خطير جدا.. جريدة “ليكيب” الفرنسية تستهدف وحدة الشعب الجزائري وتروج لمنتخب الماك المزعوم لكرة القدم

نشرت جريدة “ليكيب” الفرنسية المتخصصة في متابعة وتغطية كل ما له علاقة بكرة القدم العالمية، في 18 يناير الماضي، مقالا صحفيا، تناول موضوعا خارجا تماما عن إطار المهنية التي يوضحها ميثاق شرف الصحفي في بلادها، والالتزام بالحياد الذي يفرضه القانون الدولي في الاعتراف بوجود الدول، عنوانه فقط يكفي للدلالة على الغرض من تحريره، والذي لم يأت في شكل جملة مفيدة حيث جاء على النحو التالي: « Kabylie football (in)dépendance » وهو ما يمكن وضع ترجمة له بالعربية كالآتي: “القبائل كرة القدم الاستقلال”.

محرّر المقال، الذي لم يكن اسمه معروفا حيث اتخذ تسمية تشبه الأسماء المجهولة والمنتحلة من تلك التي نجدها على وسائل التواصل الاجتماعي: « EDJ Sciences-po »، تلاعب بخبث كبير مع كلمة « Indépendence » “الاستقلال”، فلجأ إلى وضع (IN) بين قوسين حتى يوحي للقارئ بأنه محايد ويطرح إشكالية “استقلالية بلاد القبائل” عن الدولة الجزائرية أو بقائها تحت سلطتها، وهي مغالطة سعى في البداية من ورائها لإضفاء شرعية على قضية مزعومة لا أساس لوجودها، حتى يتسنى له مناقشتها بعد أن ينجح في طرحها بقلمٍ مرتعش ومرعوب من الحقيقة الواضحة والأزلية التي تؤكد أن بلاد القبائل جزائرية، ولا يمكن لها إلا أن تكون كذلك.

لقد ورطت جريدة “ليكيب” نفسها، بهذا المقال الذي فضح نواياها من ورائه، بل وكشف الستار عن ضلوعها في “مقاولة صحافية” لجهة معروفة، فضحت هي الأخرى نفسها، ومن غيرها، إنها منظمة “الماك” الإرهابية، التي استفادت كثيرا من فرنسا بعد أن أمّنت الملجأ لأعضائها من الخونة العاقين لوطنهم الأم، الجزائر التي تبرأت منهم إلى الأبد.

فرنسا التي وعلى أرضها، تعقد هذه الشرذمة العميلة اجتماعاتها وتنفذ مخططاتها التآمرية الحاقدة على الجزائر، فقامت بتصميم علمٍ لها وجواز سفر، وتأليف نشيد وتلحينه، حتى تصنع لدولتها المزعومة مبرّرات وجودها، بعد أن استعصت عليها الجغرافيا التي يحرسها أشاوس الجيش الوطني الشعبي، والديموغرافيا المتشبثة بأصولها الجزائرية الراسخة في التاريخ وفي الحاضر، والتي ترنو إلى مستقبلها في وحدة مع الجزائريين من كافة ربوع الوطن.

لم يبق إذن حسب ظن شرذمة “الماك” سوى منتخبٌ لكرة القدم حتى تكتمل معالم دولتهم المبنية من أحلام وردية غير قابلة للتحقق على أرض رمليّة، فيبدو أنهم لجأوا إلى بوق إعلامي كي يروّج بضجيجه وصياحه وصخبه، لهذه الكذبة المفضوحة، فكانت صحيفة “ليكيب”، المعروفة وسط الجماهير الكروية العالمية، وهذه كانت ظروف كتابة المقال التعيس.

على أرض الواقع، ولأن الفيفا لا تضمّ سوى المنتخبات التي تنتمي إلى دول تعترف بها الأمم المتحدة، راح الصحفي الكذّاب يعطي شرعية غير قابلة للتحقيق لمنتخب “الماك”، فكتب أن المدعو “أكسال بلعباسي” الذي يحمل صفة رئيس فيدرالية كرة القدم المزعومة من طرف الماك، كان يشعر بالسعادة الغامرة كون فريقه الكروي، الذي يضم لاعبين هواة، تأهل إلى نهائيات “كأس العالم كونيفا” 2018 بلندن، وهي كونفدرالية وهمية، مثل “كأس العالم” الذي تنظمه، موازية للفيفا، وتضم ما يعرف بـ “الدول غير المعترف بها”.

صاحب المقال تعرّض إلى ظروف تأسيس منتخب الماك، وأورد حادثة تدلّ دلالة واضحة أن سكان القبائل الأحرار يعشقون منتخب محاربي الصحراء إلى حدّ الجنون، وذكر أن المنطقة بأسرها رفعت عاليا راية الجزائر في احتفالاتها بمناسبة تأهل الخضر سنة 2009 في أم درمان لنهائيات كأس العالم بجنوب إفريقيا، وهي الحادثة التي يبدوا أنها أثارت حنق الشيطان الأكبر “فرحات مهني”، الذي قرر ساعتها تأسيس منتخبه المزعوم، بهدف جعله مهوى لعشاق كرة القدم من سكان القبائل، وهو هدف تبخّر من يوم التخطيط له، فعشاق كرة القدم من سكان القبائل لا يزالون إلى اليوم يحتفلون بانتصارات الخضر، ولا أدلّ على ذلك من احتفالاتهم الصاخبة والعارمة بمناسبة افتكاك المنتخب الوطني بقيادة الماجيك مجيد بوقرة لكأس العرب، وقبلها سنة 2019 بكأس إفريقيا للأمم مع الكوتش جمال بلماضي.

كاذب المقال، حاول أن يضع مقارنة بين منتخب فرحات مهني، ومنتخب جبهة التحرير الوطني الذي تأسس من لاعبين محترفين تركوا أنديتهم وتخلوا عن جميع الامتيازات وقتها، والتحقوا طواعية وبرغبة أكيدة وكبيرة بمنتخب يناضل من أجل قضية الجزائر وتحريرها من الاستعمار، بما فيها منطقة القبائل التي يدعي أتباع مهني أنهم سيقيمون عليها دولتهم المزعومة، وواجهوا منتخبات دول معترف بها، على غرار الهند والاتحاد السوفياتي ويوغسلافيا وتشيكوسلوفاكيا وتونس والمغرب ومصر والقائمة تطول، بينما تشبه المقابلات التي يلعبها هواة منتخب الماك مباريات ما بين الأحياء التي لا تسفر عن شيء سوى الفوز بقارورة مياه غازية، يا له من إسقاط تافه وفي غير محلّه.

المقال كان عبارة عن تهجمّ إعلامي وتحامل صحفي وتطاول قذر على الجزائر، دولة وشعبا، بدأه صاحبه باعترافه أن “الجزائر لا تحبّ وجود هذا المنتخب الذي أسسه أعضاء ينتمون إلى الماك”، وهذا أمر صحيح ومؤكد ومفروغ منه، وطالما هو يقرّ بأن دولة قائمة بذاتها، حدودها معروفة وتضم بلاد القبائل التي يدعي هؤلاء أنهم سيؤسسون عليها دولتهم المكذوبة ترفض رفضا قاطعا وجود كيان انفصالي بعلمه ونشيده وجواز سفره ومنتخبه وكل شيء مزعوم فيه، لماذا أقحم نفسه من الأساس في مغالطات لا أساس لها، اللهم إلا إذا كان قد قبض هو والصحيفة التي نشرت مقاله مقابلا ماليا عنه، وهذا هو الذي حدث بالفعل، عشنا وشفنا صحيفة عملاقة وعالمية تنحدر إلى القاع لتسلك مثل هذه الأساليب الرخيصة والقذرة.

مقالٌ كاتبه صحفي مأجور ومرتزق، كلّه أكاذيب ضالّة ومحاولات خائبة لاختلاق واقع لا يمكن له سوى أن يكون مجردّ وهمٍ يلبّي مطامع ساذجة لحفنة من شذّاذ الآفاق تقطعت بهم السّبل، بعد أن وجدوا أنفسهم قد فقدوا وطنهم الأمّ الذي ربحوا معه العيب إلى الأبد، ولم تسعفهم أحلامهم الغبيّة في الحصول على وطنهم المزعوم، وانتهى بهم قدرهم المحتوم إلى طريق مسدود لن يجدوا في نهايته سوى المشانق تنتظرهم حتى يعلقوا رقابهم عليها.

أحمد عاشور