في كلّ عام يُجبر المخزن المغاربة على مخالفة الأمّة الإسلامية في توقيت أهم فروض الإسلام وأركانه، صيامُ شهر رمضان، والوقوف بعرفة، وما يتبعهما من احتفال بعيدي الأضحى وعيد الفطر.
فلا تكاد تمرُّ مناسبةٌ دينية، في كلّ عام، يتوجب على المسلمين فيها رصد الهلال، إلا وكان لنظام المخزن فيها رأي مخالف لهم، فتصدر مؤسسته الدينية فتاوى غريبة مريبة بالصيام والاحتفال بالعيد بعدهم، وكأنّها ترى في مخالفة الأمة الإسلامية واجبا يفرضه عليها الدين، بينما من يجبرها في الحقيقة على فعله هو نظام المخزن الذي يريد أن يفرض تصوراته على الجميع ويخالفهم.
لم يكن هذا الخلاف المستغرب من قبل جميع المسلمين، والذي دأب المخزن على الظهور به، سياسيا فقط كما اشتهر عليه في تفنّنه في التطبيع مع الكيان الصهيوني عدو الأمتين العربية والإسلامية، بل حتى دينيا وثقافيا، وهذا ما يفسّر العزلة التي فرضها هذا النظام القمعي الاستبدادي على الشعب المغربي الشقيق، الذي يعاني من العزلة الجغرافية أصلا، والتي تبعده عن الاندماج وجدانيا مع جذوره الإسلامية والعربية والأمازيغية والمغاربية والإفريقية، فزاده نظام المخزن عزلة على عزلته.
الحجاج المغاربة الميامين يضطرون هذا العام أيضا، وككلّ عام، لأن يعيشوا حالة من الانفصام بينهم وبين أهاليهم في الوطن، فهم يشهدون المناسك مع الأمة الإسلامية جمعاء في مكة وعلى صعيد عرفات الطاهر، وأيضا خلال الاحتفال بيوم النحر الأكبر وما يصاحبه من مشاعر تجمع بين عبادة الله والشعور بالانتماء إلى أمّة واحدة لها قبلة واحدة ومشاعر مشتركة وتمارس عباداتها ومناسكها في لحظة محدّدة.
الحجاج المغاربة يدركون هذا الانفصال النفسي والغربة المشاعرية حينما يجرون اتصالات بذويهم، فيقفون على الفرق في أداء المناسك، ويدركون أنهم لا يخالفون المسلمين فحسب، بل إن المخزن أجبرهم كمغاربة على أن يخالفوا المغاربة أيضا.
لقد حذر رسول الإسلام المسلمين في خطبة الوداع من كيد الشيطان فقال لهم: ” إنَّ الشَّيطانَ قَد يَئسَ أن يُعبَدَ بأرضِكُم ولكنْ رضِيَ أن يطاعَ فيما سِوى ذلكَ مما تَحاقَرون من أعمالِكُم فاحذَروا إنِّي قد ترَكْتُ فيكم ما إنِ اعتصمتُمْ بِهِ فلن تضلُّوا أبدًا كتابَ اللَّهِ وسنَّةَ نبيِّهِ.”، وإنّ ما يقوم به المخزن هو تماما ما يفعله الشيطان مع المسلمين من بثّ للفرقة ونشر للفتنة والخلاف، فوجب عليهم جميعا أن يرجموه حتى يطردوه من بينهم ويبعدوه عنهم ويتخلصوا من مكائده ووساوسه.
أحمد عاشور