انسحاب الجزائر من رئاسة لجنة دولية بسبب عضوية الكيان الصهيوني.. سطر جديد في تاريخ ناصع من الالتزام بدعم القضية الفلسطينية

انسحاب الجزائر من رئاسة لجنة دولية بسبب عضوية الكيان الصهيوني.. سطر جديد في تاريخ ناصع من الالتزام بدعم القضية الفلسطينية

في عام 2020، أكّد رئيس الجمهورية عبد المجيد تبون أنّ الجزائر “لن تشارك ولن تبارك الهرولة نحو التطبيع مع إسرائيل”، وأن “مفتاح الحل لمشاكل الشرق الأوسط هو القضية الفلسطينية”، حيث أنه ” ليس هناك حل للقضية الفلسطينية إلا بدولة فلسطينية في حدود عام 1967 وعاصمتها القدس الشريف”.

تصريحات الرئيس تبون وقتها كانت بقدر من الذكاء الدبلوماسي الذي جعل الجزائر تردّ بطريقة تجمع بين قوة الموقف ووضوح المبادئ التي فرّطت فيها العديد من الدول العربية، والتي كان يراد معها للجزائر أن تتورط في الخيانة الكبرى التي صدرت من دول عربية من المفروض أن تربطها أواصر وثيقة مع فلسطين وشعبها وقضيته، تحول بينها وبين هذه الجريمة النكراء التي تسببت في إضاعة حقوقه، والمسماة التطبيع.

وقد كانت الجزائر ولا تزال واضحة في موقفها من هذا المرض الخبيث، الذي أصاب جارتها الغربية، بعد أن رضخ نظام المخزن القمعي واستجاب لطموحات ومطامع الكيان الغاصب، طمعا في اعتراف أمريكي بـ “مغربية الصحراء”، وهو الثمن الباهظ الذي ثبت أنه لم ينفعه في شيء بعد مغادرة الرئيس ترامب، بل على العكس جعله يفرط في فلسطين والصحراء أيضا، التي ليست له أصلا.

وقد كانت الدبلوماسية الجزائرية منسجمة مع تصريحات الرئيس تبون، التي تبين أنها تأكيد للمواقف الثابتة للدولة الجزائرية تجاه القضية الفلسطينية، وذلك عندما قادت الجزائر نشاطا دبلوماسيا مكثفا لمنع قبول عضوية الكيان الصهيوني كمراقب داخل مؤسسات الاتحاد الإفريقي، وهو العمل الذي توّجته حركة تدعو إلى الفخر والاعتزاز تمثلت في طرد الوفد الإسرائيلي القمة السادسة والثلاثين لرؤساء دول الاتحاد الأفريقي المنعقدة في أديس أبابا.

هذا الموقف المشرف للجزائر يتعزّز أكثر ويصنع تاريخا من المجد والبطولة في مناصرة القضية الفلسطينية، مهما حدث من تغير في السياسة الدولية، بعد أن انسحب المجلس الشعبي الوطني، أول أمس الأحد، من رئاسة المجموعة الاستشارية الرفيعة المستوى “لمكافحة الإرهاب والتطرف العنيف” للاتحاد البرلماني الدولي، بسبب عضوية إسرائيل فيها.

هذا القرار جاء بعد أن انتُخبت الجزائر، ممثلة في نائب رئيسه منذر بودن، انتخبت خلال الجمعية العمومية الـ 146 للاتحاد البرلماني الدولي والاجتماعات المصاحبة لها في العاصمة البحرينية المنامة، في 13 مارس الماضي.

إن حال من يعول على حدوث تراجع في مواقف الجزائر الداعمة للقضية الفلسطينية، تشبه حال نظام المخزن حينما انتظر أن يُخرجه قرار ترامب الذي لم تلتزم به إدارة بايدن، من مأزقه الدبلوماسي والسياسي حيال القضية الصحراوية، فالمواقف الثابتة هي وحدها ما يساعد على حلّ القضايا العادلة حتى وإن كانت تبدو مستعصية وتبدو للمتخاذلين عنها مستحيلة.

أحمد عاشور