الدبلوماسي الجزائري والوزير السابق عبد العزيز رحابي: تحالف ثلاثي بين المغرب والكيان الصهيوني والإمارات لضرب علاقات الجزائر بدول الساحل

الدبلوماسي الجزائري والوزير السابق عبد العزيز رحابي: تحالف ثلاثي بين المغرب والكيان الصهيوني والإمارات لضرب علاقات الجزائر بدول الساحل

ذكر الدبلوماسي الجزائري والوزير السابق عبد العزيز رحابي، أن الأزمة الأخيرة التي حدثت مع باماكو تتجاوز القيادة العسكرية المالية التي انخرطت في هذه اللعبة، مؤكدا أن الأمر يتعلق بـ “تبادل للأدوار بين المغرب والكيان الصهيوني والإمارات للإضرار بعلاقات الجزائر مع دول الساحل”،

وأوضح رحابي في حوار له مع جريدة “الخبر” الجزائرية، أن التطورات الأخيرة مع مالي كانت مفاجئة وغير مطابقة لحقيقة وتاريخ العلاقات الجزائرية- المالية، إذ ليس للجزائر مسؤولية عمّا يجري في مالي. بل بالعكس، كانت الجزائر البلد الوحيد الذي حاول أن يجمع الفرقاء الماليين، وذلك كان بطلب رسمي من الرئيس المالي إبراهيم أبو بكر كايتا، إلى الرئيس الراحل عبد العزيز بوتفليقة سنة 2014، من أجل وساطة الجزائر وتحت ضمانات أمريكية وفرنسية وهو المسار الذي توج باتفاق 2015.

وأضاف الوزير السابق أن السلطات في مالي لم تراع هذا الرصيد في العلاقات بين البلدين، فقد كانت مالي قاعدة للثورة الجزائرية جنوبا، وساهمت الجزائر من جانبها في مساعدة مالي على بسط نفوذها على كامل بلادها وساعدتها في مكافحة الإرهاب، وهي اليوم (المجلس العسكري) تدخل في عملية إرساء نظام إقليمي جديد في المنطقة، يتجاوز إمكانياتها وقد يتجاوز خطابها السياسي الحالي.

وأبرز السفير السابق في إسبانيا والمكسيك، “أننا نشاهد اليوم ملامح نظام إقليمي جديد لقوى عظمى تنشط في مالي بالمناولة، يحاول أن يخلف النظام الذي تأسس بعد استقلال الجزائر، الذي يرتكز على تأييد كل الدول التي تعيش تحت الاستعمار وعلى استقلالية القرار، وأن تكون لدى الدول السلطة على المواد الأولية، وأن تكون المنطقة خالية من القوى العسكرية الأجنبية، وهذه النقطة مهمة كثيرا ونجحنا في ذلك منذ الاستقلال”.

ولفت الدبلوماسي الأسبق إلى أن النظام الإقليمي الجديد الذي يسعون لإرسائه، يسعى لخلق ضغط على الحدود الجنوبية للجزائر التي حاربت كل ما هو متعلق بفكرة وجود قوى أجنبية، وذلك باستغلال “نقطة الضعف بالنسبة لمنطقة الساحل هي الحدود غير المؤمنة، لأنها دول ضعيفة وليس لديها جيوش قوية ولا تملك الإمكانيات حتى تستثمر في تقوية جيوشها، وبالتالي تصبح من مسؤولية الجزائر أن تحمي حدودها وحدود جيرانها، يعني تؤمن ما بعد الحدود أو ما يسمى بحدود الأمن القومي”.

وعن الأطراف التي تمارس هذا الضغط وتستهدف الجزائر بشكل مباشر، لا يتحفظ رحابي عن تسمية 3 دول تمارس ما يقول إنه “توزيع الأدوار حسب إمكانيات كل بلد”، “فإسرائيل تضع الاستراتيجيات مع أمريكا، وبعض الدول مثل الإمارات تقوم بتمويل الاستراتيجية، ودول أخرى مثل المغرب تضطلع بدور تنفيذ الاستراتيجية بحكم أنها في المنطقة وتخدمها هذا الأجندة وهي حليفة للدول المذكورة”.

وبشكل عام، يقول الدبلوماسي الجزائري إن الساحل بحكم ضعفه، أصبح ساحة صراع ونفوذ من عدة قوى، فروسيا متواجدة عبر مليشيات فاغنر، والولايات المتحدة لديها قواعد عسكرية، بالإضافة إلى نشاط دول أخرى مثل إسرائيل والإمارات والمغرب، ولا يمكن أن نعزل ذلك عما يجري في أوكرانيا وما يحدث في فلسطين، فنحن نعيش حرب نفوذ لا تنحصر في أوكرانيا فقط، بل هي متحركة وفق قول رحابي.

وبحكم تخصصه في العلاقات الجزائرية- المغربية، يلاحظ رحابي أن الرباط تقوم بدور مناوئ للجزائر في هذه المنطقة الحساسة، من خلال التأثير على السلطات المالية التي باتت تستعمل نفس المفردات العدائية ضد الجزائر التي سبق للمغرب توظيفها في الأمم المتحدة، واستعمال ورقة اقتصادية غير واقعية، مثل منح دول الساحل ممرا نحو المحيط، تبدو غير موافقة تماما لجغرافية المنطقة، بحسب قوله.

وفي هذه النقطة، دعّم الدبلوماسي الجزائري كلامه بالقول: “لما تنظر إلى الخريطة الجغرافية لا يمكن أن تتصور أن دول الساحل تبحث عن مخرج نحو المحيط الأطلسي، هذا ليس منطقا جغرافيا ولا اقتصاديا، بل رسالة دبلوماسية واضحة أن هذه هي معالم النظام الإقليمي الجديد الذي يريدون تثبيته في منطقة الساحل، التي تحولت إلى منطقة تجارب لكل الدول”.

كما أن عناصر خطاب السلطات المالية الجديدة، يتابع رحابي، “يشبه كثيرا عناصر خطاب ممثل المغرب في نيويورك الذي اقترح في 2021 إجراء استفتاء في منطقة القبائل، والذي كان السبب الرئيسي لقطع العلاقات الدبلوماسية مع المغرب، فالتدرج في اللهجة يشبه كثيرا طريقة المغرب، وهي لهجة غير ودية وغير مقبولة”.

وكان المجلس العسكري في مالي قد أعلن في 25 يناير الماضي، إنهاء العمل بشكل فوري باتفاق الجزائر للسلام الذي يعود لسنة 2015، في خطوة تصعيدية عقب الأزمة الأخيرة مع الجزائر، وذكر أنه لم يعد من الممكن الاستمرار في الاتفاق بسبب عدم التزام الموقّعين الآخرين بتعهداتهم و”الأعمال العدائية” التي تقوم بها الجزائر، الوسيط الرئيسي في الاتفاق، على حد قوله.

وقابلت الجزائر ذلك بالإعراب عن أسفها وقلقها العميق، بعد إنهاء السلطات المالية العمل باتفاق السلام والمصالحة المنبثق عن عملية الجزائر، مبرزة خطورته بالنسبة لمالي نفسها، وللمنطقة برمتها التي تتطلع إلى السلام والأمن، وللمجتمع الدولي برمته الذي وضع كل ثقله ووسائله المتعددة لمساعدة الشعب في هذه الدولة على العودة إلى الاستقرار من خلال المصالحة الوطنية.