ألقى الرئيس المدير العام لمجمع سوناطراك رشيد حشيشي، كلمة بمناسبة الذكرى الستين لتأسيس شركة سوناطراك، في حفل أقيم بالمركز الدولي للمؤتمرات، وهذا بحضور عدد من وزراء الحكومة، وأعضاء السلك الدبلوماسي.
وكشف حشيشي، أن تأسيس سوناطراك جاء في فترة حاسمة من تاريخ الجزائر تميزت على وجه الخصوص بسعي الدولة الجزائرية الحثيث وإصرارها على بسط سيادتها الوطنية على ثرواتها الطبيعية، كجزء أصيل من جملة القرارات الاستراتيجية الهادفة لبناء المشروع الوطني الاقتصادي والاجتماعي الذي تم اعتماده بعد الاستقلال.
وقال في هذا الخصوص: “علينا أن نستحضر بكل فخر دور أولئك الرواد الأوائل الذين قادوا رحلة التأسيس الصعبة من أجل إرساء قواعد مؤسسة قوية وعصرية تنافس كبرى الشركات انذاك، وذلك لنستلهم منها العبر والدروس، وتستمد منها القوة والعزيمة التي تمكننا، اليوم، من المضي قدما نحو آفاق جديدة”.
وأضاف: “إن إلقاء نظرة فاحصة على التاريخ الاقتصادي والصناعي للجزائر يبين أن مسيرة مؤسسة سوناطراك منذ تأسيسها ذات 31 ديسمبر عام 1963، كانت مسيرة مميزة على أكثر من صعيد، فهي بقدر ما كانت مليئة بالتحديات، بقدر ما كانت أيضا حافلة بالإنجازات”.
وأكد الرئيس المدير العام، أن سوناطراك عملت بعزيمة لا تلين على مدى ستين عاما من الابتكار والتطوير على تلبية احتياجات البلاد من مختلف الموارد الطاقوية، وأسهمت بشكل حاسم، عبر توطيد قدرات التصدير، في تعزيز حصتها في الأسواق العالمية، وتوفير مصادر التمويل الضرورية لفائدة مشاريع التنمية الاقتصادية والاجتماعية.
وأوضح حشيشي، أن هذه الفترة المعنية شهدت نموا مضطردا في إنتاج الشركة من النفط والغاز، وتوسعا كبيرا في محفظتها الاستثمارية، لتشمل مجمل سلسلة القيم، بدءًا من استكشاف المحروقات واستخراجها ونقلها، وانتهاء بالتحكم في التقنيات واعتماد الابتكارات المتصلة بصناعة الطاقة مرورا بالإنجازات الكبرى في مجال صناعات المعالجة والتكرير والتمييع والبتروكيمياء وبتشييد ومركبات منتشرة في مختلف ربوع البلاد.
كما شهدت الفترة، فضلا عن ذلك، توسع نطاق عمليات الشركة، من خلال مشاريع استكشاف واستغلال في مناطق عديدة وكذلك نشاطها على المستوى الدولي، على غرار ليبيا والنيجر والبيرو وفروعها التجارية في أوروبا، يضيف حشيشي.
وأشار ذات المتحدث، إلى مشاريع إنجاز محطات كبرى لتحلية مياه البحر في عدد من المواقع الساحلية، حيث تتكفل سوناطراك حاليا ببناء خمس محطات كبرى لتحلية مياه البحر، بناء على تعليمات رئيس الجمهورية عبد المجيد تبون بإنجازها وتجهيزها في إطار المخطط الاستعجالي لتحلية مياه البحر سعيا لتحقيق الأمن المائي.
وأكد رشيد حشيشي على تعزيز سوناطراك لالتزامها بالمحافظة على البيئة وتطوير الطاقات المتجددة، عبر استثمارات مستدامة وتكنولوجيا نظيفة يوجه جزء منها لاسترجاع الغازات المحترقة في حقول الإنتاج ومركبات الغاز الطبيعي المميع، مشيرا إلى أن الشركة تسعى للوصول إلى نسبة إجمالية للحرق نقل عن 1%، والتأقلم مع التحولات الجارية في أسواق الطاقة العالمية، من خلال تخفيض انبعاثات الغازات الملوثة للبيئة والتقليل من البصمة الكربونية.
وتابع قائلا: “إن هذه الإنجازات التي ترتسم اليوم شاهدة على ما حققته سوناطراك على مدى ستين عاما من إنشائها، ما كان لها لتصل إلى هذا المستوى، لولا جهود أجيال متعاقبة من الإطارات والعاملين من النساء والرجال الذين عملوا بتفان ومثابرة وإخلاص من أجل رفع التحدي وإنجاز المهام المنوطة بهم بكفاءة واقتدار”.
مضيفا: “فلقد أدركت الشركة، منذ البداية، أهمية الموارد البشرية، بوصفها رأس المال الحقيقي والكنز الثمين المعول عليه بالنظر لدورها الحاسم في تحسين الأداء والارتقاء به إلى المستويات المعيارية للنجاح، ولذلك كان تركيزها منصبا على الاستثمار في تكوين أجيال من المهندسين والتقنيين في المجالات المرتبطة بالنفط والغاز والتخصصات الأخرى ذات الصلة، وكذا العمل باستمرار على تطوير الكفاءة المعرفية والمهارية للعاملين من خلال برامج التكوين المتواصل ودورات التدريب المتخصصة، بما يعزز من قدرة هذه الموارد على مواكبة التطورات التقنية والتكنولوجية وتطويعها والتحكم فيها”.
وفي سياق آخر، أفاد ذات المتحدث، أن سوناطراك بادرت منذ البداية باتخاذ جملة من التدابير من أجل ضمان الأمن الطاقوي للبلاد على المديين المتوسط والطويل، من خلال العمل على زيادة الاحتياطيات ورفع الطاقة الإنتاجية بما يكفي لتغطية الاستهلاك الداخلي، وتعزيز القدرة على التصدير والوفاء بالالتزامات التعاقدية مع الشركاء والزبائن، ومن ثمة المساهمة المتعاظمة في توفير العملة الصعبة ورفع احتياطات البلاد من الصرف.
ويتعلق الأمر، في المقام الأول، بتوطيد التوجه نحو استقطاب مزيد من الاستثمارات الأجنبية وجلب شركاء جدد، لا سيما بعد أن قامت السلطات العمومية بوضع إطار تشريعي ملائم، من خلال إصدار قانون جديد ينظم نشاطات المحروقات، ويتضمن جملة من التدابير التحفيزية والمزايا الجبائية التي من شأنها خلق بيئة جاذبة للاستثمار في هذه النشاطات.
كما يتعلق الأمر، في المقام الثاني، بتطوير قدرات الشركة في مجال الاستثمار، لاسيما على مستوى نشاطات المنبع حيث تم تخصيص مبلغ 50 مليار دولار خلال الفترة 2024-2028 لهذا الغرض منها 36 مليار دولار موجهة أساسا للاستكشاف والإنتاج.
أما في المقام الثالث، فيتعلق الأمر بعصرنة المنشآت وتجهيزها بأحدث التكنولوجيات، وإعادة تأهيل المصافي. ويتعلق الأمر أخيرا بمواصلة الاستثمار في البحث والتطوير والابتكار وتشجيع البحث العلمي والتطوير التكنولوجي، ورعاية التفوق والامتياز في المجالات ذات الصلة، يكشف الرئيس المدير العام.
وأردف حشيشي، أن سوناطراك، وهي تعمل على تطوير محفظتها الاستثمارية، تتطلع إلى توسيع نشاطاتها في مجال الصناعات البتروكيميائية، من خلال إنتاج البوليبروبيلان ودخول وحدة لإنتاج MTBE في مرحلة الانجاز، دون إغفال المشروع الضخم المدمج لإنتاج الفوسفات الذي سيمكن بلادنا، بعد إنجازه، من أن تصبح من أكبر مصدري الأسمدة على المستويين الإقليمي والدولي.