تجمّع الآلاف من سكان حي بنكيران، المعروف شعبيا بـ ” حومة الشوك” بمدينة طنجة المغربية، في 25 أكتوبر 2023، نساء ورجال وشباب غاضبون، أمام مقر المحكمة الابتدائية بطنجة، للاحتجاج على مطالبة القضاء المغربي لهم بإخلاء شققهم وبيوتهم التي قطنوها لسنوات، حيث أكدوا أنّ شركة رفعت دعوى قضائية ضدهم تطلب طردهم من منازلهم.
وأكد عدد من المحتجين أن الشركة المدعية يملكها يهودي صهيوني عائد إلى المغرب للمطالبة بممتلكات المغاربة، فما قصة حومة الشوك؟ ومن وراء رفع الدعوى ضد السكان؟ وما قصة اليهودي المغربي؟
عبد الكريم، أحد المتضررين من حي الشوك بدا غاضبا بعدما تلقى الاستدعاء من محكمة طنجة، كان يحتج أمام المحكمة قائلا “بيتي بني منذ سنة 1992، وأنا أقطنه منذ سنوات ولا يمكن طردي منه”.
حوالي 20 عائلة تلقت بدورها استدعاءات للحضور للمحكمة منهم سيدة أرملة تقول “أقطن منذ 60 سنة في حومة الشوك وأنجبت 9 أبناء فيه واليوم فوجئت باستدعاء لطردي، أين سأذهب؟”.
يقول عمر أبريش المنشق الإعلامي لتنسيقية العائلات التي تقطن في الحي، إن السكان تجمهروا بالآلاف أمام المحكمة لمساندة العائلات التي تم استدعاؤها. وأضاف “هم يعرفون أنه إذا صدر حكم بالإخلاء فإنه سيفتح الباب لإخلاء الآخرين.
الحي به حوالي 1704 منزلا من طابقين أو ثلاث طوابق، يقطنها حوالي 5000 من الساكنة. يضم الحي مساجد ومقبرة، ومرافق اجتماعية، وخضع لتأهيل حضري ومزود بالماء والكهرباء، وسكانه يؤدون الضرائب، كما أن مصالح البلدية صرفت عليه أموالا لمد الطرق وإنشاء المرافق العمومية. فكيف تأتي شركة صهيونية اليوم لتطالب بطرد السكان؟ ومن هم مالكو الشركة؟.. هذا السؤال يطرحه المواطنون في طنجة بحدة؟
شركة الشرف إيموبليي مالكة العقار التابعة لصهيوني مغربي
لابد من الإشارة منذ البداية إلى أن الأمر يتعلق بعقار مساحته حوالي 14 هكتار مسجل في المحافظة العقارية (المغرب) تحت رقم 8185/ك، في ملكية شركة تسمى “الشرف أيموبيليي”.
فوق جزء من هذا العقار تم بناء حي بنكيران “حومة الشوك”، اعتمادا على تراخيص من مصالح البلدية، وعقود عرفية.
الحي يوجد في الشمال الشرقي لمدينة طنجة على بعد 3 كيلومتر من مركز المدينة.
وسائل إعلام مغربية أكدت أنه لا تُعرف تفاصيل كثيرة عن كيفية بيع هذا العقار خلسة منذ الثمانينات، ومن قام بذلك وفي أي ظروف، وهذا موضوع يحتاج لتحقيق آخر.
منذ أواخر السبعينات والثمانينات تم الشروع في بناء منازل وعمارات بها شقق، تحت أنظار المصالح الحكومية والمصالح العقارية المتعاقبة التي سهلت عملية البناء والتعمير في المنطقة.
في 2002 ظهرت فجأة شركة الشرف إيموبليي مالكة العقار. الشركة حسب الوثائق مملوكة للمدعو ألبير بومندل ALBERT BOUMENDEL، من ديانة يهودية، فرنسي مغربي.
دعوى ضد مصالح بلدية طنجة
تم تكليف المحامي محمد الأنصاري برفع دعوى قضائية ضد المصالح البلدية لطنجة أمام المحكمة الإدارية في 2002، لأنها سمحت للخواص بتشييد حي سكني مزود بجميع التجهيزات الضرورية من ماء وكهرباء وطرق فوق أرض الشركة.
اعتبرت الشركة التابعة للصهيوني المغربي أن البلدية تتحمل مسؤولية السكن العشوائي المشيد فوق أرضها، وأنها حرمت من استغلال أرضها منذ 1967.
وجرى التفاوض على مقايضة البلدية للأرض بأرض أخرى، ولكن العملية لم تتم، فلجأت شركة اليهودي العائد إلى طلب الحصول على تعويض من البلدية.
وفعلا قضت المحكمة الإدارية، في 2010 بعد مسار طويل من التقاضي بتعويض الشركة، بمبلغ يناهز 44 مليون درهم، عن مساحة تناهز 4.4 هكتار، التي بني فوقها حي بنكيران، أي على أساس 1100 درهم للمتر المربع، إضافة إلى مبلغ 2 مليون درهم كتعويض عن الحرمان من الاستغلال.
شرف إيموبيليي الصهيونية تطالب بطرد سكان حومة الشوك
طالبت شركة “الشرف إيموبليي” من خلال مقال استعجالي أمام المحكمة الابتدائية لطنجة، بطرد ساكنة ”حومة الشوك” بشكل مستعجل من مساكنهم، بدعوى “احتلالهم لوعاء عقاري في ملكيتها”، مشيرة إلى أنها تفقدت القطعة الأرضية ذات الرسم العقاري (G/8125)، والبالغ مساحتها 14 هكتارا، فتبين لها “احتلال الساكنة دون سند قانوني ودون أن تربطهم بالشركة أي عقود كراء أو شراء”.
وبالمقابل، أكد عدد من المواطنين أنهم يتوفرون على وثائق قانونية تثبت ملكيتهم للمنازل والعقارات بالحي المذكور، داعين إلى ضرورة التدخل العاجل لوقف هذا التعسف، بعد توصلهم باستدعاءات للحضور إلى المحكمة الابتدائية.
وردا على الدعوى المجحفة الصادرة ضدهم، احتج مئات السكان على هذه الخطوة، مطالبين بضرورة التدخل لحماية ممتلكاتهم، رافضين مغادرة منازل يقطنون بها منذ عشرات السنوات رفقة أبنائهم.
وأمام هذا التواطؤ السافر لنظام المخزن الذي يسهل للصهاينة الاستيطان على الأراضي المغربية، ولا يبالي في سبيل تحقيق ذلك بطرد المغاربة أصحاب الأرض الحقيقيين، إلى متى يظل الشعب المغربي ساكتا عن حقه ولا يتصدى لممارسات محمد السادس ونظامه المخزني الذي جلب الغزاة المحتلين، وهو يرى بأم عينيه الصهاينة المغاربة يحتلونها ويستوطنون بها تماما كما يحتل اليهود فلسطين، وكما يبيع ملك المغرب الأرض للصهاينة المغاربة ولو كان الثمن طرد أصحاب الأرض.
وبعد كلّ هذا، أليس من السذاجة أن يظلّ الشعب المغربي ينتظر ويأمل في أن يقف محمد السادس مع فلسطين ويدافع عن الشعب الفلسطيني وعن سكان غزة المحاصرين من قبل جيش الاحتلال، والذين تسعى حكومة الكيان الصهيوني جاهدة لإجبارهم على ترك أراضيهم في إطار مخطط التهجير القسري الممنهج، فمتى تتحرك أيها الشعب المغربي المحاصر والمشرّد؟