أشرف رئيس المرصد الوطني للمجتمع المدني عبد الرحمان حمزاوي، على الملتقى الوطني بعنوان ” المجتمع المدني والذاكرة مسارات وتحولات ”، وذلك بمناسبة ذكرى 8 ماي 1945.
وفيما يلي كلمة رئيس المرصد الوطني للمجتمع المدني:
بسم الله الرحمان الرحيم،
الحمد لله حمدا كثيرا طيبا مباركا فيه، والصلاة والسلام على خير خلق الله سيدنا محمد عليه أفضل الصلاة وازكى التسليم أما بعد،
السيدات والسادة الحضور
السلام عليكم ورحمة الله تعالى وبركاته،
إنه لمن دواعي الاعتزاز والشموخ أن نتواجد اليوم في هذا الحفل الكريم لاستذكار محطة عزيزة من تاريخ بلادنا وأمتنا المجيد في قطعة عزيزة من أرض وطننا الغالي، بلد الجهاد والاستشهاد، بلد العزّة و الأنفة والكبرياء.
فنجتمع اليوم في ولاية عنابة، وحيث نغتنم الفرصة لنتوجّه بخالص الشكر والتقدير لأهلها الكرام ولسلطاتها على حفاوة الاستقبال وكرم الضيافة وعلى رأسهم السيد والي الولاية فلكم منا أسمى عبارات التقدير والامتنان، كما نتوجه بتحية تقدير وعرفان للمنظمة الوطنية للمحافظة على الذاكرة وتبليغ رسالة الشهداء على دعوتها لنا لحضور فعاليات هذه الندوة الهامة متمنيين لكم التوفيق والنجاح في أشغالكم وفي جميع برامجكم ونشاطاتكم الهادفة
إن اجتماعنا اليوم تحفه بركات وذكريات، هذه الولاية التاريخية، ولاية أنجبت أبطالا و قادة عظاما كانوا في مقدمة الثوار الذين قدّموا أنفسهم في سبيل حرية الوطن واستقلاله، أمثال باجي مختار ، بورقعة محمد، بلعيد بلقاسم ،فقد عرفت هذه المنطقة تاريخا حافلا من البطولات بداية بالمقاومة الشعبية، إلى الثورة التحريرية كمعركة بوقنطاس سنة 1957 ومعركة سيدي سالم 1959.
فكانت هذه الولاية محضنا للثوار وممرا للمؤونة والسلاح وحصنا جابه جبروت الاستعمار وطغيانه.
أيتها السيدات الفضليات، أيها السادة الأفاضل،
إن إحياء اليوم الوطني للذاكرة المخلّد لذكرى مجازر 08 ماي 1945 التي سيتذكرها جميع الجزائريين كل سنة يعكس قيمة أصيلة في نفوس الشعب الجزائري وهي قيمة الوفاء للرجال والنساء وحتى الشيوخ والأطفال الذين لم ترحمهم غطرسة الاستعمار وساديته فاستشهد أزيد من 45 ألف جزائري لا لذنب إلا أنهم خرجوا في مظاهرات سلمية يطالبون الاستعمار بالوفاء بوعدهم بالاستقلال، فكان قرار رئيس الجمهورية بترسيم هذا اليوم يوما وطنيا للذاكرة تأكيد منه على تمسّك الجزائر بتاريخها الناصع ووفائها لتضحيات شهدائها وعدم التفريط والتنازل على ملفات الذاكرة مهما كان الثمن.
أيها الحضور الكريم،
لابد أن نشير ونحن في رحاب هذا الملتقى الفكري الهام إلى الدور الأساسي الذي لعبته الحركة الجمعوية في الجزائر قبل الثورة التحريرية في نشر الوعي والحسّ الوطني في نفوس الجزائريين، وإيقاد شعلة التحرّر من هيمنة الاستعمار، كما كان لها دور هام في إعداد كوادر وقيادات الثورة التحريرية، و كانت الحركة الجمعوية آنذاك محضنا للإعداد والتحضير للثورة التحريرية بتسخير ها كل إمكاناتها المادية والبشرية لها، مساهمة في مسيرة البناء والتشييد بعد الاستقلال، وكانت فاعلا أساسيا في مختلف المجالات والميادين، فقد عرفت الجزائر إنشاء منظمات جماهيرية وحركة جمعوية ساهمت في تنشئة الأجيال و تأطير المجتمع الجزائري والحفاظ على تاريخه ومبادئه وثوابته.
وإذ نحيي اليوم هذه الذكرى التاريخية الهامة فلا بد أن نشيد بكل فخر واعتزاز بما حققته الجزائر اليوم من مكتسبات في شتى الميادين، فقد عرفت بلادنا إصلاحات هامة سياسية، اجتماعية، اقتصادية وغيرها، وخطت خطوات هامة على الصعيدين الداخلي و الخارجي لا ينكرها إلا جاحد، وقد كان المجتمع المدني حلقة هامة في مسيرة التغيير والإصلاح الذي شهدته الجزائر منذ حراك فبراير 2019، وقد تعززت مكانته بفضل إرادة ورؤية رئيس الجمهورية السيد عبد المجيد تبون الذي جعل تمكين المجتمع المدني وترقيته في صلب أولوياته واهتماماته، وما استحداث المرصد الوطني للمجتمع المدني كهيئة دستورية تعنى بالمجتمع المدني إلا دليل على ذلك.
فالفرصة اليوم سانحة للمجتمع المدني ليكون محورا أساسيا في مسار التنمية والإصلاح الشامل، باعتباره شريكا فاعلا وقوّة اقتراح في مختلف القضايا والشؤون التي تهم المجتمع والوطن.
فالرهان اليوم على المجتمع المدني بمختلف تخصصاته ليؤدي أدواره في منظومة مشجّعة و مرافقة له عبر كل المستويات فلا بدّ ان نعمل سويا على وضع الآليات الكفيلة لتمكين الحركة الجمعوية لتكون في مستوى الثقة والرّهان في ظل التحديات التي تعرفها الجزائر، ونذكر على سبيل المثال:
1- ضرورة العمل على رصّ الصفوف للحفاظ على وحدة الوطن وتماسكه المجتمعي، وتشكيل جبهة قوية ضد الدسائس والفتن التي يعمل البعض على زرعها باستعمال مختلف الوسائل لضرب استقرار الوطن وحدته.
2- دعم ومرافقة المجتمع المدني لجهود الدولة في تحقيق التنمية الشاملة، والإنعاش الاقتصادي باعتباره أولوية وطنية لتحقيق النماء والرّفاه.
3- غرس القيم الوطنية وصون الذاكرة الوطنية والحفاظ عليها، ونشر قيم المواطنة الفاعلة لبناء مجتمع حضاري متماسك.
هذا بالاضافة إلى الرهانات العديدة المنتظرة من الحركة الجمعوية في شتى المجالات، الثقاقية، الرياضية، البيئية، الصحية،السياحية……الخ
فكلنا ثقة بأن المجتمع المدني بجميع مكوناته لن يدّخر جهدا في المساهمة في بناء الجزائر الجديدة التي حلم بها الشهداء والمجاهدون وتطمح إليها الأجيال، دولة عصرية ومزدهرة، دولة المؤسسات القوية في كنف العدالة والديمقراطية.
أيتها السيدات الفضليات، أيها السادة الأفاضل،
باعتبار الجهود الكبيرة التي تقوم بها الحركة الجمعوية في مجال الذاكرة والتاريخ، وباعتبار المناسبة التاريخية الهامة التي ستحتفل بها الجزائر هذه السنة وهي الذكرى الـ 60 لاسترجاع السيادة الوطنية، فإن المرصد الوطني للمجتمع المدني يطلق حملة وطنية لإحياء الذكرى الـ 60 للاستقلال مفتوحة لجميع الجمعيات المحلية وكذا الوطنية للمشاركة في هذه المناسبة ببرامج وأنشطة ومشاريع متنوعة وهذا لتعزيز الدور الإيجابي