الرئيس الأمريكي السابق دونالد ترامب وحتى يجرّ المغربَ إلى فخِّ التطبيع ويوقعه في شرك الخضوع لأجندته في الشرق الأوسط، والمبنية على تفكيك الحنق العربي على إسرائيل، اعترف بـ “مغربية الصحراء” المزعومة لأجل عيون الكيان الصهيوني الذي آن الأوان، وقتها، لجعله مقبولا وقابلا للتعايش معه، حكوميا وشعبيا.
ترامب الذي سعى جاهدا عبر اتفاقيات أبراهام لإدخال العرب في حلفٍ مع الصهاينة حتى ينهي “الصراع” العربي الإسرائيلي لصالح الكيان واستقراره، ها هو يقف مع نفسه وأمام ضميره ليراجع مواقفه التي اتّضح له خطأها.
وبعد أن استوقفته مظاهرات الشعب الأمريكي الحاشدة وأدهشه رفضُه لعدوان جيش الاحتلال الإسرائيلي على غزة، اليوم هو مصابٌ بالذهول من هول الجرائم التي يرتكبها الصهاينة ضدّ الأطفال والنساء وعموم سكان غزة الصامدة رغم الحصار الخانق والمطبق من الجهات الخمس.
في مقابل صحوة ضمير ترامب، لم يحرّك المخزن ساكنا ولم تُشعره جرائم الصهاينة بالذنب، فالصمتُ أضحى يلفُّ قصر ملكٍ لا يزالُ يجد الوقت لجسده الهزيل كي يستمتع بالحياة ويؤبّد لذته التي أنهكها مرضه وأحالها إلى مرارة، بينما تُرتكب المجازر في غزة ولا يتوقف القصفُ الذي دمّر شوارعها عن آخرها.
وحتى الأمينُ العام لحزب العدالة والتنمية المغربي، عبد الإله بن كيران، أعلن عن ندمه وحسرته على ما فعله صديقه في النضال السياسي وشريكه في الحزب؛ رئيس الحكومة سعد الدين العثماني، وقتئذ، حينما وجد نفسه مرغما على بيع أثمن توقيع قد يقدمه رجل دولة في مساره السياسي، فيصبح مجبرا على أن يتنازل عن جميع مبادئه قبل أن يتخلى عن تاريخ بلاده وحاضر شعبه ومستقبل أمته في المصادقة الكاذبة على اتفاقيات التطبيع التي رلم يقبل بها الشعب المغربي الذي يمثله في أي يوم من الأيام، متورطا بذلك في مستنقع الاعتراف بالكيان الصهيوني.
بن كيران وبعد أن أكّد أنه وحزبه كانا ضحية نظامِ المخزن الذي زجّ بهما في قضية خاسرة، صرّح بأن الدولة المغربية ارتكبت خطأ جسيماً حينما قرّرت التطبيع مع الكيان.
وإذا كانت ضمائرُ أعداءِ الأمّة وأبنائِها تتحرك وتُعيد الحساب مع الكيان الصهيوني، يحين دور متضمير محمّد السادس ونظامُه المخزني كي يتحرّكا؟ هذا إن كان لهما ضمير وقلبٌ يحسّ بآلام وأوجاع الأشقاء الفلسطينيين الذين استنزفت الحرب أرواحهم وأجسادهم.