اختتم وزير الشؤون الخارجية والجالية الوطنية بالخارج أحمد عطاف، اليوم الإثنين، أشغال الدورة العاشرة رفيعة المستوى حول السلم والأمن في إفريقيا.
وفيما يلي الكلمة الختامية الكاملة للوزير:
بسم الله الرحمن الرحيم
– معالي السيد Mamadou TANGARA، وزير خارجية جمهورية غامبيا الشقيقة ورئيس مجلس السلم والأمن الافريقي،
– فخامة السيد Olusegun Obasanjo، الرئيس السابق لجمهورية نيجيريا الفيدرالية الشقيقية والممثل السامي لمنظمتنا القارية في منطقة القرن الافريقي،
– أصحاب المعالي والسعادة،
– السيدات الفضليات والسادة الأفاضل،
– الحضور الكرام،
1- ونحن نختتم أشغالَ ندوتِنا هذه، يشرفني أن أنقل لكم تهاني رئيس الجمهورية السيد عبد المجيد تبون الذي يبارك نجاح هذه الدورة، وهو الذي تابع مختلف أطوارها وأحاطها بعناية خاصة بالنظر لأهميتها ودورها في تنظيم العمل الافريقي الجماعي.
2- كما أتوجه بأجمل عبارات الشكر والتقدير والعرفان للسلطات المحلية في هذه المدينة العريقة، وعلى رأسها والي الولاية السيد السعيد سَعيود، على كافة الجهود المبذولة والتسهيلات الموفرة للمساهمة في إنجاح أشغال هذه الدورة من مسار وهران، وهران الجمال، وهران البهاء، وهران اللياقة، ووهران الضيافة الأصيلة والمتأصلة.
3- لقد كان اجتماعُنا بحق تعبيراً حياً عن التضامن الافريقي في ظل ظرف عالمي شديد التأزم يملي علينا جميعاً الالتفافَ حول القيم والمبادئ والمثل التي قامت عليها ومن أجلها مُنظمتنا القارية وحشد قدراتنا في إطارها لمواجهة التحديات والأخطار التي تفرضها الأوضاع المضطربة إقليمياً ودولياً.
4- ولقد أثبت مسار وهران وهو يُطفئ شَمْعَتَهُ العاشرة أهميته وفعاليته ودوره المحوري في تقوية صف الدول الافريقية وفي إعلاء كلمتها تحت عنوان قارة موحدة، وقارة قوية، وقارة سيدة في مواقفها وقراراتها، وقارة مؤثرة في صنع القرارات الدولية، وبالدرجة الأولى تلك التي تعني استتباب السلم والأمن في مختلف مناطقها وفضاءاتها الرحبة.
5- ومن هذا المنظور، فإننا نرحب أيما ترحيب بالنتائج العملية التي أفضت إليها نقاشاتنا الثرية لتقييم هذا المسار الواعد بعد انقضاء عَقْدِه الأول، وهي النتائج التي من شأنها أن تعزز ما تم تَحْقِيقُه من مُكتسبات وإنجازات والبناء عليها لتقوية وتحصين الكتلة الافريقية بمجلس الأمن وبلوغ مستويات أعلى من التنسيق والتعاون خدمة لأهداف وأولويات قارتنا.
6- ويكفينا فخراً أن مجموعة الأعضاء الأفارقة بمجلس الأمن أضحت اليوم من أبرز الكتل السياسية بالمجلس ومن أكثرها تجانساً وتآزراً وترابطاً، ويكفينا فخراً أيضاً أن قارَتنا الافريقية باتت تَتَفَرَّدُ عن غيرها من التكتلات الإقليمية الأخرى بتمكنها من تحديد عهدة قارية يلتزم بها ممثلوها بهذه الهيئة الأممية المركزية.
7- كما أن توسع مجموعتنا الافريقية بمجلس الأمن لتشمل في عضويتها دولاً قررت الانضواء تحت رايتها، على غرار جمهورية غويانا (Guyana)، ليمثل بالنسبة لنا أهم مؤشر على المصداقية والجاذبية التي صارت تحظى بها مجموعة الأفارقة الثلاث في مجلسٍ بات مُكَبَّلاً بتناقضاته، وشِبْهَ مشلول بانقساماته، ومنعدم الفعالية والتأثير على مجرى الأحداث نظير استفحال الاستقطاب بداخله وإطلاق العنان لمنطق القوة والصراع في إطاره.
8- وفي ذات السياق، نثمن أيما تثمين التوافقات والالتزامات والتوصيات التي تمت بَلْوَرَتُها في إطار هذه الدورة وفق نظرة واقعية واستشرافية ترمي أساساً إلى تكثيف جهودنا الجماعية من أجل الاستجابة الهادفة والناجعة للتحديات الأمنية والسياسية في قارتنا.
9- ويتعلق الأمر على وجه الخصوص بظاهرة التَغْيِيرات غير الدستورية للحكومات التي بلغ اِنْتِشارُها مُستوياتٍ مقلقةً فرضت علينا تخصيص جلسة كاملة لمناقشتها وتدارس السبل الكفيلة بالتصدي لها والوقاية منها.
10- كما لم تُغْفِلْ جلساتنا ومداولاتنا خطورة تفشي آفتي الإرهاب والجريمة المنظمة التي باتت تلقي بكل ثقلها على مقومات السلم والأمن والتنمية والرخاء في قارتنا.
11- وبذات القدر، كان في التئامنا الحظ الأوفر لتبادل التحاليل والرؤى والاستنتاجات حول آفاق التعامل، بكل حكمة وبكل مسؤولية وبكل صرامة، مع تداعيات وإفرازات السياق الدولي الراهن المشحون بالاضطرابات والتوترات والاستقطابات.
12- ولا شك أن استعداد قارتنا للمساهمة في بلورة ملامحَ جيلٍ جديد من عمليات بناء وحفظ السلام في إفريقيا، وفق مبدأ الحلول الافريقية للمشاكل الافريقية، يُمثل وجهاً بليغاً من أوجه التزام قارتنا بالعمل الدولي متعدد الأطراف وحِرْصَها على الاضطلاع بالشطر المنوط بها من المسؤولية في إحياء وتفعيل منظومة الأمن الجماعي على النحو المنصوص عليه في ميثاق المواثيق، وهو ميثاق الأمم المتحدة.
13- ونَافلةُ القول، أننا نُسدل اليوم سِتارَ الدورة العاشِرة من مسار وهران بشعور مِلؤه الارتياح بما تم تحقيقه من نتائجَ طيبة في هذا الإطار والتطلع لإحراز المزيد على درب الدفع بهذا الهدف الاستراتيجي المتمثل في توحيد صوت قارتنا وتعزيز تأثيرها الإيجابي في أعلى هيئة أممية مختصة بالسلم والأمن الدوليين وفي باقي الهيئات والمحافل الدولية.
14- وعلى ضوء هذه النتائج الهامة والمخرجات البناءة، فإن الجزائر اليوم على أتم الاستعداد لتولي العهدة المنوطة بها في مجلس الأمن ملتزمةً تمام الالتزام بالتنسيق والتعاون والتضامن مع أشقائها الأفارقة، ومتمسكةً تمام التمسك بالنهج القويم الذي أرساه مسارُ وهران الخالص والمخلص لوجه إفريقيا، والراسخ والمترسخ في القيم والمبادئ الافريقية، والفريد والمتفرد بمقاصده وأهدافه ومراميه.
15- ومثلما أكد على ذلك رئيس الجمهورية السيد عبد المجيد تبون في أكثر من مناسبة، فإن الجزائر تتطلع بكل صدق وبكل إخلاص وبكل أمانة لرد جميل القارة الافريقية التي تبنت ترشيحها لهذا المنصب الهام وأحاطته بكافة سبل الدعم والعناية في جميع محطاته ومراحله الحاسمة.
16- فرد الجميل دينٌ، والوفاء بالالتزام فرضٌ، وصون الأمانة عهدٌ، واستحقاق الثقة وجهٌ من أوجه الإخلاص لما يخدم أحسن خدمة وأرقاها حاضر ومستقبل قارتنا.
17- شكراً على كرم الإصغاء، والسلام عليكم ورحمة الله تعالى وبركاته.