تراجع سانشيز وإلغاء اتفاق الصيد.. صفعتان على وجه دبلوماسية المخزن خلال أقل من شهر

تعيش دبلوماسية المخزن مؤخرا على وقع فشل ذريع، زاد من وطأته عليه تخبط الجهات الرسمية المغربية وعدم مقدرتها على تكذيب ما تنقله الصحافة الدولية بهذا الخصوص، إلى جانب الشعب المغربي الذي كانت هذه الجهات إلى وقت قريب تنجح في خداع وإيهام شرائح واسعة منه بإنجازاتها الوهمية.

وقد اتضح استسلام المخزن لمنطق الأشياء من خلال عدة محطات تلقى فيها ضربات موجعة، حيث تمثلت الصفعة الأولى التي أخذتها دبلوماسيته في تصريحات رئيس الوزراء الإسباني بيدرو سانشيز، والتي تناقلتها وسائل الإعلام الإسبانية والعالمية، حيث أكّد من خلالها وقوفه مع الشرعية الأممية في ما يتعلق بالقضية الصحراوية، ما يعني بالتبعية تنصّله من أيّ دعم لأكذوبة “مغربية الصحراء” التي يروج لها نظام المخزن.

وفي الواقع فإنّ موقف إسبانيا لم يتغيّر بخصوص دعمها لجهود الأمم المتحدة القائمة على حق الشعب الصحراوي في تقرير مصيره، باعتبارها المستعمر السابق الذي يجب عليه أن يشارك في إيجاد حلّ يراعي حقوق الصحراويين ولا يتنكر لها، غير أنّ ما تغيّر في الواقع هو الموقف الشخصي لبيدرو سانشيز والحديث الذي روجته وسائل إعلام مخزنية حول “رسالة” بعث بها إلى سلطات المخزن، وأعرب فيها عن “اعتراف شخصي” أو ربّما “حزبي” على أكثر تقدير بـ “مغربية الصحراء”، كما أنّه سوف يلتزم بالتصويت لهذا “القرار” أمام الهيئات الدولية، وهو “الموقف” الذي يبدو أنه لا يلزم إسبانيا، دولةً وحكومةً، في شيء، وقد اتضح بطلانه بتنصل سانشيز منه في النهاية.

ويبدو أن حرص أبواق المخزن على نشر “رسالة سانشيز” الموجهة إلى القصر العلوي كانت في سياق حملة الضغط والابتزاز التي شنّها عليه، في إطار فضيحة برنامج بيغاسوس التجسسي الذي طال هاتفه الشخصي، ومن المؤكّد أن المخابرات المغربية حصلت منه على معلومات مهمّة مكنت المخزن من ممارسة ابتزازه المألوف على سانشيز من أجل تغيير مواقف حكومته إزاء الصحراء الغربية.

سانشيز وبعد أن وجد نفسه مباشرة في مواجهة الشعب الإسباني، والتي فرضتها عليه حملته الانتخابية، في إطار تشريعيات 23 جويلية الجاري، لم يكن بوسعه مواصلة استسلامه لابتزازات المخزن، فقد فضح أبواق المخزن ونفى نفيا قاطعا علاقته بهذه “الرسالة”، ومن المؤكّد أنّه لم يكن لديه من خيار آخر سوى المصارحة وإلا فإنّه سيخسر ثقة الناخبين، الذين التفتوا خلال هذه الحملة كثيرا إلى غريمه ألبيرتو نونيث فيخو، خاصة وأنّ هذا الأخير شنّ عليه حملة ممنهجة بخصوص تحوله المفاجئ والغريب عن المبادئ الثابتة للسياسة الخارجية الإسبانية، في موقفها المبدئي من القضية الصحراوية والذي لا يخضع لمنطق التداول على الحكومة بين الأحزاب السياسية.

الضربة الموجعة الثانية التي سقطت على رأس نظام المخزن في شهر جويلية، هي بدء سريان مفعول حكم محكمة العدل الأوروبية من يوم أمس 17 جويلية، بخصوص اتفاق الصيد بين المغرب والاتحاد الأوروبي والذي لن يشمل مستقبلا المياه الإقليمية للصحراء الغربية المحتلة، ما سيجبر 128 سفينة صيد أوروبية على الانصياع لقرار المحكمة والعودة إلى موانئها.

أحمد عاشور