الرئيس تبون يرفض العودة إلى زمن عبادة الأشخاص وتقديس “الكادر”

يُصرّ بعض المغامرين والمراهقين السياسيين على العودة بقطار الجزائر الجديدة إلى الخلف، كلما حان موعد انتخابي أو أعلن الرئيس تبون عن قرارات سياسية مصيرية تهمّ البلد، غير عابئين بحجم التكاليف الباهظة التي قدمها والإنجازات التي حققها من أجل القطيعة مع عهد بائد كان يقتات على الممارسات البالية من أجل أن يحافظ على بقائه.

وفي هذا السياق، كشفت مصادر مطلعة، أن السلطات العليا في البلاد غير راضية عن بعض المشاهد المستفزة والمقززة التي طفت إلى السطح في الآونة الأخيرة، في محاولة بائسة إلى إعادة عقارب الساعة إلى الوراء تارة، والتسلق على ظهر إنجازات الرئيس من أجل الوصول إلى مآرب شخصية ضيقة دونما أي اكتراث بالانعكاسات الكارثية على رصيده السياسي والدبلوماسي والتنموي والاقتصادي، تارة أخرى.

لقد أكد رئيس الجمهورية منذ أن كان مرشحا لانتخابات 12 ديسمبر 2019 أنه لا ينتمي لأي تيار سياسي أو تنظيمي، وأنه يستمد طاقاته النضالية من انتمائه الوحيد إلى الجزائر وطنا وإلى الجزائريين شعبا، وحتى بعد استحقاقه لرئاسة الجمهورية عقب فوزه الباهر، سعى في كل سانحة على توضيح هذه الرؤية حتى لا يُساء فهمه من قبل متصيِّدي المناسبات السياسية ومتحيّني الفرص الانتخابية،  لكي يعيدوا ممارسات عبادة الشخص والتزلف إليه وتمجيد صوره المؤطرة أو ما يعرف بـ “الكادر”.

لقد أثبت  رئيس الجمهورية خلال مناسبات الرئاسيات الماضية والتشريعيات والمحليات والاستفتاء على الدستور أنه لا يرضى ولن يسكت عن مثل هذه الممارسات، والجميع يتذكر بيان رئاسة الجمهورية حينما أقدمت إحدى الجامعات، بمبادرة منها، على تكريم الرئيس تبون بطريقة وصفها البيان على أنها “تصرف سيء”، معتبرة أن هذه الطريقة “تعيد إلى أذهان الجزائريين حقبة مشينة”.

وتابعت رئاسة الجمهورية وقتها أنها “تتبرأ من هذا التصرف السيئ الذي لا يمت بصلة إلى طريقة تفكير السيد رئيس الجمهورية، ولا إلى التقاليد التي يعمل على ترسيخها منذ توليه رئاسة الجمهورية في إطار جزائر جديدة”.

إنّ تصريحات رئيس الجمهورية ليست مناسباتية تحتمل عدة أوجه أو يمكن العمل بخلافها في المستقبل، كما أنها لا تنطلق من فراغ، بل إنها تعبر عن قناعات مبدئية راسخة لديه، حتى إنه كان واضحا كل الوضوح حينما ألح عن استغنائه على لقب “الفخامة” مباشرة عقب إعلان فوزه في الرئاسيات، حيث اكتفى بلقب “السيد الرئيس” الذي جعله أقرب إلى الشعب من أيّ رئيس سابق، كما أنه يعلن عن سروره كلما ناداه الشباب الجزائري بـ “عمي تبون” التي تؤكد صدق الروابط العميقة وعفويتها بين الشباب والرئيس تبون.

إن المعولين على عودة تلك الممارسات التي عفا عنها عهد الرئيس تبون بعد أن جعلها من سمات الماضي البائس، الذي طوت الجزائر الجديدة صفحته، لن يجدوا بعد اليوم ما يحقق مآربهم الخائبة بإمكانية الانفراد بالحكم وعبادة الأشخاص، والتسلق على الإنجازات بغرض قطع الطريق أمام التداول السلمي الديمقراطي على الحكم، بعد أن أعلن الرئيس تبون القطيعة مع ذلك العهد البائد.

لن تعود الجزائر الجديدة التي رسم الرئيس تبون معالمها وأرسى قواعدها إلى الخلف، إلى إهانة الشعب الجزائري وإخضاعه وإذلاله وامتهانه، من قبل المسؤولين مهما كانت مراتبهم، من الأميار إلى الوزراء، فهم موظفون في خدمة الشعب الجزائري، ومن تقاعس منهم في أداء مهامه سيلقى عقوبته لا محالة، وقد شهد عهد الرئيس تبون إنهاء مهام وزراء وولاة لم يشرّفوا مناصبهم وخانوا أمانة الشعب الجزائري.