المشاركون في منتدى ” تواصل الأجيال” يستلهمون من فلسفة الرئيس تبون في لمّ شمل الجزائريين وتعويله على منظمات المجتمع المدني من أجل إرساء عمل عربي مشترك

خرج البيان الختامي لمنتدى ” تواصل الأجيال لدعم العمل العربي المشترك” المنعقد بوهران، خلال الفترة من 10 إلى 15 سبتمبر 2022، مليئا بالأفكار التي ما فتئت الدولة الجزائرية تعوّل عليها منذ اعتلاء رئيس الجمهورية عبد المجيد تبون لسدّة الحكم، وأهمها فكرتان أسستا لتصور جزائر جديدة، يشترك الجميع في بناء مستقبلها المنشود، تتعلق الأولى بضرورة خلق بيئة مجتمعية آمنة ومعزّزة بالثقة المتبادلة أفقيا بين أبناء الشعب الجزائري الواحد، وعموديا بين مؤسسات الجمهورية والمواطنين الجزائريين المتساوون في حقوقهم وواجباتهم أمام القانون، وهو ما كرسته مبادرة الرئيس تبون للمّ شمل الجزائريين، أما الفكرة الثانية فتعود جذورها إلى المرشح عبد المجيد تبون الذي اعتمد في إقناع الجزائريين ببرنامجه الانتخابي على منظمات المجتمع المدني، كونها المحرك الأساسي والفعال لتطور المجتمع، وكذلك السواعد التي لا يمكن الاستغناء عن خدماتها الجليلة في مسار بناء جزائر جديدة.

لقد أدرك المشاركون في المنتدى العربي بوهران وهم يصوغون بيانهم الختامي أن في التجربة الجزائرية الناجحة الكثير من الدروس التي ينبغي عليهم الاستفادة منها والعديد من الخبرات التي يجب الأخذ بها، فسطروا على متنه إيمانهم الدافق والعميق بوحدة الأمة العربية وبواجب التضامن العربي، خاصة في ظل الظروف العصيبة التي تمر بها العديد من الأقطار العربية الجريحة، ووثقوا كثيرا في ذكاء القيادة الجزائرية وهي تحرص على أن تستبق عقد القمة العربية، بجمع عدد كبير من الناشطين في الجمعيات والمنظمات من 19 بلد عربي، مدركين أن الأمة العربية الجديدة التي ستشرق شمسها من الجزائر الجديدة لن تتحد إلا بلمّ شمل شعوبها وحكوماتها، ولن تبنى إلا بسواعد المجتمع المدني العربي.

وعلى هذا الأساس فإن أي عمل عربي مشترك لن ينجح والعرب متفرقون ويعانون الشتات في عالم تتحد دوله وشعوبه ومجتمعاته، خاصة تلك التي تربطها أواصر وثيقة وصلات محكمة من اللغة والدين والتاريخ المشترك ووحدة المصير، وسيكون هذا التلاحم العربي ضرورة ملحّة من أجل حماية أوطان الأمة الواحدة من التدخلات الخارجية في الشؤون الداخلية للدول العربية؛ وركيزة متينة لاستكمال تحرير الأراضي العربية المحتلة ودعم صمود شعوبها وتضحياتها.

إن الأمل اليوم في عالم ينهشه طاعون الأنانية وينخره وباء تحقيق المصالح الضيقة ولو على حساب الإضرار بحقوق شعوب بأسرها، معقود على أبناء وطن عربي واحد موحد من المحيط إلى الخليج ينهج سبيل التكامل والوحدة العربيين من أجل ضمان مستقبل أفضل للأجيال القادمة وتوفير سبل تمكينها من المساهمة بقوة في تحويل مشاريع اليوم إلى واقع الغد.

وتحقيقا لهذا الهدف الطموح دعا المشاركون في منتدى وهران القادة العرب الذين سيلتئم شملهم في الجزائر، في الفاتح نوفمبر المقبل، وما لهذا التاريخ من رمزية في التحرر والتوحد في مجابهة المخاطر المحدقة، إلى اغتنام هذا الموعد العربي الهام لرص الصف العربي وإحياء قيم التضامن والتلاحم وتجديد الالتفاف حول قضية العرب المركزية، القضية الفلسطينية، من خلال موقف موحد وقوي عبر إحياء مبادرة السلام العربية دعما لحقوق الشعب الفلسطيني المشروعة غير القابلة للتصرف وعلى رأسها حقه في إقامة دولته المستقلة كاملة السيادة وعاصمتها القدس الشريف.

كما دعا الناشطون في المجتمع المدني العربي إلى تفعيل دور جامعة الدول العربية في تسهيل جهود التسوية السياسية للأزمات التي تمر بها بعض الدول العربية من خلال تبني مقاربة شاملة وجامعة تعلي مصالح الشعوب العربية وتُحكَّم لغة الحوار، والعمل على إزالة جميع أشكال العوائق والعراقيل لتسهيل التبادلات التجارية وتنقل الأشخاص بين الأقطار العربية وعلى منع فرض العقوبات أو الحصارات الاقتصادية على الدول العربية.

لقد أدرك المشاركون وهم يقررون إطلاق مسار تأسيس منتدى دائم للمجتمع المدني العربي تحت اسم “منتدى وهران للمجتمع المدني العربي” ليكون منصة للحوار وتبادل الأفكار حول أمثل السبل للتكفل بالانشغالات والتطلعات المشروعة للشعوب العربية، وهم يرفعون تحية إكبار وتقدير إلى السيد عبد المجيد تبون، رئيس الجمهورية، اهتمامه الكبير الذي يوليه للمجتمع المدني كشريك فعال للمؤسسات الرسمية، وحرصه على الاستماع إلى آرائه واقتراحاته.

إن “منتدى وهران للمجتمع المدني العربي” الذي خلق من رحم التجربة الجزائرية بأفكار ناشطين من مختلف منظمات المجتمع المدني العربية سيكون بمثابة القاطرة التي تحرك عربات الأمة العربية نحو المستقبل، من خلال فكر مستنير وسواعد عازمة على البناء والتشييد وقبل ذلك قلوب مجتمعة على النهوض بالوطن العربي وإخراجه من أزماته وانتشاله من مآسيه.

أحمد عاشور