اللقاء التشاوري الثلاثي الأوّل: فرصة لتطوير التعاون ورغبة ملحّة لتكثيف التنسيق الأمني ووعي مشترك بخطورة التغيرات الإقليمية والدولية
قال الدبلوماسي التونسي السابق عبد الله العبيدي، إن هذا الاجتماع الثلاثي الذي جمع الرئيسين الجزائري عبد المجيد تبون ونظيره التونسي قيس سعيد ورئيس المجلس الرئاسي الليبي محمد المنفي، كشف في طياته رغبة ملحة لدى الدول الثلاث لتكثيف التنسيق الأمني بين حدودها المترابطة، في ظل تصاعد تدفق المهاجرين الأفارقة من جنوب الصحراء وبروز توترات أمنية خطيرة تنبئ بتجدد الاشتباكات بالأسلحة في ليبيا المنقسمة بالصراعات الداخلية.
وأضاف العبيدي، وفق ما نقله موقع “الجزيرة”، أن الجزائر استشعرت وجود مخاوف أمنية محدقة على حدودها البرية مع جارتها ليبيا نتيجة انتشار النزاعات والأسلحة وتغلغل أجنبي في ليبيا بقوات عسكرية من أميركا وتركيا وروسيا. وأشار إلى أن هذا يشكل تهديدا مباشرا على حدودها من قبل دول لديها أطماع في ثروات الجزائر الطبيعية كدولة كبرى منتجة للطاقة، حسب تعبيره.
ضغوطات
ويخشى الموقف التونسي من تفجر الأوضاع الأمنية في ليبيا ناهيك عن الضغوطات بسبب ما تواجهه البلاد من تدفق المهاجرين الأفارقة جنوب الصحراء القادمين من ليبيا والجزائر، وفق العبيدي، الذي يرى أن هذا التنسيق الثلاثي يعد وسيلة لتونس للعمل على مزيد من التأمين لحدودها.
ومع عدم توجيه الدعوة إلى المغرب وموريتانيا، يستبعد الدبلوماسي السابق أن يكون اجتماع القمة الثلاثية مقدمة لتأسيس كيان مغاربي جديد على أنقاض اتحاد المغرب العربي المعطل منذ 1994.
وتوترت العلاقة بين تونس والمغرب بسبب استقبال الرئيس سعيد رسميا زعيم جبهة البوليساريو الانفصالية إبراهيم غالي في 26 غشت 2022 بالمطار الرئاسي، بمناسبة مشاركته في الدورة الثامنة لندوة طوكيو الدولية للتنمية في أفريقيا.
من جهته، قال رئيس المرصد التونسي لحقوق الإنسان ومختص في الشأن الليبي، مصطفى عبد الكبير، إن الاجتماع بين سعيد وتبون والمنفي يعكس وجود وعي مشترك بخطورة التغيرات الإقليمية والدولية التي لا يمكن لأي بلد أن يتعامل معها بشكل منعزل خارج إطار توحيد المواقف والتنسيق الأمني والسياسي.
ويرى، وفق المصدر ذاته، أن هذا الاجتماع فرضته العديد من الظروف الجارية والملفات، أبرزها ملف الهجرة غير النظامية المتنامية والوضع الأمني المتوتر داخل ليبيا ومخاطر الإرهاب القائمة بالمنطقة والمسار السياسي لأنظمة البلدان الثلاثة.
وتابع أن تدفق المهاجرين باتجاه تونس كبلد عبور نحو أوروبا أصبح مرهقا لها وهي التي تعيش على وقع انتقادات كبيرة داخليا وخارجيا في علاقة بالتعامل مع حقوق المهاجرين، إضافة إلى الضغوطات الأوروبية بقيادة رئيسة الوزراء الإيطالية التي زارت تونس 4 مرات.
فرصة
وباعتقاد عبد الكبير، فإن هذه القمة مثلت فرصة خاصة للرئيس سعيد ليضمن التعاون مع ليبيا والجزائر لحماية الحدود ومنع التدفقات الكبيرة للمهاجرين.
كما يشكل عدم الاستقرار الأمني في ليبيا أحد العوامل الدافعة لعقد اجتماع القمة، لا سيما مع ظهور قوات أجنبية تركية وأميركية على الحدود التونسية بقاعدة الوطية على مسافة 27 كيلومترا من المعبر الحدودي “رأس الجدير” المغلق حاليا مع ليبيا، وهو ما يشكل مصدر قلق أمني للمنطقة، حسب كلامه.
وتربط تونس والجزائر علاقات اقتصادية قوية، إذ تمرر الجزائر الغاز لإيطاليا عبر تونس مقابل عائدات مالية وحصة من الغاز. كما قدمت الجزائر عددا من القروض بالعملة الصعبة لتمويل موازنة تونس في ظل الأزمة المالية التي تعاني منها.
كما تربط تونس وليبيا علاقات اقتصادية متينة، لا سيما فيما يتعلق بتصدير السلع الغذائية إلى ليبيا. وتنتعش التجارة في جنوب تونس بفضل توريد السلع من الجارة ليبيا.