يدخل مجموعة من حملة الدكتوراه يومهم التاسع في اعتصام مفتوح أمام وزارة التعليم العالي والبحث العلمي، بداية من 19 ماي عيد الطالب، مطالبين بتوظيفهم في القطاع بشكل مباشر ومستعجل، حيث أنهم دخلوا بداية من يوم الأربعاء في إضراب عن الطعام، حسب ما صرح به لـ “دزاير توب” الدكتور محمد العربي، عضو التنسيقية الوطنية لحملة الماجستير والدكتوراه –قيد التأسيس-، والتي لم تدعُ إلى هذا الاعتصام أو تتبناه، إلا أنها تؤيده وتسانده وتحضر لوقفة احتجاجية أمام الوزارة تضامنا مع المعتصمين، وذلك بداية من الأسبوع المقبل، يضيف المتحدث.
وفي هذا السياق، لفت الدكتور المتخصص في نظرية ومنهجية التربية، إلى أن حملة الماجستير والدكتوراه الذين اجتازوا مسابقات وطنية وفق مراسيم وتشريعات من بينها، فيما يخص بحملة الماجستير كلاسيك، القرار 254-98، يعانون من إجحاف وحرمان من حقهم في التوظيف المباشر، حيث تنص المادة 19 أن الجامعة تفتح المناصب للتكوين في الماجستير والدكتوراه حسب الاحتياجات الكمية والنوعية في ما يخص الأستاذ الباحث، وبما أن الجامعة تحدد عدد المناصب التي تحتاجها قبل بداية المسابقة، فإنّ المناصب المالية متوفرة وبمجرد حصول المتكون في الماجستير على شهادته فإنه مستحق لمنصب مالي ويقع على الجامعة واجب توظيفه بصفة آلية ومباشرة، وهذا ما ينسحب كذلك على حملة الدكتوراه بنظام (ل م د)، حيث أن القوانين الناظمة تتيح لهم بأن يصبحوا هم أيضا أساتذة دائمين في الجامعة بمجرد حصولهم على شهادة الدكتوراه.
وفي هذا السياق يشير د. محمد العربي إلى أن هناك من بين حملة الدكتوراه علوم من يعود تاريخ حصولهم عليها إلى سنة 2004، ورغم أن الحالة التي يشير إليها سبق لها وأن درّست بالجامعة كأستاذ مؤقت لمدة جاوزت 10 سنوات إلا أنها لم تتمكن من الحصول على التوظيف الدائم إلى الآن، وبازدياد أعداد المتخرجين في دفعات متلاحقة من النظامين الكلاسيكي و (ل م د) لم تتمكن الجهات الوصية، التي يبدوا أنها كانت تفتح المسابقات بطريقة عشوائية وغير مدروسة، من توظيفهم فتفاقمت مشاكل حملة الماجستير والدكتوراه، الذين وجدوا أنفسهم يشكلون فائضا من غير الممكن استيعابه، وقد دخلوا في بطالة إجبارية مفتوحة.
وعن ردة فعل حملة الماجستير والدكتوراه حيال هذا الوضع، يؤكد محدثنا أن تنسيقيتهم قامت باحتجاجات ووقفات واعتصامات عدّة محليا أمام الجامعات، وكذلك وطنيا أمام وزارة التعليم العالي والبحث العلمي، كما “حاولنا نقل احتجاجنا إلى البرلمان إلا أننا منعنا لأسباب أمنية تحظر التجمهر في العاصمة من تنظيم وقفة أمام مبنى زيغود يوسف.”
وبخصوص تعامل الوزارة الوصية مع مطالب حملة الشهادات العليا، بعد الاحتجاجات التي قاموا بها، يذكر عضو التنسيقية الوطنية أنه في إحدى هذه الاحتجاجات وبتاريخ 31 أوت 2019 استقبل أمين عام الوزارة ممثلين عنهم وأكد لهم أن الجامعة لا تفتح مناصب مالية جديدة، وأنها تقوم بشكل حصري بتعويض المناصب الشاغرة، لأسباب عدة بعد بقائها شاغرة لمدة 6 أشهر، ومن بينها وفاة الأستاذ أو تقاعده أو استقالته.
وفي هذا السياق يبدي الدكتور محمد العربي استغرابه حيال معايير التوظيف التي تعتمدها الجهات الوصية، متسائلا عن كيفية تعاملها مع الهياكل الجامعية التي تفتح سنويا وازدياد أعداد الطلبة بشكل كبير كل عام، ورغم هذا لا تقوم بتوظيف أساتذة جدد مع حاجتها الكبيرة لتأطير كل هذا الكم الهائل من المقاعد البيداغوجية الجديدة، متجاهلة المحافظة على نسب التأطير الجامعي المعمول بها عالميا، “وهي في حدود أستاذ جامعي لكل 12 طالب، حيث نجدها بعيدة عنها بشكل كبير.”، مبررا وجود نقص كبير في التأطير بلجوء الجامعات لتوظيف أساتذة مؤقتين من أجل ملء فجوة التأطير، وهو ما يثبت حسبه الحاجة إلى توظيف أساتذة دائمين.
وفي هذا السياق، أوضح المتحدث أن تنسيقية حملة الماجستير والدكتوراه وبالإضافة إلى مطلبها الأساسي في التوظيف المباشر، تطالب الوزارة الوصية بتمكينها من معرفة احتياجاتها وتزويدها بالعجز الحقيقي الذي يعاني منه القطاع في ما يخص الأساتذة الباحثين الدائمين، حيث تقدر التنسيقية نسبته بأكثر من 60 بالمائة وذلك استنادا إلى عدد الأساتذة المؤقتين الذين تستعين بهم الوزارة لتأطير الطلبة الجامعيين، ويضيف عضو التنسيقية في مداخلته أنه يوجد ضمنهم حملة الماستر وحتى الليسانس، لجأت إليهم إدارة الجامعة بعدما قرر عدد كبير من حملة الشهادات العليا في إطار احتجاجاتهم على الأوضاع إلى مقاطعة التدريس بالجامعة إلى غاية توظيفهم بشكل دائم.
ويتابع عضو التنسيقية بقوله أن الوزارة ترفض مطلبهم الأساسي بالتوظيف معللة موقفها هذا بكون حملة الماجستير والدكتوراه يحوزون على مناصب “بيداغوجية” وليس “مالية”، وهو المبرر الذي يراه وزملاؤه مراوغة من الوزارة، مؤكدا أنه لا يمكن إطلاق صفة “منصب بيداغوجي” التي يحملها عادة المسجلون الجدد في الجامعة من حملة الباكالوريا، على حملة الماجستير والدكتوراه الذين تلقوا تكونهم في مرحلة ما بعد التدرج بعدما اجتازوا مسابقة ينجح فيها عدد محدود جدا من المترشحين، وهو العدد الذي يمثل حاجة الجامعة من الأساتذة الباحثين الدائمين، والذي أطلقت مسابقة وطنية للماجستير أو الدكتوراه لأجله في الأصل، حيث شدد على أن الوزارة تتنصل من مسؤوليتها في توظيفهم بـ “حجة واهية”، تتذرع بها مخالفة القانون المعمول به، كما أشار بهذا الخصوص إلى أن الجامعات أصبحت حاليا في إعلاناتها عن مسابقات الدكتوراه تستخدم عبارة “مناصب بيداغوجية”، الأمر الذي يستنكره كثيرا كونه –حسبه- غير قانوني.
وفي هذا السياق يشير الدكتور محمد العربي إلى ما حدث مع فئة من الطلبة الذين تمكنوا من اجتياز المسابقة الوطنية في الماجستير أو الدكتوراه وتمكنوا من الحصول على منحة تكوين إقامي بالخارج، وهي منحة موجهة لعدد ضئيل جدا، وبعد نهاية تكوينهم في جامعات بعضها في دول يتشابه التكوين فيها مع ما هو موجود في الجزائر، تمكنوا من الحصول على التوظيف بشكل آلي، وهو ما يراه المتحدث مفارقة وتمييزا وتقليلا من قيمة الجامعات الجزائرية، حيث أن الوزارة تفرض عليهم اجتياز مسابقة التوظيف التي تفتحها الجامعات بناء على شغور المناصب.
ويؤكد المتحدث، بهذا الخصوص، أن أعضاء التنسيقية يرفضون، لهذا السبب، مقابلة أي مسؤول في الوزارة، كونهم يقدمون مبررات غير قانونية عن موقفهم في عدم توظيفهم، مضيفا أن الوزارة الوصية اقترحت عليهم، توظيفهم في قطاع الوظيف العمومي الذي لا يحتاج أصلا، حسبه، إلى توظيف حملة الماجستير والدكتوراه في أي رتبة أو درجة، حيث أنهما خارج تصنيف الوظيف العمومي وهما قاصرتان على وزارة التعليم العالي والبحث العلمي، حسب المتحدث، الذي يرى أن اقتراح التوظيف في القطاع الاقتصادي لا يتناسب مع شريحة كبيرة من حملة الشهادات العليا في تخصصات لا علاقة لها به؛ على غرار الآداب والعلوم الاجتماعية والإنسانية وغيرها.
أما عن القرار الذي اتخذته وزارة التعليم العالي والبحث العلمي بعد تشاور مع مديرية الوظيف العمومي بإدراج حملة الماجستير والدكتوراه في الصنف 16 منه، فيراه المتحدث مجحفا ولا يراعي كون الكثير منهم ممن يشتغلون في قطاع الوظيف العمومي هم الآن ضمن هذا الصنف استنادا لأقدميتهم، على غرار أساتذة الثانوي المكونين الذين قضوا فيه أكثر من 20 سنة، مؤكدا أن التنسيقية رفضت اقتراح الوزارة وقتها، ولا تزال مصرة على موقفها.
واقترح عضو التنسيقية قيد التأسيس أن يتم توظيفهم في وزارة التعليم العالي والبحث العلمي كأساتذة باحثين، ينتدبون حسب الحاجة في قطاعي الوظيف العمومي أو القطاع الاقتصادي من أجل تكوين إطاراتهما، في مجالات الإدارة والتسيير، مستغربا رفض الوزارة الوصية لهذا المقترح أيضا.
أحمد عاشور