العدالة في صدراة الأولويات … بقلم أمين مرواني
فضلا عن الإنجازات الكثيرة المحققة في العهدة الحالية للمترشح الحر عبد المجيد تبون، في قطاعات شتى، وتنفيذاً للالتزامات الـ 54 التي تعهد بها أثناء ترشحه، تحققت مكاسب كبيرة في قطاع العدالة لم تنل نصيبها من الإشادة والتنويه، وساهمت في تكريس استقلالية القضاء.
هذه الاستقلالية، لا تعتبر مطلباً فئوياً لقطاع معين، وإنما هي مطلب شعبي نادى بها المواطنون خلال حراك الـ 22 فبراير المبارك، وذلك بتكريس قطيعة مع ممارسات الماضي التي أدخلت البلاد في نفق مظلم.
وتعهد المترشح عبد المجيد تبون، في تلك الفترة بإصلاح شامل لقطاع العدالة لضمان استقلاليتها وتحديثها، وتجسد ذلك في تعديل دستور الجزائر سنة 2020، لا سيما في الفصل الرابع تحت عنوان “القضاء”، حيث تم إدراج أحكام جديدة وضعت لأول مرة في أسمى قانون في البلاد، إذ يعتبر التعديل الدستوري قفزة نوعية نحو استقلالية مؤسسة القضاء.
وعززت المادة 180 من الدستور دور المجلس الأعلى للقضاء، بصفته الهيئة الضامنة لاستقلالية القضاء، من خلال دسترة تشكيلته لأول مرة، وجعل أغلبيتها قضاة منتخبون من قِبل زملائهم وإضافة عضوين من التشكيل النقابي، مع استبعاد وزير العدل والنائب العام لدى المحكمة العليا من عضوية المجلس الأعلى للقضاء، تكريسا لمبدأ الفصل بين السلطات.
ومن أجل ضمان احتكام القاضي للقانون وضميره فقط للفصل في النزاعات، نص دستور 2020 لأول مرة على التزام الدولة بتوفير حماية للقاضي، والتي من شأنها أن تعود بالنفع على المتقاضي صونا لحقوقه وحريته وذلك بتوفير الحماية المادية والمهنية للقاضي، من بينها عدم قابلية نقل قاضي الحكم إلا بشروط محددة قانونا، كما تم منح القاضي الحق في إخطار المجلس الأعلى للقضاء في حالة المساس باستقلاليته من أية جهة كانت.
وتأكيدا لنية رئيس الجمهورية في صون والرقي بقطاع العدالة، تم إقرار زيادات معتبرة في الأجور لفائدة القضاة مباشرة بعد توليه الحكم، بهدف توفير الحماية المادية لهم، ويكونوا في منأى عن مواطن الشبهة، وتسمح لهم بالعيش الكريم اللائق، مع التعهد بتحسين ظروفهم الاجتماعية بشكل أفضل مع صدور القانون الأساسي للقضاء.
وفيما يتعلق بحق الدفاع، عزز دستور 2020 ذلك بتوفير كل الضمانات القانونية لتنفيذه، بينما في باب التشريع، عرفت العهدة الأولى للمترشح عبد المجيد تبون، شبه ثورة في التشريع لم تحصل منذ الاستقلال، فتم تعديل وتحيين أغلب القوانين، لاسيما في قطاع العدالة ونذكر منها تعديل قانون العقوبات، وقانون الإجراءات الجزائية، وقانون الإجراءات المدنية، والقانون التجاري، وإصدار قوانين خاصة جديدة الهدف منها المحافظة على النظام العام، والسكينة، وحماية الحقوق الاقتصادية والمستهلك، ومن بينها قانون مكافحة المضاربة غير المشروعة، والذي من شأنه القضاء على ظاهرة جشع التجار باحتكار السلع وخلق الندرة من أجل رفع الأسعار، وهو ما من شأنه التأثير على القدرة الشرائية للمواطن، إضافة إلى قانون الوقاية من التمييز وخطاب الكراهية ومكافحتهما، الذي يهدف إلى صون قيم التسامح والاحترام، ونبذ التطرف، والكراهية، والعنف في المجتمع ، وقانون مكافحة التزوير واستعمال المزور الذي يهدف إلى أخلقة الحياة العامة وتكريس الشفافية في التعاملات.
ومن أجل حماية أراضي الدولة من التعدي عليها، والبناء الفوضوي، صدر القانون المتعلق بحماية أراضي الدولة، والقانون المتعلق بالحماية القانونية للمعلومات والوثائق الإدارية، الذي صدر بهدف ضمان المساواة في الانتفاع بالخدمات العمومية، وتجسيد مبدأ الشفافية والنزاهة الإدارية وحماية المؤسسات والمرافق العامة، وقانون الوقاية من عصابة الأحياء ومكافحته، الصادر سنة 2020، والذي أتى بتدابير لمحاربة ظاهرة العنف والاعتداءات مع ظهور نمط إجرامي جديد يتمثل في عصابات الأحياء، وغيرها من قوانين أخرى مستحدثة، هدفها المحافظة على وحدة التراب الوطني وتماسك مجتمعه ومحاربة كل ما من شأنه زعزعة استقرار البلاد ولحمة شعبه.
كما صدرت قوانين في مجالات اخرى مثل قانون الإعلام قانون الاستثمار وقوانين أساسية لقطاعات حيوية كالصحة والتعليم العالي والتربية والأئمة.
وعودةً لقطاع العدالة، وتحقيقا لمبادئ المحاكمة العادلة، سهر المترشح عبد المجيد تبون على استحداث هيئات قضائية استئنافية تجسد مبدأ التقاضي على درجتين، والمنصوص عليه في دستور 2020 وأنشأ 06 محاكم إداية اسئنافية من أجل تدعين رقابة القضاء على مشروعية عمل الادارة، كما تم إنشاء 12 محكمة تجارية متخصصة في إطار المسعى الشامل الرامي إلى تدعيم حركية الإستثمار والتجارة التي ميزها صدور القانون المتعلق بالإستثمار في جويلية 2022، والقطب الجزائي المالي والاقتصادي، الذي يعد جهة قضائية متخصصة يعهد إليه مهام التحري، التحقيق والحكم في القضايا الإجرامية الاقتصادية والمالية، لا سيما الأكثر تعقيدا منها، والذي شهد محاكمات تاريخية لرموز العصابة ومكافحة الجريمة المنظمة وتهريب الأموال، والقطب الجزائي الوطني لمكافحة الجريمة المتصلة بتكنولوجيات الإعلام والاتصال، نظرا لانتشار هذا النوع من الجرائم ووجوب مواكبته للوقاية منه ومكافحته.
كما وجب التنويه بالمجهودات الكبيرة المبذولة من طرف العدالة في إطار مكافحة الفساد واسترداد الأموال المنهوبة، والعائدات الإجرامية، تنفيذا لالتزامات المترشح عبد المجيد تبون، حيث شهدت قصور العدالة عدة محاكمات تاريخية لمسؤولين سابقين ورجال أعمال جزائريين وأجانب، تورطوا في قضايا اختلاس أموال عمومية، وإبرام صفقات مخالفة للتشريع وتبييض الأموال، وغيرها من الحرائم التي تمس بالاقتصاد الوطني.
ونفذت العدالة الجزائرية مئات الإنابات القضائية الدولية والوطنية لحجز واسترداد الأموال المنهوبة، مكن من استرجاع ملايير الدولارات للخزينة العمومية.
وفي شأن ذي صلة، متعلق بتسيير مرفق العدالة، شهد القطاع حركية حيوية بفتح عدة ورشات على مستوى نيابات الجمهورية من أجل قضاء مصالح المتقاضين، وتسهيل وحل عدة مشاكل كانت عالقة منذ سنوات طويلة، منها تصفية قاعدة البيانات المتعلقة بأوامر بالقبض، التصرف في المحجوزات لا سيما السيارات، تنظيم الأرشيف، رد الكفالات وغيرها من الإجراءات المتخذة التي تصب جميعا في مصلحة المواطن وتنظيم مرفق العدالة.