تفجير الوحدة المجتمعية أول طريق التطبيع …  بقلم / بن الشيخ الحسين ضياء الدين

كحلوش محمد

يعتبر الإختراق الصهيوني من خلال التطبيع الفكري أخطر تطبيع بحكم أنه يستهدف الذاكرة ويستهدف معايير تحديد من العدو والصديق.

لم يستوطن الكيان الصهيونى فلسطين فقط من خلال معايير الصراع وخطوط الصراع وتحديد خارطة الطريق بل نجح في التمدد إلى بعض الدول العربية أو الإسلامية، بل يمكننا اليوم الحديث عن استيطان فضاء المخيلة العربية واحتلال عقول عربية وإسلامية وشمال إفريقية مما جعل من الكيان الصهيوني خطرا وسما كما قال إيدمون عمران المالح .

إذا كانت الحركة الصهيونية قد نجحت فعلا عن طريق الوكالة اليهودية بترحيل و تهجير فئات واسعة من اليهود المغاربة أو التونسيين أو المصريين والعراقيين إلى الكيان الصهيوني في أواسط القرن فقد كانت أغلب شعوبنا قد تحررت حديثا أو كانت قيد التحرر و في ظروف إقتصادية و إجتماعية مزرية كما جاء على لسان جاكوب كوهين.

يمكننا أن نسجل اليوم عودة للصهيونية عن طريق الصهاينة الداخليين من عملاء الحركة الصهيونية عن طريق اللعب على أوراق إثنية ولغوية وعرقية والتي تعتبر اليد الحديدية التي يحاول الكيان الصهيوني القضاء بها على الوحدة المجتمعية التي بدورها ستقضي على الوحدة الترابية لبلدان المغرب.

التطبيع الثقافي أول خطوات تنفيذ المشروع الصهيوني

نجح الصهاينة الداخليون “العملاء المحليون ” في المغرب عبر عدة مراحل منذ 2008 إلى 2020 من خلال استعمال عدة أساليب أهمها التطبيع الثقافي والعرقي الإثني وهو أخطر نوع من التطبيع وذلك لأن الحركة الصهيونية تستهدف هذا النوع أساسا للقضاء على مقومات الفكرية الإسلامية و العربية إلى جانب التطبيع اللاقتصادي طبعا .

جاء هذا الغزو الثقافي عن طريق استهداف بعض نشطاء ومثقفي الحركة الأمازيغية ليس لصهينة فئة من الشعب وتهجيرها كما حصل مع الطائفة اليهودية المغربية في السابق بل لصهينة مكونات أساسية في المجتمعات الشمال إفريقية لخلق بئر فوضى طاحنة تبرر وجود دولة يهودية خالصة وتكون أمام دولة أمازيغية أو تامزغا الكبرى كما يروج لها البعض في وسطها عدة دويلات كما حدث في الشرق الأوسط حيث نجحت الصهيونية في إشعال الصراع الطائفي مثلا في العراق التي تم تقسيمها حسب الصراع الإثني والديني إلى خمس أجزاء مثلها مثل باقي الشرق الأوسط الذي يقسم إلى دروز وأقباط وشيعة وسنة وعلويين وعرب وكرد لكي يكون من الممكن مستقبلا قبول دولة يهودية خالصة وسط محيط من الدويلات الإثنية والعرقية والدينية وغيرها و هذا ما غيّر مفهوم الدولة في كل منطقة الشرق الأوسط .

الأمازيغية المتصهينة بوابة التطبيع في المغرب

بدأ مخطط التنفيذ في المغرب بعد سيطرة الصهيونية على القصر و دواليب السلطة في المغرب في 2011 فمباشرة بعد تعديل الدستور المغربي والتصويت عليه وإضافة المكون العبري في المغرب والاعتراف بالأمازيغية ، تم إستقبال فتحي بن خليفة الزواري من ليبيا، وخديجة بن سعيدان من تونس، وأماني الوشاحي من مصر، وطوماس كنطانا من جزر الكناري و فرحات مهني من الجزائر في 21 جويلية 2011 خلال فعاليات المهرجان المتوسطي للثقافة الأمازيغية بطنجة.

كانت أهم توصيات هذه الندوة هي نسخ إعلان طنجة 1947 للحركة الوطنية لشمال إفريقيا بقيادة الخطابي وعلا الفاسي و لحبيب بورقيبة ومصالي الحاج الذي كان الغرض منها تكوين جبهة تحررية مشتركة وتعويضه بإعلان طنجة 2011 الذي يعتبر فرحات مهني رئيسا لدولة القبايل وينصبه كرئيس إتحاد شعوب شمال إفريقيا و بعدها في مراكش يعلنون بيان مراكش الذي يلغي إعلان مراكش 1989 لتأسيس إتحاد المغرب العربي ونسخه بإعلان أخر إعترف بدولة الأزواد الأمازيغية في مالي ويدعم مطالب الأمازيغ في ليبيا في إطار الفدرالية والتقسيم والتجزئة .

بعدها مباشرة يستقبل الكيان الصهيوني فرحات مهني في الكنيست الإسرائيلي في شهر ماي 2012 أين خطب في الكنيست قائلا جئت إلى شرفاء الكنيست كي يدعموا قيام دولة القبائل في الجزائر التي تتكون من 6 مليون نسمة بما فيها العاصمة الجزائرية.

المأساة التي لم ينتبه لها المغاربة في بادئ الأمر هي التطبيع الثقافي بعد انتشار مصطلح الدياسبورا الأمازيغية في إسرائيل كما يقول الناشط الأمازيغي أحمد عصيد الذي يدعو إلى حق الأمازيغ في التعامل مع الأمازيغ الإسرائيليين حيث يقول لا تحرمونا من حقنا في العلاقات مع إخواننا الأمازيغ في إسرائيل أنتم العرب تقيمون علاقات مع العرب في فلسطين و العراق و سوريا ونحن كأمازيغ من حقنا أن نقيم علاقات مع الأمازيغ في إسرائيل بحجة وجود مليون أمازيغي إسرائيلي أي بمعدل 1/6 من المجتمع الصهيوني.

وبعدها بدأ الترويج الإعلامي مرة بعرض قناة وطنية الشريط الوثائقي ( تنغير جيروزاليم ) الذي شارك به صاحبه في مهرجان السينما الإسرائيلية في كندا و في باريس و مرة على ميد راديو يقول رئيس المجلس الوطني لحقوق الإنسان أن المغاربة لم يستطيعوا إستثمار وجود وزيرين مغربيين في حكومة نتنياهو و هنا بدأ التطبيع بأيادي الدولة المغربية التي أصبحت تعمل على تجفيف و جرف الذاكرة الوطنية للشعب المغربي تجاه القضية الفلسطينية عن طريق كومة من المفاهيم المغلوطة التي يراد تمريرها إلى الأجيال من بينها ندوة الهلوكوست في مراكش برعاية أندري أزولاي و مؤسسة أرشيف المغرب و جامعة محمد الخامس و جامعة القاضي عياض و بدأت تنتشر مفاهيم و مسطلحات معادات السامية ، كما أن المجلس الوطني للجالية بالخارج ساهم كثيرا في التطبيع عن طريق ندوات وإجتماعات بحضور سفراء لدولة الكيان الاسرائيلي تحت عنوان الجالية اليهودية المغربية في الخارج .

مهرجان الأندلسيات المتوسط بالصويرة برعاية أزولاي أندري حضرته القناة الإسرائيلية إ 24 كما لا ننسى مداخلة بروس مادي وايزمان كبير خبراء معهد موشي ديان الإسرائيلي في الطبعة 13 لمهرجان فاس للثقافة الأمازيغية و لقائه الحميمي مع كل من الباحثين في المعهد الملكي للثقافة الأمازيغية: أحمد عصيد ومريم الدمناتي و هذا ما يسمى قرصنة الصهيونية لمؤسسات الدولة لخدمة هذه الأجندة و و جندت الدولة مؤسساتها الامنية عبر تسريب معطيات حول التطبيع في شكل شائعات لتقييم رد فعل الشارع .

و رغم كل هذا لم يستطع الملك محمد السادس إعلان التطبيع خوفا من أحرار المغرب و لم يجد فرصة ملائمة كقضية الصحراء الغربية عن طريق تغريدات ترامب التي تظهر أن التطبيع كان ثمنه الصحراء هذا ما اعتبره الشعب أو جزئ من الشعب تطبيع مقابل الوحدة الترابية في ظل تهديد البعبع حسب المخزن .

 

بقلم / بن الشيخ الحسين ضياء الدين

شارك المقال على :