الباحث في المجال الرقمي الدكتور زكي كوريبعة لدزاير توب : المدن الذكية المستدامة في الجزائر واقع وتحديات

تحدث، الباحث في المجال الرقمي الدكتور زكي كوريبعة، في تصريح خص به موقع دزاير توب، عن المدن الذكية المستدامة في الجزائر، باعتبارها واقعاً وتحديات.

وقال كوريبعة، أنه وفي عصر الشبكة البينية “الإنترنت” والمدن الذكية والبيانات كما سبق وأن أشرنا إلى أهميتها تعتبر النفط الجديد، ومع استمرار المناطق الحضرية في التوسع والنمو، فإن تكنولوجيا المدن الذكية تتطور جنباً إلى جنب مع تعزيز الاستدامة وخدمة الإنسانية بشكل أفضل.

وكشف الباحث زكي كوريبعة، أن معظم الإحصائيات العالمية تشير إلى أن أكثر من نصف سكان العالم يعيشون اليوم في المدن، وبحلول 2050، سيعيش حوالي سبعة من كل عشرة أشخاص في المدن.

وأضاف محدثنا، بالقول أن المدن تمثل أكثر من 70 بالمائة من انبعاثات الكربون في العالم، و60 إلى 80 بالمائة من استهلاك الطاقة، كما أدى التحضر السريع إلى تحديات إضافية مثل الفوارق الاجتماعية، ازدحام المرور، وتلوث المياه، وما يرتبط بها من قضايا صحية.

ووفقاً للاتحاد الدولي للاتصالات “ITU”، فإن المدينة الذكية المستدامة هي مدينة مبتكرة تستخدم تكنولوجيا المعلومات والاتصالات لتحسين نوعية الحياة، وكفاءة العمليات والخدمات الحضرية، والقدرة على المنافسة، وتلبي في الوقت ذاته احتياجات الأجيال الحالية والقادمة فيما يتعلق بالجوانب الاقتصادية والاجتماعية والبيئية، والثقافية، وفقاً لما أفاد به محدثنا.

وتابع كوريبعة: “إذ في عام 2016، أطلق الاتحاد الدولي للاتصالات “ITU” مبادرة متحدون من أجل مدن ذكية مستدامة باعتبارها واحدة من مبادرات الأمم المتحدة التي يتولى تنسيقها الاتحاد ولجنة الأمم المتحدة الاقتصادية لأوروبا “UNECE” وبرنامج الأمم المتحدة للمستوطنات البشرية “UN- Habitat”، وغيرهم من الشركاء العالميين من أجل تحقيق الهدف الـ11 من أهداف التنمية المستدامة وهي جعل المدن والمستوطنات البشرية شاملة للجميع وآمنة وقادرة على الصمود ومستدامة”.

وقال ضيف دزاير توب: “وفقاً لمؤشر “IMD” السنوي للمدن الذكية 2024 (www.imd.org) الذي يصدر عن المعهد الدولي للتنمية الإدارية في سويسرا بالتعاون مع المنظمة العالمية للمدن الذكية المستدامة “WeGo” ومقرها سيول، فقد تم الكشف عن أذكى 03 مدن على مستوى العالم، وهم زيورخ السويسرية في المركز الأول، متبوعة بـ أوسلو النرويجية في المركز الثاني، وكانبرا الأسترالية في المركز الثالث، كما حلت مدينة أبو ظبي في المركز الـ 10 عالميا، فيما جاءت دبي بعدها في المركز الـ 12، ضمن 142 مدينة.

واحتلت العاصمة الجزائرية المرتبة الثانية في إفريقيا والأولى في المغرب العربي من بين 10 مدن التي مستهم الدراسة، وفقاً لمحدثتنا، الذي أكد أن الاستثمار يلعب دوراً فعالاً في تكنولوجيا ّالمعلومات والاتصال من خلال ّتوسيع القدرات التكنولوجية وتسريع ّارتفاع وتيرة الرقمنة، بالشكل الذي يساهم ّفي ّتكثيف الخدمات الإلكترونية وتقديمها ّوفقا ّلمعايير الجودة والفعالية، وذلك من أجل ملء الفراغ الرقمي الحضري والوصول إلى الأهداف المرجوة فيما يخص توفير حياة ذات جودة عالية ضمن منظومة بيئية ذكية “Smart Living”، وتنمية المجتمعات المستدامة.

وتقتضي رقمنة المجال الحضري، إنشاء مدن قائمة على تكنولوجيا المعلومات والاتصالات وغيرها من التقنيات والوسائل الحديثة التي تحسن نوعية الحياة وكفاءة العمليات والخدمات الحضرية، بحيث يتم الانتقال من تنظيم مادي تقليدي إلى تنظيم شبكي تندمج في إطاره مختلف ركائز عصرنة التسيير الحضري التي تتنوع بين المتطلبات التقنية، الإدارية، القانونية وغيرها، وفقاً لمحدثنا.

وختاما، أكد كوريبعة أن الانتقال الرقمي يجسد أبرز معالم هندسة السياسة الوطنية لإنشاء المدن الذكية في الجزائر، حيث تبنت الدولة الجزائرية خيار الرقمنة كسياسة محورية لتدعيم مسارها في إنشاء المدن الذكية، فانتهجت بذلك استراتيجية تنموية لعصرنة المدينة، تتجلى في استحداث ترسانة قانونية وأجهزة خاصة لترقيتها، إلى جانب تطوير القدرات الرقمية للمدن الجديدة على غرار مدينة سيدي عبد الله كنموذج، عن طريق تعزيز شامل للحظائر السكانية بشبكة الألياف البصرية “FTTH” بتدفقات عالية (01جيغا/الثانية)، وكذا الاستغلال الأمثل للطاقة والمياه من خلال التوجيه الأمثل لشبكة الطاقة في المدينة كالإنارة العمومية بالطاقة الشمسية التي توفر الكثير من استهلاك الطاقة الكهربائية ومشاريع إنشاء محطات الشحن السيارات الكهربائية في المدن والإدارات والمرافق العمومية من أجل الحد من التلوث، وكذا بعث عدة وسائط للتكنولوجيا في المجال الحضري كتطبيقات النقل “Transportation Grid”.

ولاتزال حداثة التجربة الجزائرية في هذا الشأن تطرح العديد من التحديات لتجسيد الرقمنة، مما يحول دون تفعيل مقتضيات المدينة الذكية، ويظهر ذلك أساسا من خلال غياب إدارة إلكترونية فعالة، وتدني معدلات الاستثمارات الرقمية فيما يخص انترنغت الأشياء “IoT”، فضلا عن عدم مسايرة التخطيط الحضري لمستجدات الرقمنة “Smart Buildings”، وثقافة المساحات الخضراء، يقول كوريبعة في الختام.