تحتفظ الجزائر والدوحة بعلاقات متميزة، تعززت في السنوات الأخيرة من خلال شراكات استراتيجية واعدة.
وفي هذا السياق، انعقدت أمس بالدوحة (قطر) الجلسة الأولى من المشاورات السياسية بين البلدين، برئاسة الأمين العام لوزارة الخارجية والجالية الوطنية بالخارج لوناس ماقرمان، ونظيره القطري. أحمد حسن الحمادي. جلسة تشاورية تهدف إلى تفعيل بنود مذكرة التفاهم الموقعة بمناسبة زيارة الدولة التي قام بها رئيس الجمهورية إلى قطر في فبراير 2022.
وكانت الجلسة فرصة للإشادة بالزخم والديناميكية التي تشهدها العلاقات بين البلدين، مما أتاح للطرفين استعراض حالة العلاقات الثنائية المتميزة في عدة مجالات، أبرزها السياسية والاقتصادية والاستثمارية، فضلا عن سبل تعميقها وتنميتها وتعزيزها بشكل أكبر، تحسبا لانعقاد الدورة السادسة للجنة المشتركة الجزائرية القطرية.
وقد اتخذ البلدان خطوات مهمة في تعزيز التعاون في مختلف المجالات، كما يتضح من التوقيع على العديد من مذكرات التفاهم واتفاقيات التعاون في العديد من القطاعات الاقتصادية، أبرزها في السياحة والزراعة والصناعة والصحة والتعليم العالي.
أكبر مستثمر عربي في الجزائر
وتعتبر قطر أكبر مستثمر عربي في الجزائر، حيث تشكل استثماراتها أكثر من 70% من إجمالي الاستثمارات العربية، بحسب التقديرات الأخيرة. وأعلن وزير الخارجية أحمد عطاف، في حوار مع قناة الجزيرة، أن “الاستثمارات القطرية باستثناء المحروقات في الجزائر تعادل، أو حتى تتجاوز، استثمارات الدول الأوروبية مجتمعة”.
من جهة أخرى، أشار سفير قطر لدى الجزائر، عبد العزيز علي النعمة، في يناير 2023، إلى أن رابطة رجال الأعمال القطرية “رحبت بصدور القانون الجزائري الجديد للاستثمار، الذي يوفر فرص خلق الثروة للطرفين، وهو ما لاحظناه خلال الزيارات المتتالية لرجال الأعمال القطريين للوصول إلى سوق الإنتاج والصناعة في الجزائر وإعداد الترتيبات اللازمة لذلك.“.
وأشار الدبلوماسي في نفس الوقت إلى التوقيع على اتفاقية استثمار لتعزيز التعاون والاستثمار في تطوير وإدارة 73 فندقا تابعاً لمجموعة السياحة الفندقية والمنتجعية (HTT) عبر التراب الوطني. وأشار إلى أن بلاده تخطط لإطلاق مشاريع سياحية أخرى إلى جانب المشاريع التجارية والغذائية والصناعية.
مشاريع استثمارية واسعة النطاق
وتتميز الاستثمارات القطرية في الجزائر بأهميتها الاستراتيجية والهيكلية للاقتصاد الوطني، وهو ما ينطبق على المشروع الجزائري القطري للصلب بالمنطقة الصناعية بلارة بولاية جيجل، والذي تبلغ قيمته حوالي 2 مليار دولار وبطاقة إنتاجية تصل إلى خمسة مليون طن من الفولاذ، المجمع الجزائري القطري هو مشروع مشترك بين شركة قطر ستيل العالمية (49%) ومجموعة إيميتال (46%) وصندوق الاستثمار الوطني (FNI 5%).
وتتواجد الاستثمارات القطرية أيضا في مجال الاتصالات، مع شركة الهاتف المحمول Ooredoo، التي تأسست في الجزائر منذ عام 2004 والتي تضم حتى الآن أكثر من 13 مليون مشترك في تقنيات الجيل الثالث والرابع، حيث سجلت هذه الشركة الجزائرية التابعة لـ Ooredoo رقم مبيعات قدره 659.2 مليون دولار أمريكي لعام 2023، وهو ما يمثل زيادة بنسبة 11٪ مقارنة بالعام السابق. وفكرت مجموعة الاتصالات القطرية مؤخرا في إطلاق تقنية الجيل الخامس في أسواقها الإفريقية، خاصة في الجزائر.
وفي مجال الطاقة، يجري تنفيذ مشروع رائد مع القطريين، وهو بناء مجمع للبتروكيماويات في الجزائر، في إطار شراكة بين الشركة العامة سوناطراك وشركة قطر الدولية للطاقة القابضة، وسيقوم هذا المصنع بإنتاج المواد الخام الأساسية مثل البيوتين والبولي بيوتين (المدخلات المستخدمة في تصنيع المنتجات العضوية والبوليمرات).
وفي مجال الصحة، من المقرر أيضا إنجاز مشروع كبير يتعلق ببناء المستشفى الجزائري القطري الألماني، الذي سيتم تدشينه نهاية سنة 2025، حسب آخر التقديرات. وسيتم تجهيز البنية التحتية، التي تقع في مدينة سيدي عبد الله الجديدة، لاستيعاب أكثر من 250 ألف مريض في الاستشارات الخارجية كل عام، بالإضافة إلى 25 ألف مريض يدخلون المستشفى كل عام.
لكن المشروع الاستثماري الذي يشهد اليوم على متانة العلاقات بين البلدين يبقى هو إنجاز مشروع لإنتاج الحليب المجفف بقيمة 3.5 مليار دولار مع شركة بلدنا القطرية التي وقعت مؤخرا اتفاقية إطارية مع وزارة الزراعة، ويتعلق الاتفاق بإحداث شركة عملاقة لتربية الأبقار الحلوب بولاية أدرار جنوب البلاد على مساحة 117 ألف هكتار.
ويتكون هذا المشروع، الذي سيتم إطلاقه بالشراكة بين عملاق منتجات الألبان القطري والدولة الجزائرية عبر صندوق الاستثمار الوطني، من ثلاثة أقطاب يضم كل منها مزرعة لإنتاج الحبوب والأعلاف، ومزرعة لتربية الأبقار وإنتاج الحليب واللحوم، بالإضافة إلى مصنع لإنتاج الحليب المجفف.
مترجم عن: https://lalgerieaujourdhui.dz/baladna-aqs-ooredoo-algerie-qatar-les-fruits-dune-relation-privilegiee/
