أثرت الأزمة المستمرة بين الجزائر وإسبانيا على الشركات الإسبانية وأدت إلى صعوبات اقتصادية وعواقب سياسية، حيث وفي محاولة منها لمعالجة الوضع ودعم الشركات المتضررة، أعلنت الحكومة الإسبانية، برئاسة بيدرو سانشيز، عن حزمة مساعدات مالية بقيمة 200000 يورو، تهدف إلى التخفيف من المصاعب التي تواجه الشركات الإسبانية نتيجة العقوبات الاقتصادية التي تفرضها الجزائر.
وفي هذا السياق، لم تؤثر العقوبات الاقتصادية التي فرضتها الجزائر على مدريد على الأعمال التجارية فحسب، بل أثارت أيضًا استياء رجال الأعمال الإسبان، والذي تحوّل إلى عواقب سياسية، حيث خسر الحزب الاشتراكي الحاكم الانتخابات المحلية والإقليمية الأخيرة لصالح الحزب الشعبي المنافس. وتهدد الانتخابات التشريعية المقبلة في يوليو سيطرة الحزب الحاكم على السلطة، مما دفع الحكومة إلى اتخاذ إجراءات سريعة.
وتأتي المساعدة المالية المقدرة بـ 200000 يورو، التي توزع مرة كل ثلاث سنوات، في موعد نهائي في 23 يوليو، بالتزامن مع الانتخابات التمهيدية التشريعية، وقد تم اتخاذ قرار تقديم هذه المساعدة بالاتفاق بين الحكومة الإسبانية وبروكسل، مما يدل على الجهد المشترك لمواجهة التحديات التي تواجهها الشركات الإسبانية والحفاظ على القدرة التنافسية داخل الاتحاد الأوروبي.
وقد شهدت العلاقات الجزائرية الإسبانية تدهورا في مارس 2022 ، بعد تحول غريب في موقف الحكومة الإسبانية من القضية الصحراوية، تمثل في التخلي عن موقف البلاد المحايد ودعم “خطة الحكم الذاتي” للنظام المغربي، ما حدا بالجزائر لأن تعتبره “موقفًا غير ودي” جعلها تقرر تعليق معاهدة الصداقة والتعاون وحسن الجوار الموقعة بين البلدين عام 2002.
وأثرت الأزمة على التبادلات التجارية بين الجزائر وإسبانيا بشدّة، حيث أدى انخفاض الصادرات الإسبانية إلى الجزائر بنسبة 55.9 في المائة عام 2022 مقارنة بالعام السابق، إلى تكبيد الشركات الإسبانية خسارة بلغت نحو 867 مليون يورو، ليستمر التراجع خلال السنة الحالية، بعد أن تراجعت الصادرات بأكثر من 93 في المائة في الأشهر الثلاثة الأولى من العام مقارنة بالفترة نفسها من عام 2022، وقد أثر هذا الانخفاض الحاد على قطاعات التصدير المختلفة، مما يسلط الضوء على خطورة الوضع.
ولم تنجح الجهود المبذولة لحل الأزمة بين الجزائر وإسبانيا حتى الآن، فبينما دعت إسبانيا الاتحاد الأوروبي إلى التدخل وممارسة الضغط على الجزائر لاستعادة العلاقات التجارية الطبيعية، فإن السلطات الجزائرية تنظر إلى الأزمة على أنها قضية ثنائية.