المغرب تاريخ تطبيع خياني … بقلم زيد الخطابي
زمن تطبيع الدول العربية مع الكيان الصهيوني – باستثناء البعض – بدأ باكرا منذ بداية استقلالها، وكان في كنف السرّية التامّة، لم تكتشفه شعوب تلك الدول، إلا بنحو من الاحتمال الظني، من خلال أقوال وقع تسريبها، أمام تردّد شعوب متضررة من تلك الخيانات، وهي في حالات من الإنشغال بما يعيل أسرهم، في أوضاع ما بعد الاستقلال الصّعبة، غير مهتمّين بالجوانب السياسية لبلادهم، مقصّرين في الاضطلاع بها والإنخراط فيها، بما يعود بالفائدة لهم جميعا.
وبدأت الخطوات الأولى من العلاقات المغربية الصهيونية، بتنفيذ عمليات تنظيم سرية انتهت بمغادرة 97.000 يهودي مغربي إلى فلسطين المحتلة عبر أوروبا، تواصلت ثلاث سنوات، من 1961الى غاية 1964، ثم تطورت سريعا، حيث وصلت درجة التعاون الاستخباراتي الخطير، فقد سمح الملك الحسن الثاني للمخابرات الصهيونية الموساد، بتسجيل مداولات مؤتمر قمة الجامعة العربية الثالث الذي انعقد ما بين 13و17 سبتمبر سنة 1965، في فندق من فنادق الدار البيضاء من الطابق الأول الذي أخلي من النزلاء، ليوضع تحت تصرف عناصر الموساد، ثم يغادروه قبل بدء المؤتمر بيوم واحد، وكان ذلك الوقت كافيا لهؤلاء كي ينصبوا أجهزة تنصّت بشكل سري، مكنتهم من متابعة المداولات السرية، والتعرف من خلالها على مدى عزم دول العربية المشاركة، على البدء بحرب ضد إسرائيل، فكان ذلك العمل خيانة وطعنة في خاصرة الدول العربية المعنية بالمواجهة مع العدوّ، وخدمة استخبارية لا تقدّر بثمن قدمها الملك الحسن الثاني لإسرائيل، برهنت من جهة أخرى على عمق العلاقات بين المغرب والكيان الصهيوني.
وأما توقيت علنية العلاقات الغربية الصهيونية، فقد ظهر في زيارة رئيس الوزراء الصهيوني شمعون بيريز إلى المغرب، بدعوة من الملك الحسن الثاني في 22/7 سنة 1986، وعند موت الملك الحسن الثاني، شارك الكيان الصهيوني في موكب التعزية بوفد اسرائيلي ضم 200 شخصية في سنة 1999، وإثر وفاة الحسن الثاني، أصدرت إسرائيل طابعًا بريدًا حمل صورته تكريمًا له، وقد سافر وزير الإعلام الصهيوني إلى المغرب في زيارة رسمية، قدّم فيها الطابع البريدي إلى ابنه الملك الجديد محمد السادس، تعبيرا عن خالص امتنان الحكومة الإسرائيلية لشخص الملك الراحل، وما قدّمه لإسرائيل من خدمات.
وجاء الاعتراف الرسمي للمغرب بـ الكيان الصهيوني في 1/9/ 1994 وبناء على ذلك الاتفاق فتح الكيان الصهيوني مكتب اتصال لها في المغرب، وفي 1995 فتحت المغرب مكتبا مماثلا لها في إسرائيل، كما سمحت لها إسرائيل بوجود بعثة دبلوماسية مغربية لدى السلطة الفلسطينية التي أنشأت سنة 1996 في مدينة غزة، ثم انتقلت لاحقا الى رام الله مقرّ السلطة الفلسطينية، محاولة للتنصل من تبعات هذه العلاقة، بعد قمع القوات الإسرائيلية الانتفاضة الفلسطينية الثانية، وإعلان الحكومة الإسرائيلية وقف عملية السلام أعلن الجانب المغربي في 23/10/2000 اغلاق مكتب الاتصال في إسرائيل والمكتب الإسرائيلي في الرباط احتجاجًا على السياسة الإسرائيلية، امتصاصا لغضب الشعب المغربي المناصر للقضية الفلسطينية، الذين طالبوا حكومتهم بفتح باب الجهاد لمساعدة إخوانهم الفلسطينيين.
وكان حجم التبادل التجاري بين المغرب وإسرائيل قد بلغ سنة 1999 50 مليون دولار، حسب الأرقام المنشورة، وقد يكون أكبر من هذا الرقم ووقع التغطية عليه الزيارات والاتصالات المباشرة بين المغرب وإسرائيل بقيت متواصلة كزيارة سيلفان شالوم في 1/9/2003 حاملا رسالة من أريال شارون الى الملك محمد السادس، وعلى أثره عادت العلاقات الدبلوماسية وتنشيط مكتب الاتصال بين البلدين، وفي 4/7/2007 اجتمعت تسيبي ليفني وزيرة الخارجية الاسرائيلية مع وزير الخارجية المغربي محمد بن عيسى في باريس.
وشارك المغرب في مؤتمر وارسو سنة 2019 وفيه التقى رئيس الوزراء المغربي ناصر بوريطة ببنيامين ناتنياهو سرّا اثارا فيه العلاقات بينهما والملف الإيراني، كان لتحرك الشعب المغربي أثر في إيقاف التطبيع، وفي 12/9/2020 أعلن دونالد ترامب على حسابه الرسمي بتويتر اكس أن المغرب وإسرائيل اتفقا على تطبيع العلاقات بينهما بوساطة أمريكية، في مقابل اعتراف أمريكا وإسرائيل على سيادة المغرب على الصحراء الغربية، وقام ترامب بإصدار مرسوم رئاسي يؤكّد ذلك، بما يعني أن المغرب قام بمقايضة الاعتراف بإسرائيل بالاعتراف بمغربية الصحراء الذي لا يزال محلّ اشكال حتى في اطار منظمة الوحدة الافريقية التي لا تزال ترفض ذلك، وترى شرعية عودة الصحراء لأهلها الصحراويين، فيما تتمسك الجزائر بالدفاع عن حقوق هذا الشعب المتآمر عليه.
فرق كبير بين بلد الثورار وبلد الخيانة حيث يعبر الرئيس الجزائري عبد المجيد تبون غضبه دوما قائلا ان الجزائر لن تشارك في الهرولة نحو التطبيع وقضية فلسطين بالنسبة للشعب الجزائري مقدّسة وهي أمّ القضايا.
ووفق ما كشف عنه الأكاديمي والباحث المغربي محمد البطيوي، مشاركة ما لا يقلً عن 04 آلاف جندي مغربي في العدوان الصهيوني على قطاع غزة لليوم الـ 230 توالياً.
وجاء في تصريحات البطيوي، أنّ آلاف الجنود المغاربة يشاركون في المجازر ضدّ المدنيين الفلسطينيين، بموجب بند في اتفاق التطبيع بين الرباط والكيان، يُلزم المغرب بالتعاون عسكرياً
وطبقاً لذلك، قام المخزن بنشر قوات إلى جانب الجيش الصهيوني وتحت قيادة هذا الأخير داخل الأراضي الفلسطينية المحتلة.