المجلس العسكري في باماكو لا يحسب خطواته جيّدا.. ثلاثي الشرّ المخزني والصهيوني والإماراتي يخطط لجرّ مالي إلى أزمة أمنية داخلية خطيرة

لا تخلو الأزمة التي حدثت بين الجزائر وباماكو من بصمات أيادي الإثم والفجور لثلاثي الشر المغرب والكيان الصهيوني والإمارات، يحرك في صمت خيوط مؤامرة محبوكة بغرض النيل من الجزائر التي وقفت في وجه التطبيع بإفريقيا وبشكل علني منذ أن رفضت السماح للكيان الصهيوني بأن يكون عضوا مراقبا داخل مؤسسات الاتحاد الإفريقي.

صحيفة “لاباتري نيوز” الإلكترونية أشارت إلى أن وزير الخارجية المالي عبد الله ديوب استغل زيارته الأخيرة للمغرب، قبل نحو أسبوعين لعقد لقاء بمسؤولين صهاينة من أجل إبرام صفقة سرية، تحت رعاية واشنطن، وبتمويل كامل و “سخي” من قبل أبو ظبي، التي تولت رعاية صفقة لشراء العشرات من المسيرات التركية لصالح القوات المسلحة المالية بمبلغ 50 مليون دولار، وكذلك للتخفيف من وطأة الأزمة الاجتماعية والاقتصادية الحادة التي تمرّ بها مالي.

وفي مقابل هذا “السخاء” الإماراتي، يسعى ثلاثي الشر المخزني والصهيوني والإماراتي إلى دفع المجلس العسكري المالي لتأييد خطة الحكم الذاتي المغربية الميتة في الصحراء الغربية، ثم وكذلك غض الطرف عن الإبادة الجماعية التي يرتكبها جيش الاحتلال في غزة ضد الشعب الفلسطيني وخاصة في حقّ النساء والأطفال، وبالتالي فإن هذا الثلاثي الخطير على منطقة الساحل يسعى لأن “تدير مالي ظهرها للجزائر”، ما ينذر بعودة الصراعات القبلية والسياسية في مالي.

هذه الحسابات الضرورية يبدو أن العقيد عصيمي غويتا زعيم المجلس العسكري المالي، لا يأخذها في البال بتجاهله التام لاتفاق السلم والمصالحة الموقع في الجزائر عام 1995، وحيث يوشك جيشه على ارتكاب مجازر عنصرية وكراهية معادية للمسلمين الذين يشكلون أغلبية في شمال مالي.

إن المجلس العسكري المالي، من خلال تفضيله لتكتيكات القبضة الحديدية، في دولة ذات أغلبية مسلمة، يعطي جواً وكأنه نسي أن التوصل إلى حل دائم ومستمر للصراع في مالي غير ممكن من دون حوار هادئ وبناء، وهذا ما سعت إليه الجزائر دائما، دون أدنى نية للتدخل في الشؤون الداخلية والسيادية لمالي، لكن هذا الأخير، بتصرفه على هذا النحو، يتجه مباشرة إلى الحائط من خلال إثارة الكراهية العنصرية والدينية.

ويأتي المشروع الوهمي الذي يعرضه المغرب على مقاولي التطبيع في أبوظبي، والذي يزعم من خلاله أنّه بوسع دول الساحل الوصول إلى المحيط الأطلسي، كخطة بديلة للقبول بالكيان الصهيوني الذي جمدت المقاومة الفلسطينية مخططاته لاكتساح إفريقيا والعالم العربي، داخل أروقة الاتحاد الإفريقي، الساحة الدبلوماسية الكبيرة التي عاد إليها المغرب قبل سبع سنوات معترفا ضمنيا بالصحراء الغربية دولة مستقلة وهو يضمر استخدام تلك الساحة كمنطلق لاعتراف أكبر عدد من الدول الإفريقية بما يسمى “مغربية الصحراء”، وها هو المخزن بعد فشله الذريع يستخدم هذه الخطة البديلة التي تقوم على استخدام الصهاينة كعامل ضغط مسنود لواشنطن والإماراتيين المقتنعين بفكرة صهينة كل شيء كبنك لدفع تكاليفها التي كانت باهظة جدا على المغرب الذي فقد كلّ شيء من أجل سراب الحكم الذاتي في الصحراء الغربية.

ويبدو أنّ باماكو تسير على أعقاب هذه الخطوات الفاشلة التي لن تجد لها هدفا واضحا وثابتا وأكيدا، باعتزامها الدخول في تحالفات جهنمية ستكلفها غاليا هي الأخرى، إذ سيكون من الصعب عليها التخلي عنها لاحقا، وستضطر إلى مواجهة أزمات أمنية داخلية معقدة بتعقد بنيتها العرقية، ولن تجد خلاصا لها إلا بالعودة إلى طاولة المفاوضات التي نادت بها الجزائر منذ زمن حينما سعت للم شمل الفرقاء الماليين عبر اتفاق الجزائر للسلم والمصالحة في 2015.