المخزن يحاول استفزاز الجزائر ويتهمها بافتعال حرب لا توجد إلا في مخيلته التي تبحث عن مخرج لمأزقه الدبلوماسي في الصحراء الغربية
يحاول نظام المخزن بعد إفلاسه الكبير، على خلفية فشل جميع مساعيه في تزوير الحقائق، صناعة واقع وهمي ومزعوم يجعل العالم يقبل بخرافة “مغربية الصحراء”، بعيدا عن الشرعية الدولية التي لا مناص من تحكيمها، ليبدأ مغامرة جديدة نحو المجهول بإيعاز من الكيان الصهيوني.
وفي هذا السياق، يبدو أن نظام المخزن قد افتتن بالحرب التي يشنها جيش الاحتلال الصهيوني ضدّ الشعب الفلسطيني وعدوانه السافر على لبنان، وبلغ به هوس تقليد الكيان في الاحتلال والتوسع والاستيطان وزعم امتلاك أراضي الغير، إلى أن يلوّح بالحرب ضدّ الجزائر!!
هذا التلويح الغريب جاء على لسان وزير خارجية المخزن، ناصر بوريطة، الذي أطلق تصريحات تمزج بين التهديد والتوريط، حينما ادعى أمام برلمان بلاده بأن الجزائر “تجرّ المنطقة إلى مواجهة مفتوحة”!!
بوريطة الذي لم يقدّم أدلة ولا براهين على كلامه المرسل والملقى على عواهنه، كلام لا يعكس لا واقعا ولا حقائق، يكون قد ارتكز على ضياع أوهام المخزن في ضم الصحراء الغربية بشكل رسمي وقانوني يستند إلى الشرعية الدولية، التي لا مناص عنها في وضع آليات لحلّ دائم وعادل للقضية الصحراوية.
لم يجد بوريطة “المهبول” ما يبرّر به حاجة بلاده لتشويه سمعة الجزائر دوليا وإقليميا من أجل اكتساب شرعية مزعومة، على غرار سيادة مخزنية مزعومة على الصحراء الغربية، سوى أن يقحم الجزائر ويزج بها في أتون حرب لا تريدها، ليس لأنها غير مستعدة لها أو غير قادرة على خوضها، ولكن لكونها تتشبث بمبادئها بعدم التدخل عسكريا في أيّ منطقة كانت حتى ولو في الجوار، أو الانجرار في حروب لا تنسجم مع رؤيتها لضرورات السلام والاستقرار في الإقليم.
وزير خارجية القصر العلوي زعم أنّ الجزائر تسعى إلى التصعيد مع المغرب، وأنّ الحرب التي تريد شنها ضد المملكة والتي لا توجد إلا في رأسه المريضة، تحاول من ورائها “إفساد المكاسب التي جمعها المغرب على الساحة الدولية في قضية الصحراء والتي من بينها الاعتراف الفرنسي بمغربية الإقليم”، دون أن يعود إلى عقله الذي فقده، حيث أنه لم يعد يذكر تهديدات مسؤولين صهاينة انطلاقا من الأراضي المغربية للجزائر.
إن من يسعى فعلا إلى الحرب هو من تحالف مع كيان مجرم مجبول على العدوان وعلى قصف الأبرياء والآمنين وقتلهم والاستيلاء على أراضيهم وضمها والتوسع، من خلال مستوطناته وقطعان مستوطنيه في مُلك ليس من حقه.
من يسعى إلى الحرب هو من يتفق مع هذا الكيان على بناء قاعدة عسكرية قريبا من الحدود مع الجزائر، هو أيضا ذلك الذي عقد صفقات معه لشراء أسلحة متطورة من ضمنها مسيرات هجومية استخدمها في قصف شاحنات جزائريين كانوا يعبرون بأمان أراضي ليست تابعة له.
ومادام المغرب مرتاحا لـ “فتوحاته الدبلوماسية” فلماذا لا يكتفي بها ويطمئن لها ويقتنع بأنها بوسعها أن تؤمّن له سيادته المزعومة على الأراضي الصحراوية المحتلة، أم أنّ الدبلوماسية المغربية التي تسعى لإقحام الجزائر في مهاترات جديدة مغامراتها غير محسوبة العواقب، تدرك أن الجزائر لديها الحجة البالغة في تقويض أيّة مطامع للمغرب في أرض مستعمرة لا يكون الحلّ فيها إلا وفق مواثيق الشرعية وقرارات الهيئات الدولية.
من الواضح جدا أن نظام المخزن يستثمر في هذا الوقت بالتحديد نتائج الانتخابات الأمريكية التي أفرزت عودة الرئيس السابق دونالد ترامب، صاحب قرار الاعتراف المزعوم بسيادة المغرب على الصحراء، وكذلك اعتراف الرئيس الفرنسي ماكرون وزيارته الكيدية الأخيرة للمملكة.
ما فات نظام المخزن هو أن مسألة الصحراء الغربية لا تُحل باعترافات الأشخاص، أو ربما هو يدرك تمام الإدراك هذا الأمر جيدا، فوحدها الشرعية الدولية هي ما سيبقى، أما الرؤساء قيأتون ويذهبون، ولعل هذا الإدراك بوجود نقص ما في حجة المغرب هو ما جعله يفتعل الحروب مع الجزائر ويشتعل غيضا من لامبالاتها بأفعاله الصبيانية الطائشة.