العقل الباطن و تأثير الصوت الداخلي (الجزء الاول )..بقلم/الكاتبة و والمستشارة **نادية بلعربي**

مروان الشيباني


 برمجتنا المسبقة كم هي قوية…!

تأثيرها العميق يستحوذ على كل جوانب حياتنا بشكل كبير،بل أنه يحتكر بغطرسة مصيرنا كله،ببرمجة قد نقشت قناعاتها بكل دقة  في شكل صور ذهنية منذ الطفولة ، إنه عقلنا الباطن أو اللاواعي و تأثيره على صوتنا الداخلي و بالتالي على إدراك عقلنا الواعي في حياتنا.

لقد ميز الله الإنسان بالعقل ، و جعله قدرة هائلة تنمو باستمرار بالتدريب المتواصل على مستوى الإدراك و الذاكرة  و الذكاء … حيث يمتلك كل واحد منا عقلا واعي وآخر لا واعي أو باطن.

ـ العقل الواعي هو ما تدركه من معلومات في وقتك الحاضر،والتي يقوم بتحليلها بالمنطق.يستقبل المعلومات التي يبرمج بها العقل اللاواعي أو العقل الباطن.يمكنه أن يكون قائدا أو مقودا من قبل عقلك الباطن و برمجته ، و ذلك حسب درجة إرادة التغيير، فكلما شحذته بقوة الإصرار والتركيز في تحقيق هدف ما تقدم بك نحوه و العكس صحيح.

ـ أما العقل الباطن أو اللاواعي  هو موطن المشاعر و الذكريات ، إنه نتاج تجاربنا السابقة ، له قدرة كبيرة على اختزان التجارب الإنسانية ، في ما يتعلق بماضي الفرد  الإيجابي منها والسلبي ،يظل يحركنا بكل عفوية و جدارة في كل مواقف حياتنا المختلفة  ، في تحدياتنا ، في مواجهاتنا للآخر، كما أنه مخزن مكون  للقيم و المبادئ، والميول و الاتجاهات ، يبلور شخصيتنا  بكل جوانبها و يحركها كما يشاء إنه ذلك الجانب العميق جدا في شخصيتنا ، القوي جدا في التحكم بمصيرنا ، لا يتوقف عن العمل و لا يرتاح .. يظل مستيقظا حتى في فترات النوم ، إذ ينظم سير أجهزة الجسم و تنفسه بشكل مستمر .

ولأنه لا يفرق بين الحقيقة و الخيال يمكننا انتهاج  إستراتيجية ذكية في التعامل معه و المسماة بالإيحاء . وكذا تحدث مع النفس من خلال  قوة التخيل،كما يؤكده آينشطاين إذ أنه يؤكد على أن الخيال أهم من المعرفة ، تصور معي مثلا: أن طائرة اليوم أو الهاتف النقال اليوم و غيرهم… كانوا خيالا فحلما فحقيقة ، كذلك بالنسبة لك نجاحك يمكن أن يكون خيالا فحلما فواقعا ..ثم عن طريق الصور الذهنية،بتفعيل قوة الاعتقاد  والتأمل هذا الأخير الذي يعيد ترتيب أفكارنا بهدأته التي تمسح بالسكينة على عقولنا ، فتخفض من درجة التوتر و القلق من أنفسنا ، إن هذا  التركيز الذهني الفعال الإيجابي سيمدك بطاقة مستوحاة من قواك الخفية ، ليمسح كل برمجة سلبية أوقعتك في الفشل، و يقودك إلى برمجة إيجابية تحقق لك  النجاح و التفوق ، هي التي يجب أن تكون عليها فعلا .إذ أنها لن تتحقق في حياتك إلا إذا نبعت إرادة هذا التغيير من داخلك .إذن ابدأ من الآن …يقول الله  تعالى : ﴿إنَّ اللَّهَ لا يُغَيِّرُ مَا بِقَوْمٍ حَتَّى يُغَيِّرُوا مَا بِأَنفُسِهِمْ﴾ [الرعد:11]

 وفي هذا الصدد تقول الدكتورة مريان ويليامسون :

 ” في استطاعتنا في كل لحظة تغيير ماضينا ومستقبلنا بإعادة برمجة حاضرنا” .

ترى كيف ذلك …؟

إنه في دراسة لإحدى جامعات كاليفورنيا حول التحدث مع الذات عام 1993م توصلت إلى أن أكثر من 80% مما نقوله لأنفسنا يكون سلبياً و هو يعمل ضد مصلحتنا .

فكما أن عقلنا الباطن  يحتفظ بالرسائل الإيجابية التي تدل على الوقت الحاضر ، يمكنه الاحتفاظ أيضا بالرسائل السلبية المدمرة ، لذا عليك أن تتفقد بحرص ما تطلقه على نفسك من صفات من خلال صوتك الداخلي ، هذا الأخير الذي يتحكم في  جميع  ردود أفعالنا بكل فعالية . تراك هل أدركت شدة تأثيره فيك سلبا أو إيجابا ،هل تفقدت كلماتك لما تحدث نفسك بالضعف و الفشل و الشكوى ، أو بالقوة والحزم و الشجاعة؟

الكاتبة و والمستشارة نادية بلعربي   

شارك المقال على :