الإعلامية فريهان رؤوف تكتب: الحلم الأبيض تحول إلى كفن

صوفيا بوخالفة

 كثيرا ما نسمع بظاهرة زواج القاصرات أو بالأحرى الجريمة المسلطة ضد القاصرات ماذا يختلف عن الاغتصاب ،أن تحرم فتاة صغيرة من أن تعيش طفولتها ،أن تفرض عليها أن تكون زوجة و أم و مسؤولة و هي بحاجة لمن يكون مسؤولا عنها ،أن تحرمها من التعليم و تلحقها بمؤسسة الزواج عوضا عن المدرسة ،أن تحرمها من الطفولة هل يوجد أبشع من هذا ،بسبب زواج القاصرات تدمرت الكثيرات حكم عليهن بالإعدام و بالسجن الأبدي .

قاصرة ماذا تعرف عن الحياة لتكون زوجة ،ماذا تعرف عن الحقوق و الواجبات لتلزمها بواجبات صارمة ،ماذا تعرف عن فارس الأحلام لكي تكون لها زوجا هذا النوع من الزواج ليس إلا زواج بالإكراه حيث يغيب فيه الرضا و يحل محله الإكراه و العنف ،ثم يتحدثون عن حقوق الأطفال أين هي حقوق الأطفال هي مسلوبة و منتهكة و معدومة و لا يوجد سبب واحد يبرر جريمة تزويج القاصرات لا الفقر و لا العادات و التقاليد ،تبا لهاته العادات و التقاليد الجاهلة التي لا تحترم حقوق الأطفال و تحرمهم من أبسط حقوقهم .

فلننظر لنتائج هذا الزواج الذي ولد العديد من المآسي و الكوارث و سجل حتى ارتفاع معدل انتحار القاصرات ،بسبب جهل الآباء و الأمهات و بسبب غياب العقول الواعية و الإنسانية و بسبب استفحال السمسرة بحياة الأبرياء أو حتى بحجة الستر عليهن و كأن الزواج هو الباب الوحيد لستر إلى متى ستبقى الفتاة و كأنها عار بحاجة لستر ماذا تعرف فتاة صغيرة عن الزواج هي لا زالت تلعب بدمية و لم تنضج بعد لتتمنى فارس أحلام ،لازالت تحلم بأن تكون طبيبة أو محامية في المستقبل أو أن تكون نموذج لمعلمتها التي تحبها ،لازالت تريد أن تتعلم لتميز لأنها عاجزة بعد عن التمييز ،لازالت تسعدها لعبة و تحزن و تبكي لكلمة تجرح مشاعرها الصغيرة لكي يفرض عليها هذا المجتمع الظالم أصعب مهمة و هي الزواج و المسؤولية ضمير الحق قد مات ليسمع قصص ملايين القاصرات حول العالم العربي حيث غابت الحرية و حل محلها القمع و الاستبداد ،لترتدي قاصرة فستان أبيض و تحمل باقة ورود و تتظاهر بالسعادة و يصفق لها الناس عوضا أن يساندو قضيتها لكنهم شاركوا في هاته الجريمة البشعة ،حيث يسلط السفاح الضوء على ضحيته على مرء من الناس و تتظاهر هاته الضحية بالسعادة بينما سكاكين الألم تقطع قلبها المجروح بكل أسى و ذل و قهر و الكارثة فيما بعد أن تربي طفلة طفلة مثلها و هي بنفسها عاجزة أن تربي أجيال و تؤطرهم داخل المجتمع فكيف سيكون حال المجتمع في هاته الحالة ؟ و من يدفع في الثمن في هاته الحالة أليس الأطفال بسبب ظاهرة الأمهات الصغيرات التى ولدت الكوارث داخل المجتمعات حيث تصبح هاته الطفلة التي هي بالأساس في حاجة للرعاية و التأطير و النفقة هي من ترعى و تؤطر و تنفق بجهد لا يتحمله سنها الصغير إضافة الى حالة الكثيرات اللواتي أنجبن أطفال مشوهين أو الكثيرات اللواتي فقدن حياتهن أثناء الإنجاب بسبب عدم القدرة على التحمل و هذا الزوج الذي هو بالأساس سفاح عندما اختار أن تكون لعبته المسلية قاصر يكتفي فقط بتركها لحظة مرضها أو عجزها بسبب انانيته التي حولت حياتها إلى جحيم و سجن.

لم تكون يوما الفتاة بضاعة أو سلعة لتباع و تشتري في أسواق لا تحترم حقوق الإنسان فيها .

نحن الآن في القرن 21 و الظواهر التي لازالت تحدث في مجتمعاتنا و كأنها في عصر الجاهلية حيث تدفن الطفلة فقط لأنها بمفهومهم وصمة عار أما اليوم فالحال لا يختلف تدفن أحلامها و هي لازالت على قيد الحياة لكنها قد ماتت معنويا مليون ألف مرة بدون ذنب فقط لأنها بمفهومهم عار بحاجة لستر.

تقدمت التكنولوجيا و الحياة لكن العقول لم تتقدم بعد لترحم الضعفاء و تصغي لوجعهم و تفهمهم إنسانيا بعيدا عن النزعة الحيوانية التي سيطرت على العقول الجاهلة لتحولوهم لوحوش ليس لديها وجدان و لا نزعة إنسانية .

حيث تحول الفستان الأبيض الذي تحلم به أي فتاة ناضحة إلى كفن في نظر قاصرة و الزواج الذي هو مؤسسة لبناء أسرة و أجيال إلي مقبرة فتبا لجهل العقول الذي دمرت كل شيء جميل .

بقلم: الإعلامية فريهان رؤوف 

شارك المقال على :