كشفت معطيات جديدة، أن توقيف العشرات من الأساتذة بقطاع التربية في المغرب بعدد من المؤسسات التعليمية من قبل مديري الأكاديميات الجهوية للتربية والتكوين والمديرين الإقليميين ، أدى إلى حرمان أكثر من 2000 قسما دراسيا من خدمات التربية والتعليم، بعدما قررت التنسيقيات تعليق إضراباتها واحتجاجاتها الذي انطلقت منذ 5 أكتوبر 2023.
وحصل العشرات من الأساتذة على قرارات التوقيف، والذين يتجاوز عددهم نحو 1200 أستاذة وأستاذ، بشكل متفاوت ما بين المديريات والأكاديميات الجهوية للتربية والتكوين، حرم تلاميذ فصولهم الدراسية وفق البنية التربوية وجداول توزيع الحصص من الدراسة، في مواد الرياضيات والفيزياء والإجتماعيات واللغة العربية وعلوم الحياة والأرض والاقتصاد بالنسبة للثانوي، وفي الوحدات الدراسية بالنسبة لسلك التعليم الإبتدائي”، وجل الفصول الدراسية الموقوف أساتذتها يدرسون في السنوات الإشهادية ، أي السنة أولي وثانية باكالوريا، والسنة الثالثة إعدادي، والسنة السادسة ابتدائي، ومتبوعين بتنفيذ المقرر الدراسي المتأخر لأكثر من ثلاثة أشهر، كما أن تلاميذ الطورين الاعدادي والابتدائي مطالبون باجتياز الامتحان المحلي على صعيد المؤسسة الذي يحتسب في معاملات السنة الدراسية للانتقال إلى سلك تعليمي آخر، فيما توقيف الأساتذة مرهون بمدة زمنية تصل إلى ثلاثة أشهر لانعقاد المجالس التأديبية وصدور قراراتها وتنفيذها، مما قد يؤدي إلى ضياع زمن يمتد لما لا يقل عن ستة أشهر”.
و قررت التنسيقية الموحدة لهيئة التدريس وأطر الدعم بالمغرب تعليق “برنامجها النضالي للأسبوع الجاري بخصوص يومي الجمعة 12 والسبت 13 يناير الجاري، وبشكل مؤقت لكافة الأشكال النضالية”.
جاء ذلك، في بيان وطني أصدرته التّنسيقة الوطنية الموحدة لهيئة التدريس وأطر الدعم، في إطار تفاعلها الإيجابي والمسؤول إبداء حسن النّية مع المبادرات النقابية والسياسية والحقوقية والدعوات التي تلقتها من أجل إنهاء الأزمة لإعادة الثّقة في المؤسسات.
وشدد التّنسيقية على أن “قرارها المشروط استحضر مصلحة جميع مكونات المدرسة العمومية، حتى ينتصر فيها الجمع لمصلحة الوطن بصيغة متوازنة ومنصفة”.
وحذر بيان التّنسيقية من “مغبّة تكرار الفشل في نزع فتيل الاحتقان وعدم حلّ الأزمة في شموليتها، مما سيؤدّي تلقائيا إلى استئناف التنسيقية الموحدة لهيئة التدريس وأطر الدعم لبرنامجها النّضالي، وبأشكال تصعيدية غير مسبوقة على قاعدة “اللاّعودة” إلى حجرات الدّراسة إلا بإلغاء كل التّوقيفات التّعسفية، والتراجع عن الاقتطاعات غير القانونية من الأجور الهزيلة للمضربين، والاستجابة للمطالب التي تقدّمت بها التنسيقية، وإصدار نظام أساسي يستجيب لتطلعات نساء ورجال التعليم ويترجم مطالبها العادلة والمشروعة، وفي مكتسبات محصّنة من الالتفاف والاجهاز عليها”.
من جهته دعا المكتب الوطني للجامعة الوطنية لموظفي التعليم، العضو في الاتحاد الوطني للشغل بالمغرب، إلى رفع دعاوى قضائية أمام القضاء الاستعجالي بالمحاكم الإدارية ضدّا على “القرارات التعسفية بشأن توقيف المئات من نساء ورجال التعليم في الأكاديميات الإثنا عشر بالمغرب على خلفية إضرابهم عن العمل لتحقيق مطالب مشروعة طال انتظارها، لما يحمله من عيوب في الشّكل والجوهر كافية لإبطاله”.
وأوضحت النقابة أنه في ّظل رفض عدم تجاوب الوزارة الوصية مع الوساطات المقترحة، ونظرا للثغرات القانونية التي تعرفها قرارات التوقيف، من خلال سوء تطبيق الفصل 75 من قانون الوظيفة العامة وبعد تراجع المديريات عن صيغتها الأولى، وإعادة اصدار مجموعة من قرارات التوقيف المؤقت في حق مجموعة من الأساتذة و الاستاذات، ولأن هذه القرارات مشوبة بعلل قانونية، توجب مجابهة الوزارة الوصية قضائيا من خلال رفع دعوى – فردية كل في مدينته – قضائية استعجالية لإيقاف القرار و التركيز على شرطين موضوعيين”.
ولخّصت النقابة الشرط الأول في “شرط الاستعجال حيث أن الخطر مما لا يمكن تداركه، ومما يخشى تفاقم أمره وإن لم تتم مواجهته على وجه السرعة تترتب عنه اوضاع مهنية وعائلية مضرة بمصلحة الموظف، أما الشرط الثاني فيتعلق بـ”شرط الجدية وعدم المساس بالجوهر وأن يكون الإجراء وقتيا، وأن يبحث في ظاهر الأوراق والمستندات، حيث تناول المشرع المغربي تأديب الموظف ضمن مقتضيات الظهير الشريف رقم 1.58.008 بتاريخ 4 شعبان 1377 (24 فبراير1958) بشأن النظام الأساسي العام للوظيفة العمومية حيث بين في الباب الخامس (من الفصل 65 الى الفصل 75 مكرر) المتعلق بالعقوبات التأديبية إجراءات ومسطرة التأديب وكذا السلطة ذات الاختصاص التأديبي، كما حدد الضمانات المخولة للموظف لكي يكون القرار التأديبي صادر وفق الضوابط وفي احترام تام للقانون و لشروط المحاكمة العادلة، ونصّ على العقوبات التأديبية التي يمكن أن يتعرض لها الموظف و حدد لائحتها الحصرية، إلا انه لم يحدد لا على سبيل المثال و لا الحصر لائحة المخالفات المهنية و لم يعرف الخطأ المهني أو الهفوة الخطيرة أو المقصود بالإخلال بالالتزام المهني حيث يظل للإدارة كامل الحرية في تحريك مسطرة تأديب الموظف عند إخلاله بواجباته المهنية، أو ارتكابه لفعل أو تصرف اعتبرته حسب سلطتها التقديرية خطا، كما أعطى للإدارة إمكانية توقيف الموظف مؤقتا عن عمله في انتظار عرضه على المجلس التأديبي، و ذلك في حالة ارتكابه لهفوة خطيرة و هي المقتضيات التي نظمها الفصل 73 من النظام الأساسي العام للوظيفة العمومية.