ذكرت منظمة “أويل تشاينج إنترناشونال” (Oil Change International) للأبحاث أنّ عدد شحنات النفط السعودية التي وصلت إلى إسرائيل بلغت 151 شحنة، خلال العدوان المتواصل على غزة حتى الثلث الأول من مارس 2024.
ومن خلال تَتَبُّع سلاسل توريد النفط الخام والمنتجات المكرَّرة إلى كيان الاحتلال الإسرائيلي، كشفت المنظمة عن أنّ “السعودية متورّطة بإيصال الشحنات عبر أذربيجان وكازاخستان، ومتواطئة أيضاً في إطالة أمد الحرب، إضافة إلى البرازيل”.
وأضافت أنّ الدول والشركات التي تواصل توفير الوقود لإسرائيل تلعب دوراً في تمكين العنف والقمع المستمر ضد الشعب الفلسطيني”.
وفي سياق متصل، نقلت صحيفة “غارديان” البريطانية عن خبراء في حقوق الإنسان قولهم إنّ “الدول والشركات التي تزوّد القوات الإسرائيلية بالنفط قد تكون متواطئة في جرائم حرب”.
وقال ديفيد بويد، مقرر الأمم المتحدة الخاص المعني بحقوق الإنسان: “إنّ الدول والشركات التي مدَّت إسرائيل بالنفط منذ قرار محكمة العدل الدولية تساهم في انتهاكات مروعة، وربما تكون متواطئة في الإبادة الجماعية في غزة”.
وسلّطت المنظمة الضوء على الدور المدمِّر الذي يلعبه النفط في تأجيج الإبادة الجماعية المستمرة ضد الشعب الفلسطيني، حيث أنه وبهذه الطريقة تقوم السعودية فعليًا بدعم الحرب الصهيونية بالوقود، ما يعني أنّ هذا الموضوع فى غاية الخطورة والأهمية من حيث أنه يعكس تغيرًا كبيرًا وواضحًا في السياسة السعودية تجاه الكيان الصهيوني والقضية الفلسطينية.
ومن هذه الناحية تكون السعودية قد سقطت في مفارقة كبيرة، إذ أنّ سياستها الخارجية المتشبثة بفلسطين وحقوق شعبها التاريخية في إقامة دولته وعاصمتها القدس الشريف واستقلاله وعودة لاجئيه، أصبحت من الماضي، وأضحى أعلان الملك فيصل آل سعود قطع إمدادات النفط عن الولايات المتحدة والدول الغربية تزامنا مع الحرب العربية الإسرائيلية في سنة 1973 سلوكا لا يتواءم مع سياسات ولي العهد محمد بن سلمان الذي لم يتخذ إلى الآن أيّ موقف في وزن مكانة المملكة العربية السعودية الدينية في العالم الإسلامي، باعتبارها مهبط الوحي ومحضن الحرمين الشريفين الذين يعاني ثالثهما، المسجد الأقصى، من التضييق الصهيوني والتهديد بالهدم وحتى الاستيلاء عليه وتحويله من وقف إسلامي إلى أرض محتلة.
تطبيع اقتصادي
صادرات النفط السعودي إلى الكيان، تمثّل خطوة على طريق التطبيع الاقتصادي بين الجانبين، والتي تسير وفق المؤشرات في منحى تصاعدي منذ إعلان ولي العهد السعودي محمد بن سلمان عن المفاوضات المتعلقة بإقامة علاقات دبلوماسية مع الكيان، بوساطة أمريكية.
ومن المرجّح أنّ المعاملات المرتبطة بتصدير النفط والمواد البترولية المكرّرة إلى الاحتلال قد بدأت منذ بعض الوقت، تتنزّل ضمن مبادرة “حسن نوايا” من الأمير محمد بن سلمان، وتعبيرا عن التزامه بمسار التطبيع تجاه تل أبيب وواشنطن التي تدير مفاوضات الصفقة، من خلال إتاحة موارد بلاده في أسواق الكيان.
ويمثّل النفط أحد أوراق التفاوض الاقتصادي والسياسي بين السعودية من جهة والاحتلال والإدارة الأمريكية من جهة أخرى، بشأن اتفاقية التطبيع، وفق ما نقلته تقارير صحفية.
ونقل تقرير لصحيفة “وول ستريت جورنال” الأمريكية، في أكتوبر الماضي، أنّ الرياض “أبلغت البيت الأبيض استعدادها لزيادة إنتاج النفط خلال العام الحالي، بهدف كسب ثقة الكونغرس، وإبرام اتفاقية دفاعية في مقابل اتفاق تطبيع مع إسرائيل”.
وتعكس السرية التي تدار بها عملية تصدير النفط السعودي عبر الموانئ المصرية، حرصا على عدم كشف هذه التعاملات في الوقت الراهن، تحسّبا من انعكاساتها السلبية على صورة السعودية إقليميا وعربيا في ظل العدوان المستمر على غزة، فضلا عن تناقضها الظاهري مع مواقف الرياض التي طالبت في وقت سابق بوقف تصدير الأسلحة إلى تل أبيب.