الاثنين 14 جويلية 2025

الجلسات الوطنية للمجتمع المدني.. تتويج لمسار طويل صقلته التجربة ومكن بلادنا من تعزيز نسيجها المؤسساتي لأول مرة في تاريخها

نُشر في:
بقلم: أحمد عاشور
الجلسات الوطنية للمجتمع المدني.. تتويج لمسار طويل صقلته التجربة ومكن بلادنا من تعزيز نسيجها المؤسساتي لأول مرة في تاريخها

اختتمت، اليوم الأربعاء بالجزائر العاصمة، بعدما تواصلت خلال يومين، الجلسات الوطنية للمجتمع المدني أشغالها، بتقديم محاضرات حول دور المجتمع المدني في مواجهة التحديات الدولية ومساهمته في تحقيق أهداف التنمية الوطنية، وكان الوزير الأول أيمن بن عبد الرحمان، قد أكد أمس الثلاثاء خلال إشرافه على انطلاق هذه الأشغال أن الجلسات “تعد بمثابة تتويج لمسار طويل صقلته التجربة ومكن بلادنا من تعزيز نسيجها المؤسساتي لأول مرة في تاريخها”، وفي ما يلي البيان الختامي كاملا:

نحن المشاركون من فعاليات المجتمع المدني في أشغال الجلسات الوطنية للمجتمع المدني المنظمة تحت الرعاية السامية لرئيس الجمهورية السيد عبد المجيد تبون، وبتنظيم من المرصد الوطني للمجتمع المدني، والمجتمعون بمدينة الجزائر، يومي 20 و21 ربيع الثاني 1444 هـ الموافق 15 و16 نوفمبر 2022م:
1/ استنادا لأحكام الدستور التي تؤكد على بناء مؤسسات أساسها مشاركة كل المواطنين والمجتمع المدني، بما فيه الجالية الجزائرية في الخارج، في تسيير الشؤون العمومية، والذي يتضمن اعــتــرافــا بــالــطــاقــة الـتي يشكـلـهـا المجتمع المدني بكل فعالياته وفئاته في رفـع التحديات السياسية والاقتصادية والاجتماعية والثقافية للبلاد؛
2/ استلهاما من تاريخنا المجيد ومن نضالات شعبنا الجزائري الأبي وبطولات أمجاده، ونحن نحتفل بالذكرى الثامنة والستين (68) لثورة نوفمبر الخالدة، وإيمانا منا بقيم ثورتنا وتضحيات شهدائنا الأبرار الذين سقوا بدمائهم الزكية هذه الأرض الطاهرة، ووفاء لتضحيات أجيال الاستقلال المتعاقبة التي بذلت جهودا نفيسة ومهجا غالية في سبيل تحقيق استقرار وأمن وتنمية وازدهار بلادنا منذ استقلال البلاد الى يومنا هذا؛
3/ واستذكارا وتثمينا للجهود المخلصة لكل فعاليات المجتمع المدني التي كانت حاضرة في مختلف المحطات التي عرفتها البلاد من الأجيال المتعاقبة في حركية البناء والتطوير، وحرصا منا على مواصلة دعم مسيرة التنمية من أجل ضمان مستقبل أفضل للأجيال الحالية والمستقبلية؛
4/ وإدراكا منا للتحديات الوطنية والدولية، التي تتطلب وعيا ومسؤولية تاريخية تجاه وطننا وأمتنا، كما كنا دائما وفي مختلف المحطات، عبر توحيد الجهود بغية الحفاظ على بلادنا وتعزيز مكتسباتها، بما يسمح لها بتحقيق التنمية الوطنية الشاملة والمستدامة، والتموقع كفاعل أساسي في الساحة الإقليمية والدولية؛
5/ وإيمانا منا بالمبادئ السامية للديمقراطية، وعملا على توطيد الديمقراطية التشاركية وترقية ثقافة المشاركة المواطِنة النشطة والمسؤولة، وتكريس الحوار والتشاور بيننا وبين مؤسسات الدولة على المستويين الوطني والمحلي، بما يحقق التنمية الوطنية والمحلية وتحسين الخدمة العمومية، في إطار الحفاظ على الموارد والإستغلال الرشيد والفعال لها ضمن مقتضيات الحكامة والإستدامة؛
6/ وانطلاقا من وصفنا من طرف السيد رئيس الجمهورية بالحليف الاستراتيجي لإستقامة الدولة، ومن شعار جلساتنا الوطنية “المجتمع المدني ركيزة لبناء الجزائر الجديدة”.
فـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــإنــــــــــنـــــــــــــــــــــــــــــــا
أولا: نغتنم هذه السانحة للتعبير عن ما يلي:
1/ الإشادة بالمساعي والجهود التي يبذلها السيد عبد المجيد تبون، رئيس الجمهورية، انطلاقا من استكمال البناء المؤسساتي وترسيخ المسار الديمقراطي من خلال مختلف المحطات الانتخابية التي عاشتها البلاد، والتي جاءت استجابة للمطالب المشروعة التي رفعها الجزائريون في حراكهم السلمي. وصولا الى البرنامج الاقتصادي النهضوي الطموح، الذي وبالرغم من الظروف الصعبة التي مرت بها البلاد جراء تداعيات الأزمات التي عرفها العالم في السنتين الأخيرتين، إلا أن ملامحه بدأت تظهر من خلال المؤشرات الإيجابية لإقتصادنا الوطني.
2/ الإشادة بجهود الجزائر المبذولة على الساحة العربية والإفريقية والدولية، ولا سيما دورها في سبيل توحيد الصف الفلسطيني المجسد من خلال “إعلان الجزائر” المنبثق عن “مؤتمر لمّ الشمل من أجل تحقيق الوحدة الوطنية الفلسطينية”، وسعيها الى توحيد جهود الدول العربية ولم شملها خلال الدورة العادية الحادية والثلاثين لمجلس جامعة الدول العربية الذي اجتمع على مستوى القمة في الجزائر يومي 1 و2 نوفمبر 2022، وما أثمرته في إعلان الجزائر من التأكيد على ضرورة تعزيز دور فعاليات المجتمع المدني بجميع أطيافه وقواه الحية، خاصة وأن المرصد الوطني للمجتمع المدني الذي تم دسترته وإنشاؤه كهيئة استشارية تُعنَى بقضاياه وأدواره وانشغالاته، قد أصبح نموذجا يُحتَذى به. مما يجسد الرؤية السديدة لرئيس الجمهورية في جعل المجتمع المدني شريكا أساسيا على مستوى البلاد وحتى على مستوى جامعة الدول العربية.
3/ تثمين مخرجات نداء وهران المنبثق عن “منتدى تواصل الأجيال لدعم العمل العربي المشترك”، المنظم من قبل المرصد الوطني للمجتمع المدني، والمنعقد في مدينة وهران في 18 صفر 1444هـ الموافق 14سبتمبر 2022 م، لا سيما ما تعلق منه بإطلاق مسار تأسيس منتدى دائم للمجتمع المدني العربي تحت اسم “منتدى وهران للمجتمع المدني العربي” ليكون منصة وفضاء للحوار وتبادل الأفكار حول أمثل السبل للتكفل بالانشغالات والتطلعات المشروعة للشعوب العربية.
ثانيا: نرفع توصياتنا الى السلطات العمومية ولفعاليات المجتمع المدني وللمرصد الوطني للمجتمع المدني كما يلي:
1/ نوصي السلطات العمومية بما يلي:
• العمل على تعزيز وترقية دور المجتمع المدني بما في ذلك جاليتنا بالخارج، للمشاركة في بلورة وتنفيذ السياسات الرامية الى تحقيق التنمية الاقتصادية والاجتماعية للبلاد، وذلك عبر إدماج دوره في تصور وتجسيد السياسات والبرامج الوطنية والمحلية الرامية إلى تحقيق أهداف التنمية المستدامة، وخاصة دورها من خلال تعزيز الحكم الراشد وفق ما كرسه الدستور لا سيما في المواد 205، 210، و213.
• التأكيد على أهمية تضافر الجهود من أجل تعزيز القدرات الوطنية في مجال الاستجابة للتحديات المطروحة في مجالات الأمن الغذائي والمائي والصحي والطاقوي، مع التنويه بضرورة تطوير آليات المشاركة والشراكة والتشاور لتصور وتبني استراتيجيات مندمجة، لا سيما في إطار المخطط الوطني لتهيئة الإقليم وتنميته المستدامة.
• ضرورة تعزيز قدرات المجتمع المدني والسعي إلى تمكين جميع فعالياته من تقديم مقترحاتهم ومبادراتهم حول سبل مواكبة ومعالجة أبرز التّحديات الراهنة، بما يتيح لهم فضاء واسعا للعب أدوارهم كشريك دائم في تصور السياسات العمومية، وتسيير الأزمات ومواجهة التحديات، جنبا إلى جنب مع السلطات الرسمية، فضلا عن ضرورة تعزيز قدراتها في مجال المرافعة عن القضايا الوطنية ضمن دبلوماسية المجتمع المدني.
• السعي ضمن مشروع قانون البلدية والولاية، الى إرساء آليات حكامة محلية تشاورية وشفافة على مستوى الجماعات الإقليمية، تسمح بتفعيل مشاركة المواطنين والمجتمع المدني في تسيير الشؤون العمومية، وتعمل على رصد وصياغة احتياجات وتطلعات المواطنين، وتصبو الى تحقيق تنمية مستدامة، مندمجة، وشاملة لكل فئات المجتمع دون تمييز أو تهميش أو إقصاء، تشرك المرأة والشباب وذوي الإحتياجات الخاصة.
• مواصلة العمل على مرافقة المجتمع المدني وتعزيز وترقية دوره، لا سيما ضمن مشروع القانون العضوي للجمعيات وكذا مشروع القانون المتعلق بالحق النقابي، بما يكفل تحسين المنظومة القانونية والبيئة التنظيمية للمجتمع المدني، وبما يعمل على إزالة وتذليل جميع أشكال العوائق والعراقيل لتسهيل عمل الجمعيات والنقابات ونشاطها.
• ضرورة السعي الى تكريس الشفافية والنجاعة في تمويل الجمعيات ضمن مسار أخلقة الحياة العامة، ومراجعة آليات وكيفيات التمويل، لا سيما فيما يخص الإعانات المركزية والمحلية، من خلال اعتماد مؤشرات للنجاعة، بما يسمح بمرافقة ودعم الجمعيات وكذا حمايتها من كل أشكال المساومة أو الإقصاء.
• مواصلة المضي قدما في تجسيد مسار تعزيز وعصرنة الخدمة العمومية عبر تبسيط الإجراءات وتحسين الخدمات الإدارية، والرقي بها إلى مستوى تطلعات وطموحات مواطنينا، وتبني نُهُج تشاركية وتشاورية على المستويين الوطني والمحلي، عبر وضع هموم وانشغالات المواطن في صلب الأولويات، والاستفادة من الدروس والتجربة الناجحة لتنمية مناطق الظل.
• ضرورة العمل على مأسسة العمل التطوعي والتضامني كقيمة اجتماعية لتحقيق المنفعة العمومية والصالح العام، بالشكل الذي يحدد حقوق وواجبات المتطوع، ويسمح له بالمشاركة في تسيير الأزمات وتعبئة الإمكانيات الضرورية في الوقت المناسب وبالفعالية المطلوبة.
• السعي إلى تأطير إشراك الجالية في الخارج في القضايا الوطنية والعمل على تطوير مساهمتها في مختلف البرامج والنشاطات المتعلقة بالمجتمع المدني على المستوى الوطني وإدماجها في منظومة التنمية الوطنية وتطوير الإعلام والتواصل معها.
2/ ندعو فعاليات المجتمع المدني الى الإنخراط في المساعي الرامية الى جعل المجتمع المدني قوة اقتراح فعلية وفاعلة، لا سيما:
• التأكيد على التمسك بخيار التشاركية، والالتزام بالعمل جنبا الى جنب مع السلطات العمومية وفقا لمقتضيات الدستور، مع الحث على ضرورة تبني ميثاق للمشاركة المواطِنة ولأخلاقيات العمل الجمعوي لا سيما على مستوى الجماعات الإقليمية. بما يضمن الالتزام باحترام أدوار المسؤولين والمنتخبين المحليين وصلاحياتهم، والتحلي بروح المسؤولية والعمل سويا في كنف الثقة والاحترام المتبادل.
• ضرورة التوجه نحو احترافية وحوكمة العمل الجمعوي، عبر سعي الجمعيات الى تبني رؤية ومشاريع جمعوية، والعمل على إرساء تقاليد وممارسات فُضلَى، لاسيما من خلال إطلاق حركية تفاعلية وتواصلية بين فعاليات المجتمع المدني بجميع أطيافه وقواه الحية، عبر الاستفادة من الإرادة الحقيقية للدولة في جعل المجتمع المدني شريكا وحليفا، من خلال خلق فضاءات لتبادل الأفكار والنقاش المثمر والحوار البناء والتشبيك الجمعوي، بهدف تكريس الممارسات الجيدة والاستفادة من الخبرات والتجارب الناجحة، وتوحيد الجهود لرفع التحديات المطروحة بمشاركة الجميع.
• إعداد مدونات أخلاقيات العمل الجمعوي ضمن النظام الداخلي للجمعيات، بما يضمن وضع حد للممارسات السلبية وإبعاد الصورة النمطية التي كان يُسعى من خلالها إلى توظيف المجتمع المدني واستغلاله في غير الأدوار المنوطة به.
• ضرورة الوعي بالرهان الحقيقي للمجتمع المدني كحليف استراتيجي لاستقامة الدولة، والذي يضعه أمام ضرورة تحمل المسؤولية في ترقية القيم الوطنية والممارسة الديمقراطية والمواطَنَة، والمساهمة في تعزيز التضامن والتماسك الاجتماعي، والسعي الى تقوية الحس المدني لدى المواطنين، باعتباره عاملا أساسيا لبناء مجتمع قوي الانتماء، فخور بثقافته، متمسك بقيمه وذاكرته، محصن أمام التحديات المختلفة.
• ضرورة استغلال وسائل الاعلام ووسائط التواصل الاجتماعي فيما يخدم تسويق أنشطة المجتمع المدني وديناميكيته، وبما يساهم في رفع الوعي المجتمعي.
• ضرورة نشر ثقافة المشروع الجمعوي الذي يستجيب لمشكلات المجتمع، وتشجيع التخصص في العمل الجمعوي، والسعي الى ضمان انخراط المواطنين وتوفير سبل تمكينهم من المساهمة بقوة في تحويل مشاريع اليوم إلى واقع الغد.
3/ ندعو المرصد الوطني للمجتمع المدني، باعتباره هيئة إستشارية تعنى بقضايا المجتمع المدني الى ما يلي:
• وضع تصورات وأطر للتمثيل المحلي للمرصد الوطني للمجتمع المدني، وإرساء آليات للرصد وفضاءات للتشاور المحلي ونقل الانشغالات، ورفع توصيات حقيقية ونابعة من الواقع إلى السلطات العمومية، بشأن المسائل المتعلقة بالمجتمع المدني وترقية أدائه.
• المساهمة في إرساء آليات للتشاور والتفاعل والتواصل بين فعاليات المجتمع المدني والسلطات العمومية، بما يكفل إشراك ممثلي المجتمع المدني ومعاملتهم كقوة اقتراح وشريك حقيقي في عملية التنمية.
• ضرورة إنشاء منظومة رقمية لفعاليات المجتمع المدني، ومنصة تفاعلية تعنى بشؤون الحركة الجمعوية وإحصاء وتقييم أنشطتها.
• ضرورة ضمان مرافقة دائمة للجمعيات عن طريق تنظيم دورات تكوينية في مختلف المجالات، ولا سيما في تعزيز القدرات التسييرية والإعلامية، وكذا كيفيات وآليات صياغة وتسيير المشاريع، بما يساهم في تحسين الأداء الجمعوي وتأثيره الإيجابي على مختلف مناحي الحياة العامة.
• إعداد نظام وآليات لتقييم أداء المجتمع المدني من خلال تبني مؤشرات للأداء وقياس للنجاعة تتكيف مع واقع المجتمع المدني الجزائري.
وخـــــــــــــــتـــــــامــــــــــــا؛
نعرب عن عميق امتناننا وخالص إكبارنا وتقديرنا لرئيس الجمهورية، السيد عبد المجيد تبون، على ما بذله ويبذله من جهود قيمة لأجل تحقيق تعهداته، لا سيما في مجال دسترة المجتمع المدني وما أسداه من تعليمات تتعلق بضرورة إشراك المجتمع المدني في مختلف المناسبات، وحرصه على الاستماع إلى آراءه واقتراحاته، كما نعلن مساندتنا وانخراطنا في مساعيه وجهوده التي يقودها بكل حكمة وتبصر في مجال تعميق التماسك الاجتماعي ولم الشمل الوطني، وتحقيق التنمية الوطنية، وتعزيز مكانة الجزائر بين الأمم، ضمن رؤيته الطموحة للجزائر الجديدة.
عاشت الجزائر، حرة أبية آمنة ومستقرة ومزدهرة، المجد والخلود لشهدائنا الأبرار
رابط دائم : https://dzair.cc/13rj نسخ