يواجه الجيش الملكي المغربي حالات فرار غير مسبوقة إلى الخارج لعسكريين من مختلف الفئات والقوات، بسبب تدهور ظروفهم المعيشية وعجز خزينة نظام المخزن عن تسديد أجورهم، إضافة إلى الضغوط التي تفرضها هجمات قوات جيش تحرير الشعب الصحراوي الذي يضاعف العمليات العسكرية ضد مواقع جيش الاحتلال المغربي بالأراضي الصحراوية المحتلة.
وحول الأسباب الموضوعية التي تقف وراء هذه الظاهرة المتفاقمة، أكدت عدة مصادر إعلامية متطابقة لـ “دزاير توب”، أن الأمر لا يتعلق فقط بفرار العسكريين من الجيش الملكي المغربي، حيث يمثل ذلك المرحلة الأخيرة التي تنتهي بالنفاذ بالجلد من جحيم سوف يأتي على المؤسسة العسكرية المغربية، وينذر بقرب سقوط عرش المخزن على رؤوس أفراد العائلة المالكة وحاشيتها.
“ارتفاعٌ في الإصابات بالانهيارات العصبية لدى ضباط الجيش المغربي خاصة، وتسجيل لحالات اكتئاب تشي بإحباط مهول، كثير منها ينتهي بالانتحار، وأقلّ منهم ممن أسعفهم الحظ كي يتدبروا أمر فرارهم إلى الخارج.”، هذا ما أكدته مصادرنا المطلعة، التي تضيف بقولها أنّ هذه الحالات تشهد تزايدا مضطردا لها، خاصة بعد المعارك الضارية التي يخوضها الجيش الصحراوي من أجل تحرير أراضيه المحتلة، وأيضا عقب التمارين الميدانية والمناورات بالذخيرة الحية التي يقوم بها الجيش الجزائري قريبا من الحدود الشرقية للمملكة، والتي يتناقل الجنود المغاربة بخصوصها، ما يُستخدم فيها من أسلحة متطورة وذخيرة فتاكة، تثير الرعب بمجرّد سماع الحديث حولها أو مشاهدة لقطات من فيديوهات تنقل التدريبات العسكرية في وسائل الإعلام الجزائرية عبر وسائل التواصل الاجتماعي.”
ويضيف أحد المصادر بخصوص تأثير الحرب في الصحراء الغربية على تفكير الجنود المغاربة بشكل جدي في الهرب من الثكنات والمراكز المتقدمة ومفارز الجيش الاحتلال المخزني بقوله: “إنه نزيف حقيقي يحدث في الجيش الملكي على إثر تزايد معاناة عساكره في كلّ لحظة، جرّاء المعارك الضارية التي يشنها جنود البوليساريو عليهم في مناطق تمركز القوات المغربية المعادية، فقد أثاروا الرعب والهلع المزمن في نفوسهم حتى أصبحوا لا يرون سبيلا للخلاص من الجحيم الذي يعيشونه إلا بإلقاء أسلحتهم والنفاذ بجلودهم.”.
لقد أصبحت هذه “الحرب العبثية غير المفهومة” كما بات عدد كبير من الضباط السامون في الجيش الملكي المغربي يصفونها، تثير أعصابهم وتحبط معنوياتهم لأنها تخرج تماما عن سياق الأهداف التي تأسس من أجلها الجيش المغربي أصلا، والذي لم يكن يسمع أبدا بخرافة وأسطورة “مغربية الصحراء”، التي بدأ الحديث عنها فقط مع خروج الإسبان من الأراضي الصحراوية سنة 1976، مؤكدين أنّ المخزن أقحمهم في مخطط جهنمي يسعى من خلاله إلى توطيد عرشه على حسابهم، حيث سيكونون مجبرين على دفع المزيد من المعاناة والبؤس والأمراض النفسية المستعصية ثمنا لهذا الجنون.
وفي هذا السياق، أكد ضابطٌ سامٍ لمصادرنا أن الشعارات الجوفاء التي يرفعها نظام المخزن حول ما يسميه “مغربية الصحراء”، لم تعد فقط تؤثر في عساكر الجيش المغربي، بل أصبحت تستفزهم حيث أنهم غير معنيين بها، كما أنها باتت مع مرور الوقت واستخدامها المفرط تحفزهم على التفكير جديا في خيارات قليلة جدا، من بينها إلقاء السلاح والفرار أو الانتحار، فليس هناك من خيارات أخرى يمكن الوثوق بها.
ويتابع الضابط المذكور كلامه بأن هذه الوضعية ولّدت حالة مستشرية من التمرّد والعصيان داخل الجيش الملكي، منذ تطبيع المخزن مع الكيان الصهيوني، وخاصة مع زيارة قائد الأركان السابق، بلخير الفاروق، إلى تل أبيب، ومشاهدة أفراد الجيش المغربي لقائدهم وهو يتجول مع الضباط الصهاينة على مشارف قطاع غزّة مثل الخائن العميل، مبرزا بأن هذه المشاهد شكلت نقطة تحول كبيرة بالنسبة للعديد من أحرار الجيش المغربي بمختلف فئاته، كانت أشبه بصحوة في الضمير، بعد أن أدركوا أن جيشهم أصبح مجرّد فيلق أو فرقة عسكرية تابعة للجيش الصهيوني الذي يستبيح حرمات ومقدسات الأمتين العربية والإسلامية، ويقتل إخوانهم الفلسطينيين ويهتك أعراضهم، “لقد جعلنا محمد السادس ندفع معه ثمن انحرافه وفجوره وشذوذه”، يضيف الضابط.
كما ساهمت الظروف الاقتصادية المتأزمة والخانقة التي تعيشها المملكة في تشجيع أفراد الجيش المغربي على عصيان الأوامر، والامتناع عن ارتداء البزة العسكرية أو القيام بالمهام القتالية والميدانية الموكلة إليهم، وقد زاد من جرأتهم على فعل ذلك عدم تلقيهم لرواتبهم منذ أشهر، كما أن شريحة واسعة من العساكر أصبحت تقارن بين ما تعيشه العائلة المالكة من بذخ وترف وحياة مرفهة وما يقوم به الملك محمد السادس من تصرفات مخزية وقضائه لوقت طويل في عطلة غير محددة الأجل خارج البلاد متنقلا بين قصوره ومعربدا في حانات باريس وملاهيها الليلية، وبين ما تعيشه عائلاتهم من فقر مدقع وبؤس مفجع أرغمتهم على الدفع بأبنائها في “جحيم الصحراء الغربية” الذي لا يعرف ملكهم ولا ولي عهده عنه شيئا.
وأكدت المصادر الإعلامية أن أعدادا معتبرة من الفارين من الجيش المغربي توجهوا إلى ليبيا، وتم إلقاء القبض عليهم من قبل عناصر ميليشيات المشير خليفة حفتر، وهو على وشك أن يسلمهم إلى المغرب، مشيرة إلى أن التاريخ سيحكم ويدين هذا القرار اللاإنساني لليبيين التابعين لحفتر في حق إخوانهم الجنود المغاربة، الذين سوف يُطلق عليهم الرصاص مثل كل أولئك الذين يتمردون على نظام ملكية العبيد التي لا تزال تعيش في القرون الوسطى.
جدير بالذكر أن القائمة الطويلة للعسكريين الفارين شملت أيضا ضباط سامين، إذ يتعلق الأمر بكل من: الرائد خوني محمد، سالم الصحراوي، البلال السويح، لعطف السلالي، الشريف عصام، المرابط قاسم، الحساني مروان، اللخي عادل، الغردك محمد، اضرضور لحسن، جبه منير، العربي الدان، صديقي أحمد، شجري عبد النور، الهيت اسماعيل، مولاي علي، فطري نبيل، سيدي أنور، ضريف عامر، دزيداز عباس، الوارت زبير، بن عامر صديق، مفتاح عبد الحليم، المحمدي أشرف وأفندي مصطفى.