تأجيل الانتخابات الرئاسية يرهن وحدة ليبيا ويهدد أمن حدودها مع الجزائر

منذ أن تم الإعلان عن موعد إجراء الانتخابات الرئاسية الليبية في 24 ديسمبر 2022 الجاري، قبل أشهر، رحبت الجزائر بهذه الخطوة وأكدت على استعدادها، حكومة وشعبا، لدعم الشعب الليبي في تحقيق تطلعاته بإجرائها في موعدها المحدد، وانتخاب رئيس يستلم دفة البلاد والوصول بها إلى بر الأمان.

وقد أكدت الجزائر على لسان وزير خارجيتها رمطان لعمامرة، حينما تم تداول مزاعم مغرضة تدعي أن “الجزائر ليست وسيطا نزيها في الأزمة الليبية”، أن الجزائرلا تدعم أي طرف سياسي في الجارة ليبيا، وأنها تواصل جهودها الداعمة لتنظيم الانتخابات في موعدها في 24 ديسمبر.

ومع تأكد تأجيل الانتخابات الرئاسية في ليبيا، تزداد المخاوف من حدوث ما كانت الجزائر تحذر منه، حيث أورد موقع أفريكا أنتليجنس أن “تأجيل الانتخابات قد يؤدي إلى عودة ليبيا إلى المربع الأول”، مشيرا إلى أن مجلس النواب الذي يرأسه عقيلة صالح “يهدد بإعلان حكومة انتقالية غير شرعية وإعادة إدارة موازية في برقة، فيما قد يرغب خليفة حفتر المترشج للرئاسة في استعادة دوره.”

ورغم أن الجزائر بوسعها أن تمضي خلف مصالحها الجيوستراتيجية ولا تبحث سوى عن تحقيق مصالحها الحيوية خاصة ما تعلق بتأمين حدودها الشرقية مع ليبيا، وذلك من خلال تأييد ودعم ترشح سيف الإسلام القذافي، إلا أنها أثبتت وفي مناسبات عدة تمسكها بوحدة ليبيا وسيادة شعبها في اختيار من يحكمه، ضمانا للديمقراطية في ليبيا، وتأكيدا منها على استعدادها الدائم لتقديم يد المساعدة من أجل التوصل إلى هذا الهدف، إلى جانب دعمها لمصالحة ليبية شاملة تنهي الخلافات.

وقد ظلت الجزائر محافظة على مواقفها حيال الأزمة الليبية، حيث سبق لها وأن دعت إلى عقد مؤتمر لدول الجوار الليبي، اتفق المجتمعون خلاله على تفعيل الاتفاقية الرباعية لحماية الحدود المشتركة، كما أبدت الدول المشاركة دعمها لمبادرة استقرار ليبيا.

وفي هذه الظروف التي تتسم بالغموض حيال تحديد موعد جديد لإجراء الانتخابات الليبية، تسعى هيئة الأمم المتحدة، ممثلة في مستشارة الأمين العام، ستيفاني وليامز، التي أكد موقع أفريكا أنتليجنس الاستخباراتي أنها “تقود جولة أخيرة من جهود الوساطة لإنقاذ “عملية السلام”، وتجنب عودة حكومة موازية في شرق ليبيا والعودة إلى المربع الأول.”

وأضاف الموقع الفرنسي أن وليامز أصبحت الآن في سباق دبلوماسي مع الزمن حيث يتمثل دورها في محاولة منع عملية السلام، التي وضعتها في أواخر 2020 عندما كانت تشغل منصب القائمة بأعمال رئيس بعثة الأمم المتحدة للدعم في ليبيا، من الخروج عن مسارها تمامًا.

وفي هذا السياق، يضيف الموقع، أن ويليامز عقدت اجتماعاً في 19 ديسمبر الجاري لعرض خارطة طريق انتخابية جديدة لممثلي الولايات المتحدة وفرنسا وإيطاليا والمملكة المتحدة وألمانيا، وقال إن المقترح من شأنه أن يؤجل الانتخابات لمدة 4 إلى 6 أشهر، للسماح للمفوضية الوطنية العليا للانتخابات بإكمال مهمتها.

ونقل “أفريكا أنتليجنس” أن سيناريو وليامز سيضع ترشيح عبد الحميد الدبيبة على أسس قانونية، فيما سيبقى خليفة حفتر والمرشحين الآخرين في المنافسة، لكن خطتها لا توفر مكانًا في السباق الرئاسي لسيف الإسلام القذافي الذي لا يزال مطلوبا من المحكمة الجنائية الدولية لدوره المزعوم في جرائم ضد الإنسانية خلال ثورة 2011.

وفي هذا الشأن أوضح ذات الموقع، أن روسيا “ستعارض أي محاولة لاستبعاد سيف الإسلام القذافي” حيث اختارت في وقت مبكر جدًا دعم عودة الموالين للنظام السابق إلى الساحة السياسية، وفي المقابل فإن كلا من المملكة المتحدة وإيطاليا، تؤيدان فصل الاستحقاق الانتخابي وإجراء الانتخابات التشريعية أولاً، ومن ثم خوض السباق الرئاسي بعد ذلك.

أحمد عاشور