تناول خبراء في مجال الريّ الحديث على هامش منتدى الماء العالمي الذي تستضيفه جزيرة بالي الأندونيسية، حول التسيير الكارثي للموارد المائية في المغرب، وذلك على خلفية استنزاف هذه الثروة في زراعة فاكهة “الأفوكادو” بالشراكة مع الكيان الصهيوني.
وفي هذا السياق، أبدى الخبراء استغرابهم من سلوك السلطات المغربية التي تصر على هدر كميات هائلة من المياه التي تحرم منها شعبها، في ظل شح الموارد المائية على وقع جفاف استمر لسنوات، لزراعة فاكهة استوائية غير ضرورية يتم تصديرها إلى الكيان الصهيوني، ما يعني حرفيا أن إسرائيل تستفيد من ثروة مائية هامة يحرم المخزن منها سكان المملكة.
وإلى جانب حرمانها للمغاربة من حقهم في الحصول على المياه، يستمر نظام المخزن في منع الجزائر من الحصول على حصتها من المياه المشتركة على امتداد الحدود الجنوبية الغربيية بين البلدين/ وخاصة سكان منطقة الساورة التي تضم بشار وتيميمون وأدرار.
وكان المغرب قد وقع في إطار اتفاقيات التطبيع مع الكيان الصهيوني، اتفاقية لزراعة الأفوكادو داخل أراضي المملكة من أجل تصديره إلى إسرائيل، حيث أعلنت شركة “مهادرين” الإسرائيلية، التي تعد أكبر منتج ومصدر للحمضيات في إسرائيل، في 2021، الاستثمار في زراعة فاكهة الأفوكادو في المغرب بأكثر من 80 مليون درهم ما يعادل 8.9 مليون دولار، بشراكة مع شركة مغربية، لإنتاج 10 طن من الأفوكادو سنويا.
وآنذاك، اشتعل النقاش حول جدوى الاستثمار في مشروع فاكهة تستنزف المياه في ظل شح الموارد بالبلاد، وتجدد مؤخرا بعد استمرار الجفاف للعام السادس على التوالي، وتزايد التحذيرات من الوصول إلى مستوى العطش.
يقول تقرير من موقع “فير اوبزورفر” إن إنتاج الأفوكادو كثيف الاستخدام للمياه، حوالي 70 لترا لكل فاكهة، أي أكثر من 12 ضعف ما يتطلبه الأمر لزراعة الطماطم، كما أن إنتاج واحد كيلوغرام من الافوكادو يستهلك نحو 1000 ليتر من الماء وقد يصل إلى 2000 ليتر في سنوات الجفاف أي أن ما يحتاجه هكتار واحد افوكادو من المياه يعادل عشر مرات ما تستهلكه مدينة بأكملها !
وحسب تقديرات الأمم المتحدة فقد دخل المغرب في مجموعة الدول الفقيرة مائيا حيث لا تتجاوز حصة الفرد 600 متر مكعب في السنة على اعتبار أن حصة 1000 متر مكعب سنويا هي الحد الادنى للخروج من مجموعة الفقراء مائيا.
ويتوقع حسب الأمم المتحدة أن تتراجع حصة الفرد المغربي إلى 500 متر مكعب في السنوات القادمة، وهذا يعني أن المغرب أصبح يصدر مياهه الجوفية عبر االزراعات المستهلكة للماء بغزارة !
وترى الخبيرة أميمة خليل الفن إن الأفوكادو هي كباقي الزراعات المستنزفة للمياه، فكيلوغرام من الأفاكادو يحتاج تقريبا ألف لتر من الماء.
وتشير الخبيرة في حديث لموقع “الحرة” إلى أن المشكل يكمن في أن عائدات مثل هذه الزراعات لاتنعكس على الفرد لأن القطاع الفلاحي لايساهم إلا بـ 16 في المئة في الناتج الداخلي الخام ويستنزف الموارد البشرية والمائية لأن أكثره غير مهيكل وربحه يعود إلى المستثمر.
وترى خليل الفن أن على السلطات السماح بهذه الزراعات في مناطق لديها مياه متجددة وهي مناطق ساحلية، والتي يمكن فيها خلق محطات تحلية مياه البحر عكس السماح بهذه الزراعات في المناطق الجافة.
وحتى يناير، شهدت المملكة تراجعا في تساقط الأمطار بـ57 في المئة مقارنة مع متوسط سنة عادية، وفق ما أوضح وزير التجهيز والماء نزار بركة.
وتفاقم هذا الوضع بسبب تبخر المياه المخزنة في السدود، في ضوء ارتفاع في معدل الحرارة بـ1,8 في المئة مقارنة مع متوسط الفترة بين العامين 1981 و2010.
وحتى الثامن من فبراير لم تتجاوز نسبة ملء السدود 23 في المئة، مقابل 32 في المئة للفترة نفسها من العام الماضي.
وفي ظل مخاطر شح مياه الشرب قامت السلطات بإغلاق الحمامات العمومية ومحال غسل السيارات لثلاثة أيام في الأسبوع في عدة مدن، مع منع سقي الحدائق وملاعب الغولف بمياه الشرب.
وتقدر حاجات المغرب من المياه بأكثر من 16 مليار متر مكعب سنويا، 87 في المئة منها للاستهلاك الزراعي، لكن موارد المياه لم تتجاوز نحو 5 ملايين متر مكعب سنويا خلال الأعوام الخمس الأخيرة.