الخميس 05 جوان 2025

المملكة المتحدة تدعم خطة الحكم الذاتي المغربية للصحراء الغربية لكنها لا تدعم الاحتلال غير الشرعي للإقليم

نُشر في:
بقلم: أحمد عاشور
المملكة المتحدة تدعم خطة الحكم الذاتي المغربية للصحراء الغربية لكنها لا تدعم الاحتلال غير الشرعي للإقليم

دعمت حكومة حزب العمال البريطانية موقف الحكومة الإسبانية من نزاع الصحراء الغربية، لكن دون الاعتراف بالطابع المغربي للإقليم الصحراوي، والدفاع عن احترام مبدأ تقرير المصير، وهي “خصوصية مزدوجة” أبرزتها الدبلوماسية الجزائرية ردًا على الإعلان الذي يسعى فيه النظام العلوي إلى تعزيز سياسته الخارجية العدوانية.

وقد أعلن وزير الخارجية البريطاني ديفيد لامي قرار المملكة المتحدة خلال زيارة رسمية للمغرب. وصرح لامي في مؤتمر صحفي مشترك مع نظيره المغربي ناصر بوريطة: “يُمثل الاقتراح المغربي الأساس الأكثر مصداقيةً وقابليةً للتطبيق وواقعيةً لتحقيق حل دائم”.

وفي هذا السياق، “تُشجّع المملكة المتحدة الأطراف المعنية على الانخراط بشكل عاجل وإيجابي في العملية السياسية التي تقودها الأمم المتحدة، وترى أن مقترح الحكم الذاتي المغربي، الذي قُدّم عام 2007، يُمثّل الأساس الأكثر مصداقيةً وقابليةً للتطبيق وواقعيةً لإيجاد حل دائم للنزاع”، وفقًا لما جاء في البيان المشترك الصادر على موقع وزارة الخارجية البريطانية.

الصحراء الغربية، في البيان البريطاني المغربي المشترك:

8. تُدرك المملكة المتحدة أهمية قضية الصحراء الغربية بالنسبة للمملكة المغربية، وتتابع عن كثب التطورات الإيجابية الحالية في هذه القضية بقيادة الملك محمد السادس.

9. بصفتها عضوًا دائمًا في مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة، تتفق المملكة المتحدة مع المغرب على الحاجة المُلحة لإيجاد حل لهذا النزاع المُستمر، بما يخدم مصالح جميع الأطراف. إن الجمود في العملية السياسية والصراع الدائر يمنعان المنطقة من تحقيق كامل إمكاناتها الاجتماعية والاقتصادية، ويُعيقان التكامل الإقليمي والأمن والتنمية. لقد طال انتظار التوصل إلى حل وإحراز تقدم في هذه القضية، مما سيعزز الاستقرار في شمال أفريقيا ويعيد إطلاق الزخم الثنائي والتكامل الإقليمي.

10. يدعم كلا البلدين ويعتبران الدور المحوري للعملية التي تقودها الأمم المتحدة في جمع الأطراف ودفع القضية قدمًا بهدف التوصل إلى حل سياسي عادل ودائم ومقبول للطرفين، ويؤكدان مجددًا دعمهما الكامل لجهود المبعوث الشخصي للأمين العام للأمم المتحدة، السيد ستافان دي ميستورا. وتحقيقًا لهذه الغاية، فإن المملكة المتحدة مستعدة وراغبة وملتزمة بتقديم دعمها ومشاركتها الفعالة للمبعوث الشخصي والأطراف في التوصل إلى حل لهذا النزاع.

11. في هذا السياق، فإن المملكة المتحدة، إذ تشجع الأطراف المعنية على الانخراط بشكل عاجل وإيجابي في العملية السياسية التي تقودها الأمم المتحدة، تعتبر أن مقترح الحكم الذاتي المغربي، الذي طُرح عام 2007، هو الأساس الأكثر مصداقية وقابلية للتطبيق وواقعية لحل دائم للنزاع.

12. أعربت المملكة المتحدة والمملكة المغربية عن قناعتهما المشتركة بضرورة تجديد الجهود لدعم فريق الخبراء السياسيين في سعيه لإيجاد حل، مؤكدتين أن الحل الوحيد القابل للتطبيق والدائم هو الحل الذي يكون مقبولاً من جميع الأطراف المعنية ويتم التوصل إليه من خلال التوافق. والتزمتا بتحقيق هذا الهدف، مقتنعتين بأنه بفضل حسن نية جميع الأطراف، يمكن التوصل إلى حل في أقرب وقت ممكن. ولتحقيق ذلك، ستواصل المملكة المتحدة العمل على الصعيد الثنائي، لا سيما في المجالات الاقتصادية والإقليمية والدولية، تماشياً مع هذا الموقف، لدعم حل النزاع.

13. ناقش الوزيران كيفية المضي قدماً في هذه القضية، وفي هذا السياق، رحّبت المملكة المتحدة باستعداد المغرب للتعاون بحسن نية مع جميع الأطراف المعنية لتوضيح تفاصيل ما قد يعنيه الحكم الذاتي داخل الدولة المغربية للمنطقة، بهدف استئناف مفاوضات جادة بشروط مقبولة من الأطراف.

من الرباط، وصف بوريطة الموقف البريطاني بأنه “تطور مهم”. ويرى أن المملكة المتحدة تنضم بذلك إلى الأعضاء الدائمين الآخرين في مجلس الأمن – الولايات المتحدة وفرنسا – بالإضافة إلى إسبانيا وألمانيا وبلجيكا، في دعم المبادرة المغربية، على الرغم من تفاوت المواقف. وقال الوزير، الذي وصف زيارة لامي بأنها “تاريخية”، وهي الأولى لوزير خارجية بريطاني إلى المغرب منذ عام 2011: “هذه الديناميكية ليست محاولة لترسيخ الوضع الراهن، بل هي وسيلة للتوصل إلى حل نهائي”.

تفاصيل دقيقة في لندن، ردود فعل في الجزائر

أعربت الحكومة الجزائرية، الداعمة لجبهة البوليساريو، عن أسفها لتغيير الموقف البريطاني ووصفته بأنه “خاصية مزدوجة”. في بيان صدر أمس الأحد، أعربت وزارة الخارجية الجزائرية عن أسفها لدعم بريطانيا لخطة الحكم الذاتي، مؤكدةً أن لندن لم تعترف بسيادة المغرب على الصحراء الغربية، وهو ما اعترفت به الولايات المتحدة وفرنسا.

وذكر البيان الجزائري أنه “خلال ثمانية عشر عامًا من وجودها، لم تُعرض هذه الخطة على الصحراويين كأساس للتفاوض، ولم يأخذها مبعوثو الأمم المتحدة الذين تعاقبوا على هذا المنصب على محمل الجد”. وتُدين الجزائر “عدم جدوى مبادرة الحكم الذاتي المغربية وعجزها عن تقديم حل جدي وذي مصداقية لنزاع الصحراء الغربية”، وتتهم الرباط بالترويج لاستراتيجية الأمر الواقع “لكسب الوقت” و”إغراق المجتمع الدولي باحتلال غير شرعي”.

ومع ذلك، تُقدّر الجزائر تأكيد المملكة المتحدة علنًا التزامها بمبدأ تقرير المصير وعدم دعمها الصريح للسيادة المغربية، إذ لم تُشر المملكة المتحدة إلى سيادة المغرب المزعومة على أراضي الصحراء الغربية ولم تدعمها، وبالتالي، فهي لا تدعم الاحتلال غير الشرعي لهذه المنطقة غير المتمتعة بالحكم الذاتي بموجب القانون الدولي. ووفقًا للدبلوماسية الجزائرية، أكد لامي علنًا وبصورة رسمية في مؤتمر صحفي “التزام المملكة المتحدة بمبدأ حق تقرير المصير”.

وخلص البيان إلى أنه “نظرًا لهذه الخاصية المزدوجة للموقف البريطاني الجديد بشأن قضية الصحراء الغربية، تُعرب الجزائر عن أملها في أن تواصل المملكة المتحدة، بصفتها عضوًا دائمًا في مجلس الأمن، مطالبة المغرب بتحمل مسؤولياته الدولية ومواصلة ضمان احترام القانون الدولي، ولا سيما مبدأ الأمم المتحدة بشأن إنهاء الاستعمار”.

صراع يقترب من نصف قرن

ظلّ نزاع الصحراء الغربية دون حل منذ الانسحاب الإسباني عام 1975. يسيطر المغرب على حوالي 80٪ من الإقليم ويقترح الحكم الذاتي تحت سيادته. تدعو جبهة البوليساريو، التي تُعلن قيام الجمهورية العربية الصحراوية الديمقراطية، إلى إجراء استفتاء لتقرير المصير، وهو خيارٌ يُمثل الإطار الرسمي للأمم المتحدة.

لا يُغيّر الدعم البريطاني للخطة المغربية رسميًا التوازن القانوني لعملية التفاوض التي تقودها الأمم المتحدة أو وضعها كآخر مستعمرة في أفريقيا. ويواصل ستيفان دي ميستورا، مبعوث الأمين العام، جهوده لإحياء المحادثات بين الطرفين، دون إحراز أي تقدم ملموس حتى الآن.

رابط دائم : https://dzair.cc/6mur نسخ