الجزائر تعين سفيرا في إمارة موناكو ! … السيئة عندنا بعشرة أمثالها..

كحلوش محمد

أثار تسليم محمد عنتر داود، الخميس، للأمير، ألبرت الثاني أمير موناكو أوراق اعتماده بصفته سفيرا مفوضا فوق العادة للجمهورية الجزائرية الديمقراطية الشعبية لدى إمارة موناكو مع الإقامة في باريس، بعض الردود عبر وسائل الإعلام ومنصات التواصل الاجتماعي، معتبرين ذلك استسلاما من الجزائر وخسارة دبلوماسية بعد الأحداث الأخيرة التي شهدتها العلاقات بين الجزائر وفرنسا.

إن العارفين بخبايا العلاقات السياسية والدبلوماسية وخاصة الجيوستراتيجية التي تعني دراسة واختيار موقع إستراتيجي لدولة ما أو منطقة إقليمية، ومدى تأثير هذا الموقع في العلاقات السلمية والحربية، يفهمون الخطوة التي قامت بها الجزائر عندما أقامت علاقات دبلوماسية مع إمارة موناكو لثقل وزن هذه الإمارة خاصة وأنها مطلة على المتوسط، والتي سيكون لها هي الأخرى سفيرا في الجزائر.

اختيار الجزائر لإمارة موناكو، كان بدقة لا متناهية، ويدخل في إطار الصراع الخفي والحرب الدبلوماسية القائمين بين الجزائر وفرنسا، كما أن إقامة علاقات دبلوماسية مع إمارة موناكو المستقلة ذات الحكم الذاتي، هو رد غير معلن من الجزائر على دعم فرنسا لحركة الماك الإرهابية ودعمها لانفصال منطقة القبائل.

الجزائر التي استدعت سفيرها بباريس، وحظرت المجال الجوي أمام الطيران العسكري الفرنسي، وأنهت عقود الشراكة المبرمة مع عدة شركات فرنسية كانت تنهب الجزائر بتواطؤ من عصابة النظام السابق، وتتخذ اليوم إجراءات للتحقق من سلامة ممارساتها، بهذه الخطوة تكون قد وجهت لفرنسا رسالة مشفرة لا يفك تعقيداتها سوى العارفين بتوجهات الجزائر الجديدة ومعتقدات وأبجديات الدبلوماسية الجزائرية إضافة إلى القاعدة التي يعرفها الجزائريين  المبنية على مبدأ المعاملة بالمثل.

وحسب التطورات الحاصلة في العلاقات القائمة بين البلدين، يبدو أن الجزائر لن تقف عند هذا الحد بل هناك إمكانية للانتقال إلى أساليب ضغط أخرى على غرار دعم إقليم كورسيكا.

الأوراق التي تلعبها الجزائر في هذه الحرب الدبلوماسية، ستضعها في موقع قوة تجبر فرنسا ورئيسها ماكرون على الرضوخ لا محالة خاصة في ظل الشرخ القائم بين قصر الإيليزيه والشعب الفرنسي مع قرب الانتخابات الرئاسية هناك، والتي فيها حظوظ محدودة لماكرون الذي أصبح يستجدي باليمين واليمين المتطرف على وجه التحديد وتجلى ذلك في تصريحاته الأخيرة المستفزة.

ردود أفعال الجزائر لم يكن يتوقعها ماكرون بالرغم من أنه يعرف أن السيئة عندنا بعشرة أمثالها، وربما أكثر.

أيوب أمزيان

شارك المقال على :