المعلّم و المربّي..بقلم/ هاجر ميموني

مروان الشيباني

المعلّم و المربّي…بقلم/ هاجر ميموني 

و لما كانت أول آية من الوحي أنزلت على نبي الأمة “اقرأ” ، كان محمد صلى الله عليه وسلم معلمنا و مربينا و مرشدنا في سبيل الأخلاق و الآداب و التربية وفي طريق العلم الذي كان ولازال عسيرا خصوصا في زمن التكنولوجيا و العولمة، حينما اختل ميزانه و تباينت طرائق التدريس التي ينتهجها المعلم داخل القسم قصد الوصول إلى الأهداف التربوية المنشودة ، و إكساب المتعلمين مهارات و خبراتِِ و معارف تنفعهم في الحياة ، ولا يخفى أن المعلم في ذاتِ الوقت يربّي كذلك وكأنه ربّان يحرص على دفةِ العلم من جهة و رفع شراعات الأخلاقِ من جهة أخرى.و إن للتعليم و التعلم آدابا وجبَ التحلي بها و قيما و أخلاقاً كانت لِزاما على صاحب مشعل العلم بأن يتحلى بها حتى يحقق لنفسه و شخصيته التوازن و الاستقرار، لكن الإنسان مهما تعلم و نهل يبقى جاهِلا للكثير، و مهما تجلت الحقائق له و ظهرت أمامه بعد كِدّ و جهد إلا أن ما خفي عنه منها عظيم، ولو أنه تعلم كل علوم الدنيا و لم يتحل بأخلاق و آداب المتعلم فكأنه لم يكتسب شيئا و راح كلّ ما تعلمه هباءا منثورا، فالعلم بلا أخلاق كالشجرة بلا أوراق، و طالِبُ العلم يكسوه التواضعُ و الاحترام لأساتذته و معلميه و الورعُ لمشايخهِ الأكفاء و الصبرُ على مشقةِ طلبِه كما صبر موسى عليه السلام في رحلته مع سيدنا الخِضر، و النبي عليه الصلاة و السلام قال جواهِرا و دُررا عن المهاراتِ المتعلقة بالضبط و هذا الأخير يعود على النفس بجوارحها و حواسها و غرائزها قصد التحكم فيها و حُسنِ توجيهها الوجهة الصحيحة في العملية التعليمية و التربوية كذلك ، و الضبط له رباطه الوثيق بالاعتدال و الرصانة و التوجيه الذي ينادي به الفعل التربوي التعليمي الصحيح فعن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (من حسن إسلام المرء: تركُه ما لا يعنيه) رواه الترمذي، و هنا أشار النبي صلى الله عليه و سلم إلى مهارة ترك الفضول و إشغال النفس بالفضول العلمي المعرفي رغبةً في التطلع و التعضيد من المدارك العلمية و حباً لاكتشافِ الجديد في حدودِِ خاصةِِ لا يتم تجاوزها، أما الفضول بحشر الأنفِ في كل شيء، منه ما له علاقة بخصوصيات الآخرين.

يعد خلقا غير مستحب وجب التخلي عنه. كما يقول النبي صلى الله عليه و سلم عن مهارة ضبط اللسان: “من كان يؤمن بالله و اليومِ الآخر فليقل خيرا أولا ليصمت” رواه البخاري و مسلم ، فلا يتكلم الانسان عبثاً و لا ينطق سهوا أو بهتانا ، ولا يضر الناس بلسانِه فجراحُ السيفِ تذهب لكن جراح الحرفِ ترسخ، و على المعلم أن يحرص كل الحرص على مراقبة ما يتلفظ به فلا يجرحنّ تلميذا بقولِِ لا يليق و ما عليه أن يسيء إليه بالعنف اللفظي فمن شأن ذلك تحطيم نفسيته و جرح كرامته بين أقرانهِ فيأبى التعلم كارها نافِرا لمادةِ المعلمِ الذي مسّ كرامته و كسر خاطره؛ و يذكر لنا النبي صلى الله عليه وسلم مهارة أخرى لا تقل أهمية عن سابقاتها وهي مهارة ضبط النفس حِينما طلب منه رجل أن يوصيه فقال “لا تغضب” مردّدا إياها مرارا، و إن دل هذا النهي على شيء إنما دلّ على خطورة الغضب و ما يسببه من فتن؛ لكن قبل إقحامه في الفعل التربوي نشير إلى أنه استفحل في زمننا الحالي إلى أن صارت الناس تغضب على توافِهِ الأمورِ و تجعل منها مشاكلا سرعان ما يشتد وطيسها و تتضخم.

أما في العملية التعليمية التربوية فيجب على المعلم أن لا يكون سريع الغضب و كثير الانفعال بل على العكس تماما ، يتوجب عليه فتح صدره رحباً و التحكم في انفعالاته رغم صعوبة الرسالة و ثقل الأمانة و تغير الجيل و ظروف التدريس ، عليه مجاهدة نفسه لأنه السبيل الوحيد لكي لا يرتكب تصرفا متهورا يندم عليه .لو تمعنّا في التعاليم المحمدية نلاحظ أن النبي صلى الله عليه و سلم قدم لنا زادا و سلاحا و جوهرا من التعاليم و الضوابط التي تنفعنا في اختصاصنا كمربين و تغنينا عن دوراتِِ و كتبِِ تدريبية ، فما أعظمك يا محمد تتكلم فتصيب و توجه فتربي ، و تنصح فتعلم، و لإنك خير معلم.

#هاجر_ميموني

شارك المقال على :