المغرب يوافق على قرار اعتمدته لجنة تصفية الاستعمار يؤكد على الإطار القانوني لقضية الصحراء الغربية ومسؤولية الأمم المتحدة تجاه الشعب الصحراوي

تبنت لجنة تصفية الاستعمار التابعة للجمعية العامة للأمم المتحدة في دورتها الثامنة والسبعين، نهاية الأسبوع الماضي، قراراً يؤكد على حق الشعب الصحراوي في تقرير المصير، وافقت عليه جميع الدول الأعضاء في منظمة الأمم المتحدة، بما فيها المغرب الذي لم يعترض عليه، والدول التي تدعم مخطط الحكم الذاتي المغربي أو تلك التي تعترف بسيادة المغرب المزعومة على إقليم الصحراء الغربية.

ويُجدد القرار، الذي اعتمدته اللجنة بتوافق الآراء، التأكيد على الحقائق التاريخية والقانونية اللصيقة بالقضية الصحراوية، باعتبارها قضية تصفية استعمار، على أنّ الشعب الصحراوي مُؤهل لممارسة حقه غير القابل للتصرف في تقرير المصير والاستقلال وفقا لما يُمليه قرار الجمعية العامة 1514    (د-15) المؤرخ 14 ديسمبر 1960 المتضمن إعلان منح الاستقلال للبلدان والشعوب المستعمرة.

كما يعكس القرار المعتمد مسؤولية منظمة الأمم المتحدة الدائمة والثابتة حيال شعب الصحراء الغربية، حيث أنّه يطلب من اللجنة الخاصة المعنية بتصفية الاستعمار (لجنة الـ24) مواصلة بحث الوضع في الصحراء الغربية.

وفي هذا السياق، فإنّ عدم اعتراض المغرب على القرار، وقد صادق عليه، يعكس حالة الانفصام التي تتسم بها الشخصية الدبلوماسية المغربية؛ فهي من جهة تُقيم الدنيا ولا تقعدها عندما تسمع دولا مثل الجزائر تُشدد على حق الشعب الصحراوي في تقرير مصيره، ومن جهة أخرى فإنها لا تعترض على مصادقة الجمعية العامة للأمم المتحدة على مثل هكذا قرار.

كما أن اعتماد القرار بتوافق الآراء يشكل صفعة قوية في وجه كافة الدول التي تتبنى الأطروحات المغربية، وقد وافقت عليه، سواء تلك التي تدعم مخطط الحكم الذاتي المغربي أو تعترف بسيادة المغرب المزعومة على إقليم الصحراء الغربية، وتساند احتلاله غير المشروع وسياسته التوسعية.

كما يعتبر القرار ردّاً واضحا على المحاولات الرامية لتقويض حق الشعب الصحراوي غير القابل للتصرف في تقرير المصير والاستقلال وفي السيادة الدائمة على موارده الطبيعية واحترام السلامة الإقليمية لأرضه.

ويأتي اعتماد القرار في سياق انتصار محكمة العدل الأوروبية لحق الشعب الصحراوي في تقرير المصير، ما يُؤكد على أنّ القضية الصحراوية بصدد تدشين عهد جديد يكفل مُعالجتها على أسس صحيحة وصلبة، أسسٌ تصبُّ كلها في خانة تصفية الاستعمار بآخر مستعمرة في إفريقيا.

و كانت محكمة العدل الأوروبية قد أصدرت في 4 أكتوبر 2024 قرارا بخصوص الصحراء الغربية يلغي اتفاقيتين بين الاتحاد الأوروبي والمغرب تتعلقان بالزراعة والصيد البحري, معتبرة أنهما غير قانونيتين لأنهما تشملان إقليم الصحراء الغربية وتم التوقيع عليهما دون استشارة الشعب الصحراوي.

كما اعتبرت ذات المحكمة الصحراء الغربية إقليماً متمايزاً ومنفصلاً تماما عن إقليم المغرب، وأوصت بضرورة تسجيل السلع والمنتجات القادمة من الإقليم المحتل  باسم الصحراء الغربية، مؤكّدة على أن جبهة البوليساريو هي الممثل الشرعي للشعب الصحراوي، حيث منحتها حق التصرف القانوني باسمه أمام محاكم الاتحاد الأوروبي.

وكانت دولة المجر قدمت موقف الاتحاد الأوروبي نيابة عنه، خلال انعقاد الدورة التاسعة والسبعين للجنة تصفية الاستعمار التابعة للجمعية العامة للأمم المتحدة بشأن مسألة الصحراء الغربية.

ورحبت الدول الأوروبية بجهود الأمين العام للأمم المتحدة الرامية إلى التوصل إلى حل سياسي عادل ودائم ومقبول من الطرفين، والذي من شأنه أن يوفر حق تقرير المصير لشعب الصحراء الغربية في سياق الترتيبات المتوافقة مع مبادئ وأهداف ميثاق الأمم المتحدة وقرارات مجلس الأمن، كما أكدت مواصلتها تشجيع الطرفين على العمل نحو التوصل إلى مثل هذا الحل، في إطار الأمم المتحدة.

وأكدت دولة المجر، بالنيابة عن الدول الأوروبية، دعم الاتحاد الأوروبي الكامل للعمل الذي يقوم به ستيفان دي ميستورا وانخراطه في جهوده لإعادة إطلاق المفاوضات للتوصل إلى حل سياسي عادل ودائم ومقبول من الطرفين والتعاون الوثيق الذي يتمتع به مع الاتحاد الأوروبي، مشجعة جميع الأطراف على الانخراط في بحث تعاوني عن حل يتفق مع قرارات مجلس الأمن ومبادئ وأهداف ميثاق الأمم المتحدة.