جمعتنا العولمة و فرقتنا الكورنة..بقلم/ بن الشيخ الحسين ضياء الدين

جمعتنا العولمة و فرقتنا الكورنة

كورونا ؛ الكائن المجهري الذي اخترق الحدود، تهديد بيولوجي عابر للأوطان، لا يمكن التنبؤ بزمان وقوعه ولا حصر مكانه، سريع الإنتشار ، لا يفرق بين الدول العظمى أو الضعيفة ولا يميز بين تلك القوى الصاعدة ولا تلك الدول الفقيرة ،الكل في كفة واحدة. يصيب الإنسان فقد أباد 81325 شخص من بين 1,033,703مصاب لحد الساعة , كما أصاب الإنسانية واستطاع القضاء على كل مظاهر التكافل في بعض الدول التي صدعت رؤوسنا بالتنظير للإنسانية وحقوق الإنسان، فإيطاليا التي تعتبر من بين أكثر الدول إصابة لم تجد أي تكافل من جيرانها في الاتحاد الأوربي كما أن الفيروس استطاع تغيير نظرة المتابع للدول الكبرى وكيفية حماية الشعوب ومدى ثقة الشعوب في حكوماتها، فمثلا الصين الشيوعية المنغلقة التي يحكمها الحزب الشيوعي الصيني في ظل نظام الحزب الواحد والتي يعيش على أراضيها 1.3 مليار نسمة استطاعت السيطرة على الفيروس وصنعت الاستثناء 81740 مصاب 77167 منهم تماثلوا للشفاء في حين توفي 3331 شخص، أما أمريكا المنفتحة لم تستطع فعل شيء رغم الإمكانيات الجبارة التي تملكها حيث سجلت 390414 حالة لم يشف منها سوى 21488 شخص وبإجراء مقارنة بسيطة بين الدول ذات النظام المنغلق و تلك الدول ذات الأنظمة المنفتحة كدول أوروبا وكندا وأمريكا نجد أن الأنظمة الأكثر استعدادا في مكافحة هذا النوع من الحروب والقادرة على حماية شعوبها هي الأنظمة المنغلقة بسبب ثقة الشعب في الحكومة و جدية التعامل مع الأزمات.
.
أوروبا ذكرتنا ببعض تفاصيل العصر الذهبي للقراصنة وكأننا نروى مشاهد من كتاب «تاريخ عام عن القراصنة»، المنشور في عام 1724 من قبل القبطان تشارلز جونسون، حيث اعترفت جمهورية التشيك بالاستيلاء على شحنة كمامات من الصليب الأحمر من مقاطعة تشجيانج الصينية موجهة إلى العاصمة الإيطالية روما كما اعترفت جمهورية التشيك إنها قامت بالاستيلاء على شحنة من المعدات الطبية 680 ألف قناع وأجهزة تنفس ، كانت موجهة من دولة الصين لدعم إيطاليا لمواجهة فيروس كورونا المستجد مبررة الأمر بأنه “سوء فهم”! ومؤكدة في نفس الوقت بأنه لا مجال لإعادة المعدات بعدما تم توزيعها على المستشفيات في البلاد..!؟ أما وزير التجارة التونسي محمد المسيليني يصرح بأن إيطاليا قامت بالاستيلاء على باخرة محمّلة بكحول طبي قادمة من الصين، كانت في طريقها إلى تونس في نفس السياق اختفت 6 ملايين كمامة من طراز” FFP2 ” مخصصة لألمانيا للحماية من فيروس كورونا كانت ستشحن إلى ألمانيا من مطار بكينيا.
.
أما العالم العربي ففقد البوصلة وأضاع الطريق بعد أن كان رائدا في عصور غابرة فأصبح مستلحق بالغرب يشحت التكنولوجيا والدواء وحتى الغذاء مقابل الثروات وهو الآن ينتظر إلى أن يتم اكتشاف الدواء لأن المنظومة الصحية في هذه البلدان ترقد في غرف الإنعاش، زِد على ذلك عدم ثقة الشعوب في الأنظمة جعلت الأزمة أزمتين لأن الشعوب بالرغم من تطمين الأنظمة لها بتوفير كل ما يتعلق بالمواد الغذائية اشترت مخزونا غذائيا يكفيها ليس فقط 14 يوما بل لسبات ستة أشهر هذا ما ترتب عنه أزمة غذائية ومن جهة أخرى المضاربة واستغلال الوضع لخلق الثروة على حساب المواطن البسيط.. أما الشعوب التي تعيش على نظرية المؤامرة فهي منقسمة بين مصدق ومكذب محتاط وغير مبال وهي تنتظر مصيرها.

هل سنعيش في عالم ما بعد الكورونا ؟

العالم بعد أن أصبح قرية صغيرة متلاحمة بفضل العولمة Globalization سيصبح قرى متفرقة بفضل الكورونا CORONIZATION و سيصبح أصدقاء الأمس أعداء و ستظهر تحالفات جديدة و سيكون اكبر متضرر بعد الكورونا الاتحاد الأوربي ستخرج أوروبا بشكل مختلف، وسيتغير الرأي العام مع التضحيات والمعاناة، وسيتعين على السياسة أيضا تغيير وتيرتها، ولن تعود بنفس طرق العمل، بسبب الوقائع التاريخية التي لم يكن يتوقعها أحد.
.
أما الدول العربية فلن تتغير بل ستزيد في رصيدها الأدبي بكتابات و روايات ، تروي للأجيال القادمة عن حالة الخوف والهلع التي عاشها الشعب في الحجر الصحي لمدة 14 يوم تحت شعار “stay at home” ” سيحدثون الأجيال القادمة عن صيغة الآذان التي لم يسمعوها من قبل … سيحدثونهم عن الشوارع الفارغة والمحلات والمطاعم المغلقة، و ارتفاع الأسعار فجأة وندرة الوسائل الطبية من أقنعة والقفازات وغيرها…؟ سيحدثونهم عن إخفاء السلع الأساسية بسبب المضاربة، سيحدثونهم عن ذلك الأناني الذي يشتري المواد الغذائية بكميات كبيرة وكأنه هو وحده المتضرر، سيحدثونهم عن جشع الكثير من الناس في الحروب نسميهم أثرياء الحرب لكن الأصح هو أثرياء كورونا سيخبروهم عن الطبيب الفرنسي الذي يريد تجربة اللقاح في إفريقيا و كأن الأفارقة فئران تجارب أما انأ فسأخبر الأجيال القادمة أن نظام بلدي بدد 1500 مليار دولار و لا يملك سوى 400 سرير إنعاش..!
اللهم إنا نعوذ بك من البرص والجنون والجذام ومن سيء الأسقام

الكاتب
بن الشيخ الحسين ضياء الدين