انطلقت المرحلة الأولى من المشروع المتكامل الجزائري-القطري لإنتاج مسحوق الحليب المجفف بالشراكة بين الصندوق الوطني للاستثمار وشركة «بلدنا» القطرية، أول أمس الثلاثاء بولاية أدرار ، حيث يهدف هذا المشروع الذي سيكون عبارة عن أكبر مزرعة متكاملة في العالم تضم أكثر من 270.000 رأس من الأبقار، إلى إنتاج نحو 1.7 مليار لتر من الحليب سنويا.
وقد أشرف كلّ من الأمين العام لوزارة الفلاحة والتنمية الريفية، بن ساعد حميد، وسفير دولة قطر لدى الجزائر، عبد العزيز بن علي أحمد النعمه، إلى جانب المدير العام للصندوق الوطني للاستثمار، كمال منصوري، وممثلي شركة «بلدنا» القطرية والسلطات الولائية بأدرار، على حفل إطلاق المرحلة الأولى من هذا المشروع الفلاحي الهام بإقليم بلدية تيمقطن.
وأشار القائمون على المشروع إلى أنّ المرحلة الأولى من هذا المشروع الفلاحي تشمل الأشغال التمهيدية لحفر الآبار الاستكشافية اللازمة لدراسة طبيعة المياه الجوفية.
وفي هذا السياق، أوضح الأمين العام لوزارة الفلاحة والتنمية الريفية في كلمة له بالمناسبة أن ولاية أدرار التي تتمتع بقدرات تنموية واقتصادية هائلة تشهد اليوم إطلاق المرحلة الأولى لواحد من أكبر المشاريع الاستراتيجية في القطاع الفلاحي بالجزائر، وهو مشروع إنتاج الحليب المجفف الذي يتربع على مساحة 117.000 هكتار.
وأضاف بن ساعد أن هذا المشروع الضخم الذي يتجاوز مبلغه الاستثماري 3.5 مليار دولار و ستدخل أولى مراحل الإنتاج به سنة 2026 ، حيث أنه سيمكن من إنتاج 50 بالمائة من الاحتياجات الوطنية من الحليب المجفف، وكذا تزويد السوق المحلية باللحوم الحمراء وتوفير 5.000 منصب شغل مباشر، إلى جانب مساهمته في إنتاج الحبوب والأعلاف ضمن تطبيق نظام الدورة الزراعية على مستوى الأقطاب الثلاثة المكونة للمشروع.
وتابع المتحدث: “السلاسة والسرعة التي ميزت تنفيذ اتفاقية الشراكة بين أطراف المشروع المبرمة شهر أفريل من السنة الجارية، تؤكد مرة أخرى الجدية والأهمية التي توليها السلطات العليا للبلاد لمسألة ترقية الاستثمار من أجل إنتاج وتوفير الاحتياجات الوطنية من المواد ذات الاستهلاك الواسع و تقليص الواردات»، مشيرا أنه ثمرة شراكة مميزة بين الجزائر وقطر.”
وأضاف أن المخطط الوطني لتطوير الزراعات الاستراتيجية الذي يجري تجسيده ميدانيا عبر مشاريع استثمارية وطنية، وبالشراكة مع متعاملين أجانب يهدف إلى تحقيق الاكتفاء الذاتي في مادة الحبوب إلى آفاق 2027 عبر استصلاح مساحة 500.000 هكتار بالجنوب، وتخصيص 220.000 هكتار لإنتاج الذرة و20 ألف هكتار لإنتاج البقول الجافة و300 ألف هكتار لإنتاج البذور الزيتية.
ومن جهته أكد سفير دولة قطر لدى الجزائر، عبد العزيز بن علي أحمد النعمه ‘’أن العلاقات القطرية – الجزائرية تشهد زخما وحركية نوعية ومميزة تجسدت عبر مسار من الزيارات المتبادلة والتعاون المتنامي والمثمر أرسى قواعده قائدي البلدين’’، مبرزا أن المشاريع الاستثمارية القطرية بالجزائر طالما حظيت بالعناية والمتابعة الدائمة للقيادة الجزائرية’’.
وأضاف الدبلوماسي القطري أن مشروع «بلدنا-الجزائر» يتجلى ضمن خطة الحكومة الجزائرية لتحقيق الأمن الغذائي والاكتفاء الذاتي كمشروع استراتيجي هام يتجاوز البعد المحلي إلى البعد القاري والعالمي، حيث يعد – كما أضاف ‘’أكبر مشروع لإنتاج الحليب المجفف في العالم’’، و’’يتجسد التزام الحكومة به عبر تسريع الإجراءات والاتفاقيات المتصلة بالمشروع حتى يرى النور اليوم ويمهد الطريق للجزائر نحو الأسواق الخارجية ليأخذ مشروع “بلدنا-الجزائر’’ بعده الإفريقي والعربي’.
بدوره أوضح ممثل شركة “بلدنا’’ القطرية، علي العلي، أن المرحلة الأولى من المشروع يشمل حفر الآبار الاستكشافية لدراسة طبيعة المياه الجوفية، ووضع آليات مبتكرة للحفاظ عليها لتموين هذا المشروع الرائد الذي يشكل علامة فارقة في إطار التعاون المثمر بين البلدين الشقيقين’’.
وتابع العلي: “هذه الصحراء سوف تتحول إلى منارة للتميز والابتكار، باحتضانها أكبر مزرعة رأسية متكاملة في العالم، تضم أكثر من 270 ألف رأس من الأبقار، وتنتج نحو 1.7 مليار لتر من الحليب سنويا، وأضاف: “سنقوم باستخدام أحدث التقنيات والأتمتة الزراعية وأساليب تربية الأبقار وصناعة الألبان، مع الالتزام بأعلى معايير الجودة والاستدامة البيئية”.
ولفت إلى أن شركة بلدنا ستقوم بتطبيق أفضل طرق الري، للحد من الاستخدام الجائر للمياه خلال جميع مراحل المشروع، واستكمالا لجهودها في وضع آليات متكاملة لترشيد استهلاك المياه، سوف تقوم شركة بلدنا باستخدام المجسات التي تقوم بقياس رطوبة وملوحة التربة، وذلك لتحديد كميات المياه اللازمة لكل محصول.
وتعتزم الشركة توطين صناعة الحليب المجفف بالجزائر، وتزويد السوق باللحوم الحمراء، وتوفير 5.000 فرصة عمل للكفاءات الجزائرية، حسب ذات المتحدث.
كما سيوفر المشروع خلال مرحلة الإنجاز 10.000 منصب عمل مؤقت لإنجاز قاعدة الحياة ومختلف المرافق المشكلة للمشروع، في حين يعتزم القائمون على المشروع مستقبلا توسيع هذا الاستثمار عبر باقي مناطق الوطن بمكوناته (زراعة الأعلاف وتربية الأبقار وإنتاج الحليب واللحوم الحمراء)، حسبما أشير إليه.
وكانت شركة بلدنا قد أعلنت في وقت سابق من العام الجاري عن توقيعها اتفاقية مع الحكومة الجزائرية ممثلة في الصندوق الوطني للاستثمار لتنفيذ المشروع الذي يتوقع أن يغطي 50 بالمئة من حاجة الجزائر للحليب المجفف، وهو مشروع من ثلاث مراحل أولها استصلاح مزارع للأعلاف، ثم إنشاء مزرعة لتربية قطيع الأبقار، ثم إنشاء مصنع لإنتاج الحليب المجفف، للحد من اعتماد الجزائر على استيراد معظم احتياجاتها من الحليب المجفف وتوفير أكثر من 5000 فرصة عمل، والإسهام في زيادة الإنتاج المحلي من اللحوم الحمراء، وتوطين إنتاج الحليب وصولا إلى الاكتفاء الذاتي.