنظيم ألعاب البحر الأبيض المتوسط وهران 2022.

2- كان حرص الرئيس عبد المجيد تبون واضحًا منذ البداية في تحريك المشاريع المتوقفة، كيف تغيرت الموازين في ظرف وجيز؟

ينبغي التأكيد أن ما شهدته الجزائر من تغييرات منذ انتخابات ديسمبر 2019، قد انعكس بالإيجاب على سير الألعاب المتوسطية التي كانت موضع تشكيك في تنظيمها بوهران وخاصة بعد زحزحتها بعام تأثرا بجائحة كورونا التي أربكت العالم أجمع.. يضاف إلى ذلك المحاولات اليائسة للتشويش على الألعاب، وقبل عام كان الحديث عن تنظيم الموعد الرياضي المتوسطي في جوان 2022، يثير المخاوف بسبب تعطل المشاريع لاعتبارات مختلفة، لكن الأمور تغيرت رأسًا على عقب في ظرف وجيزٍ..إنّ كلّ ما تحقق لم يكن ليتمَّ بهذا الإتقان والاحترافية لولا الحرص الشديد للسيد رئيس الجمهورية وإراداته السياسية التي ما فتىء يُعبّر عنها في الاجتماعات الدورية لمجلس الوزراء ولقاءاته الصحفية وتعليماته الصارمة لتسريع وتيرة إنجاز المشاريع والمرافق الكبرى

في العام الأخير، شهدت وهران تغييرين مهمّين في زمنٍ متقاربٍ جدًّا وهما تعيين السيد سعيد سعيد واليًا جديدًا وتعيين السيد محمد عزيز درواز محافظًا لألعاب البحر الأبيض المتوسط، وقد استقادت الولاية من خبرة وسمعة هذين الرجلين اللذين قلبا الموازين وساهما رفقة إطارات الدولة في تحقيق الحلم

3- ماهي الإجراءات المتخذة التي تم اتخاذها لتأمين ألعاب البحر الأبيض المتوسط في طبعتها التاسعة عشر؟

بالتنسيق مع السلطات العمومية، ممثلة في والي وهران ومسؤولي الأجهزة الأمنية، تم وضع مخطط استثنائي وشامل لتأمين الألعاب المتوسطية إذ تم اتخاذ الإجراءات التالية:

– تشديد المراقبة على المركبات والأشخاص على مستوى المدخل الرئيسي للقرية المتوسطية، وعدم السماح لكل شخص غير معني بالدخول اليها

-الحرص على وضع نظام للفصل بين المنطقة المختلطة ومنطقة الإقامات بالشكل الذي يمكن التحقق بكل صرامة من هوية الأشخاص الذين يدخلون الى منطقة الاقامات، والعمل على منع كل شخص لا يحمل الشارة التي تمكنه من ذلك

– تفعيل نظام الدوريات الراجلة وعن طريق الدرجات الهوائية داخل القرية وبالأخص داخل منطقة الاقامات

-منع ركن السيارات على مستوى الممرات المقابلة لمداخل العمارات

– تخصيص مدخل جانبي لاستعماله لدخول وخروج المركبات والافراد التابعين لسلسلة الخدمات على الاطعام، النظافة، وغيرها…

-تكثيف التنسيق مع المصالح الأخرى للوصول الى كل معلومة من شأنها ضمان سلامة المقيمين.

– تكليف المصالح العاملة على مستوى القرية من أجل متابعة مدى احترام إدارة القرية للتدبير التنظيمية على مستوى المطاعم خاصة تلك المخصصة للوفود المقيمة، هذا تبقى مصالحي تتابع يوميا وبشكل ميداني هذه الوضعية مع الحرص على التدخل بأسرع وقت لمعالجة كل اشكال قد يطرأ بما في ذلك الجوانب اللوجستية.

4- ما هي الأبعاد الاقتصادية للتظاهرة المتوسطية؟

استفادت وهران من هياكل جديدة ستؤهلها لتكون قطبا رياضيا وسياحيا بلا منازع، لأن هذه المنشآت تشكل الإضافة لولاية ساحلية محورية تدعمت أخيرًا بمحطة دولية للملاحة الجوية وخطوط نقل جديدة في ظل وجود ميناء هام وشبكة نقل بالقطار والترامواي، إضافة إلى إعادة تأهيل الطرقات وفتح مزيد من المسالك، ولا شك أن النقل هو شريان الحياة العامة والحركة الاقتصادية، إضافة إلى تجديد شبكات التهيئة الحضرية والعمرانية وتحسين واجهات الشوارع والمحلات وتجميل المحيط.

ستكون وهران أنموذجًا يُحتذى به ويُقاسُ عليه بشأن توظيف هذه المكتسبات والمنجزات في دعم بنتيها التحتية وموقعها الاستراتيجي وتنمية قدراتها السياحية، لتنخرط بذلك وبكلّ اعتزازٍ في الاستراتيجية الوطنية وهي بناء اقتصاد قوي يعتمد على خلق الثروة والتحرر من التبعية النفطية.

ونتوقع أيضًا أن تستفيد الولاية من الإشهار والترويج السياحي بفضل الألعاب المتوسطية، لذلك سيكون لزامًا على السلطات المحلية والمواطنين -على حدّ سواء- استغلال هذه الدعائم لتحقيق تنمية شاملة.

5- حركية ثقافية وعلمية شهدتها وهران خلال العام الجاري، إلى أيّ حدٍّ أفلحت محافظة ألعاب البحر الأبيض المتوسط في إثارة البعد العلمي وإنعاش الفعل الثقافي؟

شكّلت ألعاب البحر الأبيض المتوسط بوهران 2022، محطةً متجددةً لتكريس ثوابت حضارات المتوسط، في حدث رياضي هو الأبرز جهويًّا خلال صائفة خلت من البطولات الرياضية الكبرى، فكانت لبنةً مضافةً إلى نهج الجزائر الجديدة المتطلعة إلى دفع الطاقات الرياضية والثقافية، واحتضان الفعل الشباني المثمر، ومفازةً تأسيسيةً للاستثمار الإبداعي المنتج المشعّ المنفتح على أنماط واعدة تؤسس للقادم الأرحب.

لقد كرّست التظاهرة المتوسطية أيضًا لنشاطات علمية وأيام دراسية غزيرة تنوعت بين إبراز البعد الحضاري للأمة وتاريخ وهران، وعلاقة المثل العليا الأولمبية بحقوق الإنسان، وآثار التطور التكنولوجي والرقمنة على الرياضة، والعيش في سلام بين الأمم المتوسطية، وتجسيد التعاون الحقيقي بين اللجنة المنظمة لألعاب البحر الأبيض المتوسط والمؤسسات الجامعية والبحثية.

ولأول مرة، تشهد وهران وبالتعاون مع الجمعيات المحلية والسلطات العمومية، إقامة فعاليات فنية وثقافية عديدة حوّلتها بحق إلى عاصمة للفنون بعد استضافتها مهرجان الراي وقبله مهرجان الأغنية الوهرانية، ثم أيام المسرح المتوسطي واللقاءات الأدبية والفنية ومعارض الكتاب والفنون التشكيلية والصناعات التقليدية والحرف.

على الصعيد الفني أيضا، تنافست الفرق الهاوية والجمعيات الثقافية لإخراج ما تحوزه من قدرات فنية ومواهب شبانية، عبر تنظيم عروض مسرحية وبهلوانية وألعاب وأعمال فنية في القاعات والشارع، حتى تحولت شوارع وهران المدينة وما جاورها إلى منصات مفتوحة على الهواء الطلق للفرجة والتألق والإبداع.

نعتقد حقيقةً أن المواهب الوهرانية تحديدًا قد وجدتها فرصة مواتية للتعبير عن ذواتها في ممارسة إبداعية جادة وغير مسبوقة.

6- إلى أيّ مدى يمكن تقييم التنظيم الجزائري لألعاب البحر الأبيض المتوسط للمرة الثانية بعد احتضان دورة عام 1975؟

كانت غاية الدولة الجزائرية من هذا الحدث المتوسطي جعله عرساً استثنائياً بكل المقاييس تتعدد فيه الألوان والأعلام والثقافات والرياضات، حتى تستعيد بلادنا بريقها وتتباهى بين الأمم كما كانت تفعل زمن الألعاب المتوسطية عام 1975، والألعاب الأفريقية عام 1978 ثم الألعاب العربية عام 2005 وغيرها من الأحداث المهمة التي تحتفظ بها ذاكرة الشعوب.

وبالفعل، لقد أحيت الدورة التاسعة عشرة الأمل لدى الجزائريين لاحتضان كبرى التظاهرات إثر نجاح الدولة في تنظيم مُحكم ولائق، بدءً باستقبال الوفود والبعثات الرياضية والإعلامية إلى افتتاح مُبهر شهدَ وقائعه قادةُ دول شقيقة وصديقة وشهدت عليه جماهير ضفتي المتوسط المتعطشة لمشاهدة حدث دولي يكرس ثقافة السلم وروح الأمل والترقية الشاملة وتثمين المبادرات الخلاّقة، خصوصًا وأنّ أبناء البحر الأبيض المتوسط بحاجة اليوم، أكثر من أي

وقت مضى، إلى ثقافة راسية فاعلة متفاعلة، لا تكون مجرّد مرآة، بل تستلهم ذخائر التاريخ المتوسطي لتعمّق نواميس الإبداع وشذرات الابتكار حاضرًا ومستقبلاً.

والآن يمكننا الافتخار بأن بلادنا كسبت رهان تشريف التنظيم الجزائري لحدث رياضي هام خطف الأضواء عبر تغطية إعلامية واسعة النطاق، وهي ربما الأكثر متابعة في تاريخ الألعاب المتوسطية.

7- كيف كان حضور المجتمع الوهراني في الدورة التاسعة عشر؟

حرصت اللجنة المنظمة على إشراك المجتمع المدني في التحضيرات ثم إقحامه في العملية التنظيمية، بشكل كرّس لديناميكية ساهمت إلى حد بعيد في تجسيد الحلم وتذليل الصعوبات. في هذا السياق، تم تشكيل خلية تنسيق بين المجتمع المدني ولجنة التنظيم أسندت رئاستها إلى نائب رئيس المرصد الوطني للمجتمع المدني السيدة ياقوت عيساني (سفيرة الألعاب المتوسطية)، وأضحت الخلية تجتمع دوريًا في مقر الفدرالية الوطنية لأولياء التلاميذ غير بعيد عن مقر لجنة التنظيم بواجهة البحر وسط وهران..الاجتماعات الدورية مكّنت من بلورة أفكار ورؤى وتصورات الجمعيات المحلية على اختلافها، وأخرجتها في مقترحات جادة وقابلة للتنفيذ ومعبرة على روح التشاركية البنّاءة، وهنا يمكن التنويه إلى ما أحرزه المجتمع الوهراني من وعيٍّ ومواطنةٍ وتجربةٍ، وهو مسار سيثري بلا شك الحياة العامة في البلاد.

إن المجتمع المدني المنظم هو ذاك الذي يعبر بصدقٍ عن قيم وطنه ويدافع على سمعة بلده، ويرفع الألوان الوطنية في كل المحافل والمناسبات التي جسد فيها شبابنا أروع الأمثلة في تعلّقه بالجزائر أرض الشموخ والشهداء.. وجب التأكيد أيضًا أن الفعاليات الجمعوية ساهمت في منح الجمهور الجزائري العلامة الكاملة في المدرجات، بحيث الحضور الجماهيري فاق التوقعات عدديًّا ونوعيًّا، فكنا نشاهد لوحات جميلة لجمهور يناصر المتنافسين برقيٍّ وأهازيج أبهجت الرياضيين المتنافسين كما ساهمت الجمعيات المحلية في الترويج للحدث المتوسطي بشكل لم يعد حكرًا على لجان الأنصار والجمعيات الرياضية فحسب.

حاورها: كميل. ب