الحكم الدولي السابق حيمودي يسترجع ذكريات مونديال البرازيل ..و يحذر الخضر من التحكيم الافريقي!

فتح الحكم الدولي السابق جمال حيمودي قلبه لجريدة “دزاير سبور” ، حيث استحضر أبرز المحطات التحكيمية التي أدارها خلال مسيرته الحافلة بالإنجازات مع البذلة السوداء والصافرة التي جاب بها مختلف ملاعب العالم أين قادته كفاءته ومثابرته بعد سنوات من العمل الدؤوب لإدارة أربع مباريات في نهائيات كأس العالم بالبرازيل 2014 في انجاز غير مسبوق له يحققه أي حكم أفريقي ، كما لم يفوت المتوج بجائزة أفضل حكم أفريقي لسنة 2013 فرصة إجراء هذا الحوار من أجل الحديث عن حكاياته مع نجوم الكرة المستديرة في بلاد السامبا.

بعد قرار اعتزالك التحكيم اختفيت عن الساحة التحكيمية فأين أنت الآن وماذا تفعل؟

أنا مستقر الآن بضواحي العاصمة الفرنسية باريس مع عائلتي، وأنشط في مجال التحكيم بمنصب مكون ومراقب للحكام الفرنسيين الصاعدين ، لقد ساعدتني فرنسا كثيرا وسمحت لي هذه الفرصة باخذ المزيد من التجربة على مستوى التكوين والتأطير وكذا التسيير. ويمكن القول بأن غيابي كان إيجابيا إلى أبعد الحدود.

” حزنت كثيرا لأنهم تجاهلوني بعد إنجازي في مونديال البرازيل”

هل تفاجأت لعدم تكريمك بعد إنجازك في كأس العالم 2014 بالبرازيل؟

لقد تفاجأت كثيرا لعدم استدعائي والاستفادة من خبرتي بعد مونديال البرازيل وهذا شيء حز في نفسي كثيرا خاصة وأن كل زملائي الحكام في الدول الأخرى تم استدعائهم عقب مونديال السامبا للاستفادة من تجربتهم الثرية على مستوى الإتحادات المحلية وهذا ماجعل التحكيم الجزائري يتراجع كثيرا على مستوى الإتحاد الأفريقي والدولي لأننا بطبيعة الحال لانعطي للكفاءات حقها .

ماهو سر بروزك وتألق على الصعيد العالمي ؟

كل حكم يلج سلك التحكيم عليه أن يحدد أهدافه أولا ، هناك حكام هدفهم الوحيد هو البروز والتألق على المستوى الوطني فقط وهذا حق مشروع ، لكن بالنسبة لي كان حلمي هو الوصول إلى المحافل العالمية من خلال إدارة مباريات كأس العالم وهذا ماتحقق ، ولن يتم هذا إلا بالعمل الدؤوب والثقة بالنفس والتحضير الجيد سواء من الجانب التكتيكي أو النفسي والمعرفة الصحيحة لتكتيك اللعب ومن هذا الجانب لم أقصر بتاتا .

حدثنا عن قصصك مع نجوم كرة القدم العالمية ، وكيف قمت بإدارة مباريات المونديال بطريقة رائعة ؟

أكثر مالفت انتباهي من خلال إدارة أربع مباريات لكأس العالم هي عقلية بعض النجوم داخل المستطيل الأخضر ، لقد سمحت لي المشاركة في إدارة مباريات المونديال للتعرف على نجوم العالم عن كثب فعلى سبيل المثال كان النجم الهولندي اريين روبن يحتج كثيرا على قراراتي ويطالب بمخالفات ثابتة وركلات جزاء ، لقد كان يحتج كثيرا خلال المواجهة، دون أن أنسى اللاعبين الإسبان وعلى رأسهم المدافع جيرارد بيكي الذي كان كثير الكلام معي تقريبا في أغلب القرارات الحاسمة التي أعلن عنها خاصة وأن الإسبان يتكلمون بطريقة سريعة كما أن بيكي يتقن جيدا الإنجليزية لكن هذا الأمر طبعا لم يؤثر علي إطلاقا لأن الثقة بالنفس كانت حاضرة وكنت على أتم الإستعداد لإدارة مباريات المونديال كما أريد أن أضيف شيئا آخر…

تفضل…

ينبغي على الحكم قبل إدارة أي مباراة أن يحضر جيدا من خلال معرفة مسبقة للخصم واللاعبين الذي يسعون للتأثير على قرارات الحكام ، هناك لاعبين مشاغبين يستعملون الحيلة كثيرا من أجل نيل مبتغاهم وهذه الميزة متوفرة عند لاعبي أمريكا الجنوبية على غرار كافاني وسواريز الذي حاول أن يوقع بي في أكثر من مرة من خلال الحيل التي كان يقوم بها ومناوشاته مع الخصوم إلا أن ذلك لم يجد نفعا معي حتى أنني قمت بإشهار البطاقة الصفراء في وجهه .

ماهي أبرز المواقف الغريبة التي تحتفظ بها خلال مسيرتك الكروية ؟

من بين المواقف التي احتفظ بها تلك المتعلقة بنهائي كأس أفريقيا 2013 بجنوب أفريقيا والذي جمع بين المنتخب النيجيري ونظيره الزامبي ، لقد كنت بجانب حارس نيجيريا فور إعلاني عن نهاية المباراة وتتويج منتخب بلاده ولقد حاول وقتها رفعي على ظهره من شدة الفرح ، كما أن هناك موقفا صعبا مررت به خلال إدارة المباراة الأولى بكأس العالم للأندية أين تعرضت لإصابة قبل بداية المواجهة لكنني أكملت اللقاء دون ملاحظات تذكر .

ماهي أصعب مباراة قمت بإدارتها خلال المسيرة التحكيمية ؟

مباراة نيجيريا وكوت ديفوار بجنوب أفريقيا 2013 في الدور ربع النهائي لكأس أفريقيا لأنها تزامنت مع انتقادات لاذعة للتحكيم الأفريقي وكان لزاما علي أن أقوم بواجبي على أكمل وجه وفي نهاية المطاف قدمت مباراة في المستوى وهو ماسمح لي بتعييني لإدارة المباراة النهائية .

أجمل مباراة على الصعيد العالمي…؟

لن انسى مواجهة بلجيكا والولايات المتحدة في الدور ثمن النهائي من مونديال البرازيل وكان مواجهة 120 دقيقة وتتطلب مجهود بدني كبير ، لقد كنت بمستوى الحدث وظهرت بمستوى فني عالي وتلقيت الثناء من قبل رئيس الفيفا وقتها جوزيف بلاتر في كأس العالم وهي المواجهة التي جعلتني أدير المباراة الترتيبية بين البرازيل وهولندا ويكفيني فخرا أنني كنت مرشحا لإدارة نهائي مونديال البرازيل 2014 .

ماهو أحسن ثنائي عملت بجانبه في مشوارك التحكيمي ؟

من بين الحكام الذي كنت على انسجام معهم ، هناك عبد الحق ايتشعلي الذي عملت معه كثيرا واشتغلت معه على جميع الأصعدة وهناك شكري بالإضافة إلى أحمد شرشار رغم أنه لم يكن يملك الشارة الدولية لكنه كان يملك مستوى عالي في التحكيم.

ماهي أبرز ذكرى وقعت لك عند إدارة مباريات البطولة الجزائرية؟

أتذكر أنني قمت بإدارة مباراة إتحاد العاصمة واتحاد الحراش في ربع نهائي كأس الجمهورية وكنت عائد إصابة اين أجريت عملية جراحية أما بالنسبة لأفضل شيء أحتفظ به على المستوى الوطني هي إدارة 5 نهائيات لكأس الجمهورية وهو الإنجاز الذي أدخلني التاريخ وافتخر به كثيرا.

“لم أسلم من ظلم حياتو بسبب الأهلي المصري”

ماهي أبرز العراقيل التي صادفتك على الصعيد الأفريقي ؟

لم أسلم من ظلم رئيس الإتحاد الأفريقي السابق عيسى حياتو سنة 2008 حيث قام بابعادي في التعيينات الخاصة بالحكام لإدارة المباريات في مختلف المنافسات الأفريقية ، لالشيء

سوى انني قمت باحتساب ركلة جزاء شرعية للأهلي المصري على حساب القطن الكاميروني في نهائي دوري أبطال أفريقيا الذي انتهى بفوز الأهلي وكانت تلك المدينة مسقط رأس حياتو لأجد نفسي بعدها خارج حسابات لجنة التحكيم الأفريقي لمدة سنة تقريبا.

” زطشي وروراوة لديهما سلبيات وايجابيات ولم نصل بعد إلى الإصلاح الحقيقي”

لو نقوم بمقارنة بين عهدة روراوة الأخيرة وعهدة زطشي على مستوى لجان التحكيم أيهما تفضل ؟

في العهدتين السابقتين كانت هناك إيجابيات وسلبيات ، فعلى سبيل المثال في عهدة محمد روراوة كان هناك حكام شاركوا في نهائيات كأس العالم وأنا كنت بينهم وفي عهد خير الدين زطشي تم اختيار الحكم غربال ضمن القائمة الأولية من أجل إدارة مباريات المونديال المقبل ، وفي كلتا العهدتين لم نصل إلى المستوى التسيير العلمي ولم نشهد إصلاح حقيقي على مستوى لجان التحكيم .

هل هو تهميش من روراوة و زطشي لعدم الإستفادة من خبرتك الطويلة في الميادين؟

ليس لدي أدنى فكرة حول السبب الحقيقي كما لايمكنني أن أجيب على هذا السؤال لأن الجواب بحوزة المسؤوليين الذي تعاقبوا على لجنة التحكيم ، ويبقى الأهم بالنسبة لي أنني قدمت الشيء الكثير لمجال التحكيم ولم أدخر جهدا لخدمة بلدي ورغم ذلك أتفائل خيرا من المستقبل .

” أملك مشروعا علميا وجاهز لخدمة وطني إذا توفرت بشروط”

رئيس لجنة التحكيم محمد غوتي رحب بفكرة عودتك إلى الوطن وخدمة التحكيم ، ماتعليقك؟

أشكر محمد غوتي لأنه تذكرني ، لكن قبل كل شيء يجب أن أعرف في البداية ماهو البرنامج الذي ينبغي علي أن أعمل من أجله فضلا عن المنصب الذي سأقوم بشغله على مستوى لجنة التحكيم والأشخاص الذين ساعمل معهم ، علي في البداية أن أطلع على المشروع من اجل العمل على المستوى البعيد ، من جهتي أملك مشروعا علميا بحثا يتماشى مع دفتر الشروط الحديث ، غير ذلك أنا جاهز لخدمة وطني في أي وقت .

كيف تقرأ واقع التحكيم الجزائري في الوقت الحالي ؟

لنكن واقعيين ، تجهيز كم كبير من الحكام الفيدراليين شيء جميل لكنه ليس معيارا للحكم على نجاح المشروع ، ينبغي علينا أن نركز على الكيف والنوعية وجودة الحكام وتأطيرهم بصفة لائقة ، يجب أيضا ان نكون حكام شباب تتراوح أعمارهم مابين 24 إلى 25 سنة وأن

نرافقهم كما يجب أن نمتلك ما اصطلح عليه بـ ” ببطاقة الحكم” وملف التأمين وجواز مسيرة الحكام ، ينبغي أن نولي اهتماما للتكوين القاعدي على أسس عقلانية وعلمية وفوق كل هذا يجب الأخذ بعين الإعتبار أنه من يمارس كرة القدم ينجح بنسبة كبيرة عند دخوله عالم التحكيم.

هل أنت مع استقلالية لجنة التحكيم ؟

أكيد ، شيء جميل أن تتمتع لجنة التحكيم باستقلاليتها بعيدا عن الضغوط حتى يتنسى لها القيام بدورها على أكمل وجه ، كما سيعود بالفائدة على الكرة الجزائرية ، فرسلكة الحكام في الوقت الحالي ضرورة حتمية في فترة زمنية تقارب 6 أشهر ، كما يجب مرافقة الحكم ومتابعته طيلة أيام الأسبوع وليس فقط عشية المباراة ،وأن تكون هناك تقارير مفصلة في كل نهاية أسبوع حول الحكام المعنيين بإدارة اللقاءات من تحضير بدني ونفسي جيد كما يمكننا متابعة الحكم بجهاز “الجيبياس” حتى ندرك عما إذا الحكم قد اشتغل بصفة جدية أثناء التدريبات ، فالحكم هو ممثل رئيسي في مباراة كرة القدم وإذا كان الأخير محضر بصفة جيدة للموعد فإنه حتما سيبخص حق اللاعبين وجهدهم كما سيؤثر على سيرورة المباراة وعليه يجب على لجنة التحكيم المركزية أن تولي عناية فائقة للتحضير البدني من خلال إنشاء لجنة مختصة في التدريب طيلة السنة.

“تقنية الفار لابد منها ويجب مسايرة تطور لعبة كرة القدم ”

ما رأيك كحكم دولي سابق في تقنية الفار وقدرة تطبيقها في البطولة الجزائرية ؟

اعتمدت الفيفا تقنية الفار للتقليل من الأخطاء التحكيمية ، وإعادة الإعتبار للفرق المظلومة التي تذهب ضحية سوء التحكيم ، وهذه التقنية صار لابد من الإعتماد عليها في الجزائر خاصة وأن دول مثل مصر وجنوب أفريقيا والمغرب ومؤخرا تم منح الإتحاد الغاني لكرة القدم الإعتماد من أجل تطبيق التقنية ، وهذه المعطيات تضعنا أمام الأمر الواقع ، وللعلم فإن الفيفا تقوم بإحصاء الإتحادات التي تعتمد على تقنية الفار وتعتبرها من الدول التي تواكب التطور لكن رغم ذلك لايجب التسرع في استعماله حتى يتأكد المختصون من قدرة الحكام الجزائريين من استيعاب التقنية وحسن استعمالها كما أريد أن اضيف شيئا آخر…

تفضل..

يجب علينا مسايرة التطور التكنولوجي للعبة، فهناك مثلا تقنية “فار لايت ” لاتتطلب إمكانيات مادية وعتاد كبير ، سوى كاميرات مراقبة محيطة بأرضية ميدان تكون ملتصقة بجنبات الملعب ويتم التحكم بها بجهاز كمبيوتر ، وهذا مايعتبر خطوة مهمة نحو تطبيق التقنية .

” على الفاف أن تتابع تعيينات حكام الكاف بكل حذر في تصفيات المونديال”

الفاف تقدمت باحترازات عقب فضيحة مباراة زامبيا ، ما تعليقك ؟

أنصح الإتحاد الجزائري لكرة القدم أن يكون يقضا وأن يتابع التعيينات الخاصة بالحكام خاصة مع انطلاق تصفيات كأس العالم 2022 فهناك بعض التعيينات متعمدة ويجب ان توخي الحيطة والحذر لكن بالمقابل يجب على مسؤولي الفاف أن يقوموا بقراءة التعيين كما ان الإحتجاج على المستوى الأفريقي والدولي لن يكون سوى قبل اللقاء تفاديا لمفاجأة غير سارة لأن الإحتجاج والطعن عقب المباراة لن يجدي نفعا ولن يغير من النتيجة النهائية للمباراة .

حاوره : كمال .ب