صدر قرار الرئيس الأمريكي السابق دونالد ترامب المشؤوم، بالاعتراف بأكذوبة “مغربية الصحراء” في سياق مخطط خبيث لجر المنطقة العربية نحو التطبيع، الذي كانت تقوده دولة الإمارات عبر ما يسمى “اتفاق أبراهام للسلام” مع الكيان الصهيوني، وهو محاولة خبيثة لطرح تبرير ديني غير مؤسس بهدف تجاوز الخلاف المحتدم بين المسلمين والصهاينة حول من تؤول إليه أحقية المسجد الأقصى في فلسطين.
وسرعان ما أصبحت الإمارات شيطان المنطقة العربية، وراحت تبث وساوسها المسمومة إلى بقية دول الخليج وأيضا باتجاه المغرب الذي أقنعته بأنّ حلّ “مشكلة مغربية الصحراء” يمرّ عبر التطبيع مع الصهاينة وبمباركة المحافظين الجدد في الولايات المتحدة خلال ولاية رئيسهم الجمهوري دونالد ترامب.
ومع توقيع نظام المخزن على اتفاقيات التطبيع، أو بالأصح بيع المغرب للكيان الصهيوني، الذي تتواجد به جالية يهودية مغربية تؤكّد الإحصائيات أنها تقارب المليون نسمة، تشكّل ثلاثي خطير لتنفيذ قرار ترامب الذي لم يتمكن من وضعه على الأرض بعد أن خسر انتخابات الرئاسة في نوفمبر 2020،
غير أن تحالف قوى الشر المشكل من المغرب والكيان الصهيوني والإمارات، أخذ على عاتقه تنفيذ قرار ترامب بأساليب أخرى ووفق خطة مغايرة، تتلخص في استهداف الجزائر التي تقف سدّا منيعا أمام أطماع نظام المخزن في الصحراء الغربية، ولم يكن هذا الاستهداف بطريقة مباشرة فقد اتبع هذا التحالف الشيطاني أسلوبا التفافيا يقضي بضرب أمن واستقرار الجوار الجزائري المباشر، والبداية كانت من ليبيا، حيث أن الإمارات وعبر حليفها خليفة حفتر حاولت في مرات عدة استفزاز الجزائر التي حافظت على رباطة جأش وبرودة أعصاب تنم عن حنكتها الدبلوماسية، وأيضا عن مدى صلابة ووجاهة موقفها.
وبعد محاولة فاشلة وخائبة تصدت لها الجزائر، كان الهدف من ورائها جر تونس نحو القبول بعزل الجزائر عن محيطها المغاربي، تحوّلت أنظار ثلاثي الشر إلى منطقة الساحل بغرض افتعال أزمة بين النيجر والجزائر بعد الانقلاب العسكري على الرئيس النيجري محمد بازوم، خصوصا وأن الدولة الجزائرية بقيت متشبثة بموقفها الثابت الذي يقتضي العودة إلى الشرعية الدستورية في هذا البلد الجار والصديق والشقيق، ثم حينما أخفقت هذه المحاولة البائسة، ها هو ثلاثي الشرّ يسعى من جديد للوقيعة بين الجزائر ومالي عبر التدخل مباشرة لدى المجلس العسكري في بماكو وتحريضه ضدها من خلال اتهامات لا أساس لها من الصحة الغرض منها أن تكون مبررا لإلغاء اتفاق الجزائر المبرم بالعاصمة في 2015 بين الأطراف المالية من أجل السلم والمصالحة.
إنّ هذه الممارسات الصادرة عن هذا الحلف الشيطاني خوّلته لأن يشكل مركز ثقل للعديد من الصراعات في العالم، هذه الدول التي يقودها الكيان الصهيوني باتت تزرع الفوضى والموت في كل مكان وتهدد السلام، وخاصة في إفريقيا والمنطقة العربية بتحالفها مع جيش الاحتلال الصهيوني ضدّ المقاومة الفلسطينية الباسلة.
إنّ هذا التحالف الخطير الذي أصبح المغرب إحدى دوله اتخذ خطوة حاسمة نحو حرب أهلية جديدة في مالي عبر التوقيع على اتفاق لتحويل منطقة الساحل إلى برميل بارود، لكن هذا الاتفاق الذي بادر إليه الكيان الصهيوني سيلحق ضرراً كبيراً بالمنطقة قبل أن يُلقى بدوره بإرادة الشعب المالي إلى مزبلة التاريخ، فلقد شهد العالم والمنطقة عبر التاريخ تحالفات غريبة وخطيرة جميعها كانت نهايتها سيئة.