رئيس جمعية الجزائريين الدولية إدريس ربوح لـ”دزاير توب”: مركز تعليم القرآن الكريم واللغة العربية الذي افتتحناه هو مركز إشعاع ثقافي يعبّر عن الهوية الوطنية الجزائرية

رئيس جمعية الجزائريين الدولية إدريس ربوح لـ”دزاير توب”: مركز تعليم القرآن الكريم واللغة العربية الذي افتتحناه هو مركز إشعاع ثقافي يعبّر عن الهوية الوطنية الجزائرية

في حوارنا الخاص الذي أجراه موقع “دزاير توب” مع رئيس جمعية الجزائريين الدولية، د. ادريس ربوح، والذي تزامن مع افتتاح الجمعية لمركز تعليم اللغة العربية والقرآن والكريم بإسطنبول التركية، والذي حضره الوزير عميد جامع الجزائر الشيخ محمد مأمون القاسمي الحسني، يتحدث ربّوح حول نشاطات جمعيته التي تأسست قبل ثلاث سنوات، لكنّ أنشطتها الكبيرة والمختلفة والتي واكبت أحداثا عدّة، ساهمت في تعريفها وانتشارها بين أبناء الجالية في تركيا والمهجر وحتى داخل الجزائر.

 

قرّرتم افتتاح مركز لتعليم القرآن الكريم واللغة العربية لأبناء الجالية الجزائرية في اسطنبول التركية، ما هي أهمّية هذا الصّرح الديني والإضافة التي سيقدمها لما هو موجود؟

قامت جمعية الجزائريين الدولية بتأسيس وافتتاح مركز لتعليم القرآن الكريم واللغة العربية لفائدة أبناء الجالية الجزائرية بتركيا بالخصوص، ولكل من يرغب بتعل|م اللغة العربية من غير الناطقين بها، والمقصود إخواننا الأتراك وجميع الجنسيات والقادمين إلى تركيا من مختلف الدول، وبالخصوص الدول الإسلامية التي ترغب في تعلّم لغة القرآن الكريم.

إذا الدور والمطلوب والهدف مزدوج وهو تعليم اللغة العربية لأبناء الجزائرية في تركيا والأتراك وكل من يرغب في تعلم لغة الضاد، من جهة ثانية يركز المركز على تعليم النشء وكل من يرغب في تعلّم القرآن الكريم من مختلف المستويات والأعمار ومن الجنسين، القرآن حفظا وتفسيرا وتجويدا وترتيلا وكل ما يتعلق بعلوم القرآن الكريم، بحيث تكون القراءة و الحفظ يواكبان الفهم السليم والتدبر في آيات الله الكريمة وبالتالي الذهاب بعيدا تنشئة النشء على المبادئ الإسلامية والتربية الإسلامية، وهو هدف رئيسي تسعى الجمعية إلى تحقيقه وتطمح أن يساعدها مختلف أفراد الجالية الجزائرية، كما تطمح أن تساعدها المؤسسات الرسمية للدولة، سواء القنصلية العامة بإسطنبول أو سفارة الجزائر في أنقرة ومن خلالهما جميع مؤسسات الجمهورية والمؤسسات الحكومية والاستشارية في الجزائر، على غرار  وزارة التربية الوطنية، وزارة الشؤون الدينية وزارة الثقافة، وزارة التعليم العالي ووزارة المجاهدين، بحيث يكون للتاريخ الجزائري مكانة مستقبلا في هاته المنظومة التعليمية التي تريد جمعية الجزائريين الدولية أن ترسيها من خلال هذا المركز كلبنة ونواة أولى، تطمح أن يتحول من خلالها المركز إلى مدرسة ومركز إشعاع ثقافي يعبر عن الهوية الوطنية الجزائرية من لغة ودين وتاريخ.

إذا هذا هو الدور الرئيسي الذي يريده مركز تعليم اللغة العربية والقرآن الكريم الذي أنشأته جمعية الجزائريين الدولية، وهي سابقة في تاريخ الجالية الجزائرية في تركيا ونأمل أن نتعاون مع إخواننا وأخواتنا الجزائريين والجزائريات في مختلف جمعيات المهجر، نعلم أن الكثير من الجزائريين هناك أسسوا جمعيات وتهتم الكثير منها بتدريس اللغة العربية والقرآنالكريم والتربية الإسلامية وسنتعاون مع إخواننا في هاته الجمعيات من خلال التنسيقية التي أسستها جمعية الجزائريين الدولية وعدد من الجمعيات في العالم ليكون الجهد في اتجاه واحد ونستفيد من تجارب بعضنا البعض مناحية، ولتبادل  المعارف وتبادل الخبرات والتنسيق خاصة مع المجالس الاستشارية التابعة لرئاسة الجمهورية التي لها علاقة بالهوية الوطنية ونقصد بها المجلس الأعلى للغة العربية والمجلس الإسلامي الأعلى والمحافظة السامية للأمازيغية لمن يرغب في تعلم هذه اللغة، وكل ذلك يندرج في الحفاظ على الهوية الجزائرية.

إذن نحن نريد أن ننشىء جيل من أبناء الجزائريين المغتربين الذين يتكلمون اللغة العربية حتى وإن يعيشون في بلاد المهجر فإنهم لا ينفصلون عن بلدهم الأم حيث أنهم يتحدثون العربية ويتلقون مبادئ الدين الإسلامي ويتعرفون على تاريخ الجزائر.

 

ما هي أهمّ النشاطات التي تقوم بها جمعية الجزائريين الدولية في تركيا؟

جمعية الجزائريين الدولية جمعية حديثة النشأة كحداثة نشأة الجالية الجزائرية في تركيا، فهي تأسست في 2 فيفري 2020، مباشرة بعد ذلك دخلت في معترك التكفل بقضايا الجزائريين والجزائريات، الذين علقوا إبان وباء كورونا وكذلك الجزائريين والجزائريات المقيمين بتركيا والذين تضرروا كثيرا من هاته الأزمة والجائحة، فكانت الجمعية حاضرة في مختلف المحطات، سواء من ناحية الإسكان أو تقديم المساعدات الغذائية أو تقديم المساعدات الطبية أو الدوائية وتقديم كل ما يمكن للجمعية أن تقدمه لأبناء الجالية الجزائرية، فكانت حاضرة طيلة فترات طويلة وخاصة أثناء الحظر الذي صاحب وباء كورونا، خصوصا وأن الجمعية تمكنت من الحصول على ترخيص بالتحرك أيام الحظر في مدينة اسطنبول وقدمت المساعدات للجزائريين، ثم توالت الأنشطة الإنسانية والخيرية للجمعية في مختلف المحطات، ولم تتوقف ول مرة بحيث أنها دأبت على تقديم المساعدات في شهر رمضان، على غرار الطرود الغذائية، أو ما يعرف عندنل في الجزائر بقفة رمضان، وتقدم كذلك مساعدات عينية من زكوات الجزائريين وغيرهم إلى العائلات المعوزة، كما تقدم لحوم الأضاحي في موسم العيد الأضحى للجزائريين وغير الجزائريين.

كانت السنة الأولى (2020) أغلبها للجزائريين نظرا لكثرة الحضور الجزائري أيام كورونا وانقطاع السبل بهم وتوقف الطيران، لكن بعد ذلك في سنة 2021 وما تلاها 2022 و2023 كان النشاط لا يقتصر فقط على الجزائريين، وإنما يستفيد من نشاط الجمعية كثير من الجاليات وحتى الأتراك، نظرا لأن نشاط الجمعية والنشاط الدولي لا يقتصر على الجالية الجزائرية فقط، كما كان للجمعية حضور متميز ويكاد يكون الأبرز في الجمعيات العربية والأجنبية في تركيا وذلك في كارثة الزلزال الذي ألمّ بجنوب تركيا وشمال سوريا، حيث استطاعت الجمعية أن تزور 15 مدينة تركية وتتواجد لأكثر من شهر في فتراتمتفرقة وخاصة في شهر رمضان حيث قدمت وجباتالإفطار للآلاف من المتضررين من الزلزال وقدمت مساعدات تمثلت في الأغطية والألبسة والخيم ومواقد التدفئة وكذلك المياه ومواد النظافة الجسدية والمواد الغذائية، فكانت مساهمة الجمعية متنوعة في هذا المجال ووقفت مع إخوانها الأتراك وتعاونت مع الجمعيات التركية في هذا الشأن لتقديم المساعدة في جميع المناطق التي ضربها الزلزال، في الولايات التي مسها دون استثناء، مما مكنها من تبوء المكانة التي تحدثنا عنها وهي المكانة المتميزة في تقديم المساعدة في هذا الزلزال.

ثم واصلت الجمعية بعد فترة الزلزال تقديم مساعداتها للجزائريين وغير الجزائريين بعد استقرار الأوضاع بشكل كبير على المستوى الاجتماعي وأيضا على مستوى المساعدات الخيرية، حيث ركزت جهودها على العمل الثقافي والعلمي، وها هي تبدأ موسمها الثقافي والتعليمي بافتتاح مركز لتعليم اللغة العربية والقرآن الكريم والذي سيكون له مجموعة من الأنشطة المرافقة الموجهة لأبناء الجالية الجزائرية وكذلك لإخواننا الأتراك وبقية الجنسيات ليتحقق الإشعاع الثقافي الذي تريد جمعية الجزائريين الدوليين في تركيا ومن خلال تنسيقية جمعيات الجزائريين عبر العالم، حيث أن الجمعية هي عضو في هذه التنسيقية التي تريد أن تتحول إلى فضاء للإشعاع الثقافي للجزائر نحو العالم.

 

حدّثنا عن النشاطات التي يتفق أبناء الجالية الجزائرية في تركيا على حضورها والمشاركة في تنظيمها، وكيف تخدم أهدافكم في جمع الجالية الوطنية والتقائها؟

الأنشطة التي يفضل الجزائريون والجزائريات حضورها هي بطبيعة الحال الأنشطة التي تجمع أفراد الجالية، ذات الطابع الاجتماعي والتلاقي أكثر، فيفضل الجزائريون الاجتماع في المناسبات الاجتماعية التي تخفف عنهم وطأة الغربة وضغوط العمل وتباعد اللقاءات بينهم، فاللقاءات الاجتماعية لها مكانة كبيرة عند الجزائريين.

هناك نشاط كذلك يفضله الناشطون بالخصوص وليس كل الجالية ويتمثل في المناسبات الدينية والوطنية، بحيث يحرص الناشطون على الالتقاء وتنظيم هاته الأنشطة فهم أكثر الناس في الجالية حرصا على الالتقاء، فيحرصون على الحضور في هذه المناسبات، سواء تعلق الأمر بتوزيع الطرود الغذائية في رمضان أو توزيع لحوم الأضاحي أو تقديم المساعدات في المحطات الصعبة أو بعض الأنشطة في المناسبات الوطنية، مثل 5 جويلية أو 1 نوفمبر وبالتالي  يحرص الناشطون على هاته المواسم، لكن الجميع يهتمون أكثر بحضور المواعيد التي يختلط فيها الاجتماعي بالسياحي، فيفضل الناس الاجتماع في المناسبات ذات الطابع الاجتماعي وفي المناطق السياحية وهي الأماكن الأكثر جذبا لمجموع الجزائريين.

 

كيف تنظرون إلى تطور وجود الجالية الجزائرية في تركيا وهل تجد استقرارا لها هنا، خاصة ما يتعلق بمدى سهولة أو صعوبة اندماجها في المجتمع التركي وما هو مستقبلها؟

في اعتقادي تركيا هي ليست بلد استقرار دائم، لأن معظم الجزائريين الذين يأتون إليها بغرض العبور لمواصلة هجرتهم نحو أوروبا، وبالتالي تركيا هي ليست بلد استقرار بنسبة كبيرة للجالية الجزائرية، النقطة الثانية هي أن الفئة التي استقرت بتركيا هي الفئة التي جاءت من أجل الدراسة في الجامعة، سواء التدرج أو ما بعد التدرج، فهؤلاء فئة وإن كانت متناقصة في السنوات الأخيرة، وذلك لصعوبة الدراسة باللغة التركية، التي تعتبر لغة التدريس في الجامعة، وحتّى بالإنجليزية التي تعد استثناء في بعض الجامعات، نظرا لكون طلبتنا درسوا بالعربية أو الفرنسية في الجزائر، وبالتالي ليس هناك أعداد كبيرة مقارنة بالجاليات الأخرى، هناك فئة ثانية وهم التجار ورجال الأعمال الذين يرون في مدينة اسطمبول مركز تجاري كبير للنشاط نحو العالم في التجارة الدولية، كذلك هناك فئة أخرى والتي تستفيد من التحولات التي وقعت في تركيا وجذبها للكفاءات في ميدان القدرات والسياحة العلاجية أو مختلف أنواع السياحات الأخرى.

 

إلى أي مدى تساهم الجالية الجزائرية في النهضة التي تشهدها تركيا والتطور الحاصل فيها على جميع المستويات الاقتصادية والعلمية خاصة؟

مساهمة الجزائريين في النهضة الاقتصادية والعلمية في تركيا أعتقد أنها قليلة، الجالية الجزائرية تساهم بإعطاء صورة إيجابية عن تركيا وبالتالي تأثر المتلقي سواء في الجزائر أو في غيرها يمنح صورة إيجابية عن تركيا، وهي صورة غير مباشرة عندما يتم الترويج لبعض القطاعات الحيوية والناجحة والحيوية في تركيا، كقطاع التعليم وقطاع الصحة والخدمات الصحية بصفة عامة، والثقافة والحريات في تأسيس الجمعيات والمنظمات وتنظيم المؤتمرات، هذا يعطي نظرة إيجابية على تركيا بأنها بلد يستطيع أن يستقبل من كل حدب وصوب، كذلك ساهم الترويج في الصورة السياحية لتركيا إلى انتعاش موقع اسطمبول وتحولها إلى ممر عالمي ومطارها تحول إلى ممر عالمي، وأصبح المطار الأول في أوروبا لسنوات متتالية وهو من المطارات الكبرى في العالم، هذه الصورة الإيجابية والزيارات المتكررة وعندما يأتي الجزائريون ويجدون من يرعاهم في خدماتهم السياحية والصحية والتعليمية والاقتصادية والتجارية وغيرها يعطي نظرة إيجابية، فالجزائريون يساهمون بطريقة غير مباشرة في هذه النهضة الاقتصادية، حتى وإن كان عددهم قليل، لكنه ذو مردود إيجابي على الاقتصاد التركي والعلاقات التجارية بين البلدين وكذلك الترويج بطريقة غير مباشرة لنمط الحياة في تركيا، الذي يمارسه أعضاء الجالية ويروجون له عن طريق التواصل الاجتماعي، فالنظرة تكون إيجابية على هذا النموذج، رغم أن هناك سلبيات، إلا أن هذا النموذج هو الأقرب للنموذج الجزائري في العيش الذي يزاوج بين المنظومة الشرقية والغربية، نظرا للتقارب الاجتماعي والثقافي والديني ومرور تركيا بنفس المراحل التي مرت بها الجزائر.