انحاز إلى الطرح المخزني وتجاهل قرارات الشرعية الدولية.. اتحاد الصحافيين العرب ينتهك أخلاقيات المهنة ويتنكّر لحق الشعب الصحراوي في تقرير مصيره

غريب أمر اتحاد الصحافيين العرب، كيف له أن ينحاز إلى موقف سياسي أو شأن إقليمي عربي ومغاربي وإفريقي، وكيف به أن يتجاوز قضية فصلت فيها الشرعية الدولية دون أيّ لبس أو ريب، وأخلاقيات المهنة تفرض عليه الالتزام بالموضوعية والحياد،فما باله وهذا الموقف الذي اتخذه يتنافى مع ما تقره هيئة الأمم المتحدة وتتبناه مؤسسات الاتحاد الإفريقي، الذي يضم في عضويته نصف عدد دول الجامعة العربية.

لا يمكن تفسير ما أقدم عليه الاتحاد العام للصحافيين العرب إلا من خلال مكان انعقاد اجتماع أمانته العامة التي لم تكن أمينة في موقفها المنحاز هذا، ومكتبه الدائم الذي يسعى لإدامة معاناة الشعب الصحراوي واحتلال الاستعمار المغربي لأراضيه، وإذا علمنا أنّ دبي الإماراتية هي من استضافت هذا الاجتماع التآمري سينزاح أيّ إبهام وسينجلي كلّ غموض.

دولة الإمارات التي تتبنى أطروحات نظام مخزني يسايرها ويؤازرها في مشروع التطبيع الذي تسعى إلى مدّه من خلاله، في المنطقة المغاربية، وتشنّ بين الحين والآخر حملات عدائية ضد الجزائر، هي من يقف وراء الموقف الغريب المريب للاتحاد العام للصحفيين العرب، الذي من المؤكد أنه رضي بأن يتحوّل إلى أداة طيعة ضمن مشروع التطبيع والبيع الإماراتي-المخزني.

هذا الاتحاد الذي لم نسمع له حسّاً طوال 15 شهرا الماضية، ذاق فيها الفلسطينيون عامة وسكان غزة خاصة ويلات القتل والإبادة على يد شقيق نظام المخزن في الاستعمار والتوسع، إنّه الكيان الصهيوني صديق دولة الإمارات التي تقف وراء هذا الانحياز الفاضح من منظمة غير حكومية عربية، تريد أبوظبي أن تحولها إلى قوة ناعمة تصنع بها رأياً عاما عربيا مزيفا لا يمثل شعوب المنطقة، حتى يتسنى لها تشويه حقائق تاريخية ثابتة لا تتزحزح تقرها مواثيق الأمم المتحدة.

لن نستغرب كثيرا إذا ما خرج علينا هذا الاتحاد اللاعربي وتبنى مواقف الكيان الصهيوني وطعن القضية الفلسطينية في الخاصرة، فالمواقف لا تتجزأ ومن رضي باحتلال شعب عربي في أقصى المغرب العربي لن يتوانى في دعم توسع كيان صهيوني في أدنى الوطن العربي، هناك في فلسطين أين تنزف دماء زكية لا تختلف عن دماء الصحراويين الذين لم يسألهم اتحاد الصحافيين العرب عن رأيهم ولا عمّا فعلوا في تقرير مصيرهم الذي تسنده الشرعية الدولية ويؤيده الاتحاد الإفريقي وكثير من الدول الحرة عبر العالم والمنظمات الدولية الحكومية وحتى منظمات غير حكومية من شاكلة هذا اتحاد الصحفيين العرب.

من المؤسف المحزن أن لا يختلف هذا الموقف الذي تبناه اتحاد الصحافيين العرب عن الصحافيين الصهاينة الذين يؤيدون الطرح المخزن ويقفون مع المغرب في نفس الخندق غير المختلف عن خنادق الدول الاستعمارية التي شهدها العالم عبر التاريخ، ولن نشك للحظة واحدة أنّ هذا الاتحاد كان سيقف مع الاستعمار الفرنسي في احتلاله للجزائر لو كان وقتها موجودا، فمن رضي أن يبيع نفسه للإمارات لن يرفض رشوة فرنسا الاستعمارية له من أجل تبني مواقفها.

هل يعلم الاتحاد العام للصحفيين العرب هناك منظمة دولية غير حكومية للصحفيين تساند الصحراويين، إنها الفيدرالية الدولية للصحفيين المتضامنين مع القضية الصحراوية، التي أعربت عن إدانتها لموقفه الداعم للطرف المغربي، حيث وصفته بالموقف الذي ينتهك القانون الدولي ومبادئ العدالة والسلام ، أليس من زيادة العار والخزي على هذا الاتحاد البائس أن يعترف الأغراب بما ينكره الأقارب؟

أخيرا لنا أن نتساءل ببراءة، هل ألقى “الصحفيون العرب” نظرة على شعار اتحادهم قبل أن يتخذوا موقفهم المخزي هذا، ويروا خريطة الوطن العربي التي تبين حدود المملكة المغربية التي تفصله عن موريطانيا والصحراء الغربية، أم أنّهم يكفرون بشعارهم ويرغبون في تغيير الخريطة بما يتواءم وهوى الإمارات وحليفها نظام المخزن؟