بعد قرابة 4 شهور من اهتزاز الأرض تحت أرجل ساكنة إقليم الحوز، لاتزال أضرار ومخلفات الهزة التي امتدت ارتداداتها إلى مدن مغربية عديدة تؤثر على معيشة الناجين من زلزال الأطلس الكبير، خاصة بعد مرور أيام على دخول فصل الشتاء الذي يتميز بدرجات حرارة جد منخفضة.
معظم الناجين من الهزة التي بغلت قوتها 6.9 درجات على سلم ريشتر تضررت مساكنهم إما بشكل جزئي عبر تصدعات وتشققات حادة تتطلب عمليات ترميم وإعادة تأهيل لتصبح صالحة للسكن، مقابل فئة أخرى تهدمت منازلها بشكل كلي بسبب الهزة العنيفة.
وبعد مرور 4 أشهر عن زلزال الأطلس الكبير، سجلت فعاليات مدنية أسلوب وضع الإجراءات وتنفيذ هذه البرامج التي تبنتها الحكومة المغربية بهدف “تسريع” عملية إعادة إعمار المناطق التي دمرها الزلزال، حسب زعمها، حيث صُرفت إلى حد الآن دفعة واحدة فقط من الدعم المخصص لإعادة بناء وتأهيل المباني السكنية، دون أن يستفيد منها جميع المتضررين.
“التخبط” عنوان المرحلة
وفي هذا الصدد، قالت المنسقة الإقليمية للائتلاف المدني من أجل الجبل بإقليم الحوز، نجية أيت امحند، أن “العشوائية والتخبط لازالا يطبعان تدبير ملف إعادة بناء وتأهيل المنازل المتضررة جزئيا أو كليا من الزلزال رغم صرف الدفعة الأولى من الدعم المخصص لهذه العملية”.
وأضافت متحدثة أن “هناك أيضا غياب للمعلومات والمعطيات الرسمية حول قابلية حالة الأرض والتربة في المناطق التي تضررت من هزة ليلة 8 سبتمبر 2023 لإعادة بناء وتأهيل المنازل المتضررة في بعض الدواوير”.
وحول سؤالها عن تجليات ما اعتبرته “تخبط” في تدبير مرحلة ما بعد الزلزال وعملية إعادة الإعمار، أجابت الفاعلة الجمعوية أن “التخبط يظهر في قيمة الدفعة الأولى التي تحصلت عليها بعض الأسر (20 ألف درهم من أصل 80 ألف درهم) على الرغم من تضرر منازلها كليا، في وقت حددت فيه الحكومة قيمة تعويض هذه الفئة في 140 ألف درهم”.
وعزت الفاعلة الجمعوية أسباب المشاكل المرتبطة بتصنيف المتضررين إلى “التضارب على مستوى معطيات اللجان التي أشرفت على تقييم وقياس الأضرار، ففي بعض الحالات اللجنة الأولى تصنف المنزل على أنه تضرر كليا في وقت تصنفه لجنة أخرى على أنه تضرر جزئيا” مؤكدة أنه “لا علم لنا بالمعايير المعتمدة في تصنيف المنازل المتضررة”.
وأضافت المتحدثة: “من أوجه تضارب المعطيات هو أنه بعض المتضررين تحصلوا على تصميم المنزل الجديد على الرغم من أنهم صنفوا في خانة الذين تضررت منازلهم جزئيا، في حين أن التصميم يعطى للذين تضررت منازلهم بشكل كلي فقط”.
وخلصت عضو الائتلاف المدني من أجل الجبل أنه “في ظل هذه الظروف، يظهر لنا كساكنة لهذه المناطق المتضررة أن إعادة بناء وتأهيل المنازل المتضررة من الزلزال يمكن أن تأخد مدة طويلة من 5 إلى 6 سنوات، سواء بسبب التدابير غير الواضحة أو بسبب قلة اليد العاملة ومواد البناء”.
تصاميم دون رخص للبناء
من جهته، قال منسق تنسيقية ضحايا زلزال الحوز بأمزميز، محمد بلحسن، إن “الدواوير التابعة لجماعة أمزيز لازالت تعاني من مشاكل كبيرة على مستوى إعادة بناء المنازل المتضررة” مسترسلا أن “بعض المواطنين حصلوا على تصاميم البناء لكن دون الحصول على رخص البناء”.
وفي سياق عرضه للصعوبات التي تواجه ساكنة المنطقة في إعادة تأهيل وبناء المنازل، أضاف بلحسن أنه “حتى وإن حصلت على رخصة البناء فإن وضعية بعض الدواوير لا تسمح بالشروع في إعادة بناء المنازل، بسبب وجود أنقاض تعرقل وصول معدات وتجهيزات البناء إلى بعض المناطق المتضررة من زلزال الحوز”.
وعن طبيعة التصاميم التي تقدمها السلطات المحلية للمعنيين بإعدة البناء، أوضح منسق تنسيقية ضحايا زلزال الحوز أن “السلطة المحلية تفرض تصاميم البناء التي تمنحها للساكنة، من خلال تحديد مساحة 70 متر مربع فقط للبناء، في حين أن بعض المنازل المتضررة كانت تبلغ مساحتها 140 متر مربع، أي قرابة نصف المساحة التي تم تحديدها في التصميم”.
وتابع الناشط الجمعوي في وصفه حال بعض الدواوير بجماعة أمزميز أنه “رغم المجهودات التي تبذلها السلطات المختصة، إلا أن هناك تأخر كبير في إزالة الركام، حيث أن معظم الأنقاض لازالت في مكانها منذ هزة 8 سبتمبر بسبب الوتيرة البطيئة التي تعرفها هذه العملية”.
وانتقد المتحدث ذاته “الغياب التام للتواصل مع المواطنين إلا حينما يخرجون إلى الشارع للاحتجاج والتعبير عن غضبهم من طريقة تدبير أحد الملفات المرتبطة بإعادة الإعمار أو الدعم الذي يمنح إلى المتضررين”.