الأحد 22 جوان 2025

المخزن المغربي… تاريخ حافل بالخيانة والغدر على مر الأزمنة والعصور

نُشر في:
بقلم: كحلوش محمد
المخزن المغربي… تاريخ حافل بالخيانة والغدر على مر الأزمنة والعصور

يعرف المخزن المغربي بإتقانه للخيانة بامتياز، كيف لا وتاريخه المشين حافل بالخداع والمكر على مر الأزمنة والعصور، مستعينا ومستقويا بالغير، ضاربا خصال حسن الجيرة عرض الحائط.

قبل 3 قرون… خيانة المغرب للجزائر في عهد السلاطين

وفي كرونولوجيا الأحداث، ومنذ ثلاثة قرون سجل التاريخ تعدي المخزن على الجزائر بتدبيره للمكائد والدسائس، حيث كشف عديد الخبراء عن إثباتات تاريخية مدونة بأقلام عربية وغربية حول مكر المخزن وطعنات الغدر التي تسببت فيها ضد الجزائر عبر عديد المحطات.

وتترسخ صفات الخيانة ونقض العهود بانتهاج السلاطين المغاربة كل السبل للاستيلاء على التراب الجزائري، حيث لم يقتصر الأمر على بعض المدن الحدودية كتلمسان، بل إن أطماعهم التوسعية امتدت إلى أزيد من 500 كلم عن تلمسان.

ووصلت جيوش المغرب في مرات عديدة إلى جديوية قرب غليزان وإلى حدود نهر الشلف في مساعيهم إلى احتلال الجزائر والتوغل أيضا نحو جنوب الصحراء، مستعينين بالبرتغاليين والإسبان في عديد المرات، ناهيك عما قام به السلطان المنصور الذي طلب النجدة من القوات البرتغالية في سبيل احتلال الأراضي الجزائرية، طالبا إمداده بـ 12 ألف مقاتل مقابل تنازلات يقدمها لهم.

ورغم كل الطعنات، فقد حافظ الجزائريون على مبادئ الأخوة وحسن الجوار وسيادة البلد الآخر، حيث كان بإمكانهم وعبر مراحل تاريخية عديدة إثارة فتنة داخل الأسرة الحاكمة انطلاقا من الطلبات المتكررة لبعض القبائل المغربية التي كانت تراسلهم وعلى رأسهم الأمير عبد القادر الجزائري، من أجل الثورة على السلطان آنذاك، ورغم الخيانات المغربية لأمير الجزائر إلا أنه أبى الاستجابة لدعوات القبائل الغاضبة على السلطان المغربي.

خيانة المغرب للأمير عبد القادر الجزائري

من جهتها، تطرقت صحيفة نيويورك تايمز الأمريكية إلى مقال يعود تاريخ نشره إلى شهر فيفري 1873 ، مؤكدا أن الهزيمة التي مني بها الأمير عبد القادر لا تعود لتفوق الجيوش الفرنسية، بل للخيانة التي تعرض لها من قبل السلطان المغربي، مولاي عبد الرحمان الذي تحالف مع العدو الفرنسي لمحاصرته.

ففي سنة 1844، أبرم السلطان عبد الرحمان مع فرنسا معاهدة طنجة، للتخلي عن الأمير عبد القادر، ناهيك عن إرسال جيشه لمحاصرة جيش الأمير عبد القادر الذي كان محاصرا من قبل جيش الاستعمار الفرنسي.

حرب الرمال… وصمة عار على جبين المخزن

الـ 8 أكتوبر 1963، تاريخ آخر يضاف إلى سجل خيانات المخزن، خصوصا وأنها جاءت مباشرة بعد نيل الجزائر لاستقلالها، وخروجها من حرب التحرير منهكة، ضحت فيها بالنفس والنفيس.

عيون المخزن المخادعة، كانت تراقب عن قرب ميلاد دولة جزائرية جديدة ومستقلة، وبعد عام وبضعة أشهر من الاستقلال،  فيما اصطلح على تسميته بحرب الرمال التي قدمت فيها الجزائر 800 شهيد في أول حرب حفاظا على وحدتها الترابية.

وبدأ المخزن في أطماعه التوسعية الاستعمارية على ولايتي تندوف وبشار الجزائريتين في شهر أكتوبر 1963، لكن محاولته باءت بالفشل واصطدمت بقوة وصلابة الجدار الجزائري المسقي بدماء الشهداء، بالرغم من كون فرنسا أكبر بائع للأسلحة إلى المغرب في ذلك الوقت.

حالات اللا استقرار الداخلي في المخزن دفعت الملك الحسن الثاني إلى الدخول في نزاعات مع الدول المجاورة لتعزيز النظام، واستغلال ذلك لقمع الاتحـاد الوطني للقوى الشعبية، كونه كان يخشى من التيار المغربي وتوجهاته الناصرية وعلاقاته مع الجزائر، وما يمثله ذلك من تهديد للعرش الملكي.

لقد كان المغرب يعيش وضعا اقتصاديا واجتماعيا متدهورا، زادته حدة نتائج الانتخابات التشريعية في 17 ماي 1963 حيث فازت المعارضة بالأغلبية المقدرة بـ 56.5 بالمائة من مجموع الأصوات، مما يعكس الفشل السياسي للملك والرفض الشعبي لأعضاء حكومته، خصوصا بعد تنديد المعارض المغربي مهدي بن بركة من منفاه بالجزائر في أكتوبر 1963، بالاعتداء على الثورة الجزائرية من طرف الملكية الإقطاعية، وهذا ما أعطى فرصة للسلطات المغربية لإيهام الأحزاب السياسية بالخيانة، وهو ما ساهم في إضعافها بشكل تدريجي.

كما تحالفت “الجارة الخائنة” مع الصهاينة بشكل سري منذ بداية الستينات من القرن الماضي” عندما أرسلت إسرائيل للمغرب في أكتوبر عام 1963 طائرات حربية من “طراز مستير” ودبابات من صنع فرنسي لمواجهة القوات الجزائرية (وردت هذه المعلومات في دراسة بعنوان (إسرائيل والمغرب) التي كتبتها الباحثة الإسرائيلية إينات ليفي عام 2018 في المعهد الاسرائيلي للسياسات الخارجية الإقليمية).

وتوقفت المعارك في الـ 5 نوفمبر 1963، بوساطة الجامعة العربية ومنظمة الوحدة الأفريقية، هذه الأخيرة أقدمت على إبرام اتفاقية لوقف نهائي لإطلاق النار في 20 فيفري 1964 في مدينة باماكو عاصمة مالي، بقيادة الإثيوبي هيلاسيلاسي، بصفته رئيسا لمنظمة الوحدة الأفريقية، حيث وقّع الاتفاقية كل من الرئيس الراحل أحمد بن بلة والحسن الثاني.

كما لم يتوقف المخزن المتصهين عن زعزعة استقرار المنطقة، ونفث سمومه تجاه الجزائر، خصوصا مع الموقف الجزائري الرافض لاحتلال الصحراء الغربية، ومرافعتها لحق تقرير مصيرها، وفق مبدأ ثابت تجاه المستضعفين من أصحاب الحقوق.

اغتيال ثلاثة جزائريين عزل… همجية مخزنية وغدر “الأشقاء”

وبلغ استفزاز وتحرش المخزن بالجزائر أشده، عقب اغتيال ثلاثة رعايا جزائريين بقصف همجي لشاحناتهم على محور نواكشوط – ورقلة، محاولة منه جر الجزائر إلى مستنقع التوتر المفتوح على كل الاحتمالات والذي سيدفع فاتورته الغالية لوحده -المخزن-، وهو ما قابلته السلطات الجزائرية بحكمة ورصانة.

ويكشف نظام المخزن المغربي بلجوئه لعمل ارهابي “حقير وجبان”، كامل أوراقه، ليؤكد للرأي العام الدولي ممارسته لصفة “ارهاب دولة” مكتملة العناصر.

وكانت رئاسة الجمهورية، قد أكدت في بيان لها أن عدة عناصر تشير إلى ضلوع المغرب في ارتكاب هذا الاغتيال الجبان بواسطة سلاح متطور”، معتبرا أن اغتيال ثلاثة رعايا جزائريين بشكل جبان في قصف همجي لشاحناتهم أثناء تنقلهم بين نواكشط وورقلة، في إطار حركة مبادلات تجارية عادية، بين شعوب المنطقة يعد مظهرا جديدا لعدوان وحشي يمثل ميزة لسياسة معروفة بالتوسع الإقليمي والترهيب.

وأضاف البيان، أن السلطات الجزائرية قد اتخدت على الفور, التدابير اللازمة للتحقيق حول هذا العمل الحقير, وكشف ملابساته، مؤكدا أن اغتيال الجزائريين الثلاثة في غمرة احتفال الشعب الجزائري بالذكرى ال 67 لاندلاع ثورة التحرير الوطني المجيدة في الفاتح نوفمبر 2021، “لن يمضي دون عقاب”.

وعلى هذا الأساس، فإن الجزائر التي قررت قطع علاقاتها الدبلوماسية مع المملكة المغربية بتاريخ 24 أغسطس 2021، ترفض أي وساطة أو محاولة للتقريب بين البلدين لأنه “لا يمكن المساواة بين المعتدي والمعتدى عليه”، مثلما شدد عليه رئيس الجمهورية في لقاء سابق مع الصحافة الوطنية، إذ أن الاعتداءات المغربية المتكررة تنم عن استدراج مبيت وتدبير كيدي، يبدو أنه آخر ما بقي في جعبة المخزن بعد اصطدامه بأفق مسدود بسبب الإخفاقات المتتالية لسياسته الداخلية والخارجية.

ومن بين أخطر الأعمال العدائية التي قام بها المغرب، تعاونه مع المنظمتين الإرهابيتين المدعوتين “ماك” و”رشاد” اللتين ثبت ضلوعهما في الجرائم الشنيعة المرتبطة بالحرائق المهولة التي شهدتها عديد ولايات الجمهورية سابقا، إلى جانب عملية التعذيب والقتل الهمجي الذي راح ضحيته المواطن جمال بن اسماعيل.

كما كشفت الفضيحة السيبرانية الاجرامية التي لا تقل خطورة عن سابقاتها والمتعلقة ببرنامج “بيغاسوس”، بما لا يدع مجالا للشك، عمليات التجسس الكثيفة التي تعرض لها مواطنون ومسؤولون جزائريون من قبل الأجهزة الاستخباراتية المخزنية، بدعم من شركة صهيونية.

كل هذه الأفعال العدائية التي قام ولا يزال يقوم بها النظام المخزني تجاه أشقائه، تساهم في تأجيج الأوضاع في المنطقة، وتبقيها على صفيح ساخن خصوصا مع استقوائه بالكيان الصهيوني وفتحه المجال له على مصراعيه.

وفي الأخير، يمكن القول أن المخزن بخياناته المعهودة، لن يتوقف عن عدائيته، ولن ينسى عاداته، ومد يده للجزائر في خرجات ملكهم محمد السادس هو سم مدسوس في العسل بالغدر والطعن في الظهر.

رابط دائم : https://dzair.cc/9dz2 نسخ