سعى المخزن بعد أن أوقفت الجزائر منذ ثلاث سنوات تجديد عقد استغلال خط أنابيب الغاز الذي يزود إسبانيا بالغاز الجزائري مروراً بالأراضي المغربية، إلى البحث عن بدائل لتوقف استفادة المغرب من تلك العملية. ومن ثم، فتح المجال للتنقيب عن الغاز في بعض المناطق في المغرب، مع ظهور نتائج اعتبرها ب “الإيجابية والمبشرة”.
غير أنّ السلطات المغربية حاولت الاستثمار السياسي للمعاملات الاقتصادية والتجارية ولاسيما في ربطها بقضية نزاع الصحراء. وبذلك، فليس صدفة أنه بالموازاة مع إعلان شركة بريطانية كونها حصلت على موافقة الحكومة المغربية في شأن البدء باستغلال حقول الغاز المكتشفة في شمال غرب البلاد، أن تقرّ حكومة لندن بـ “قانونية” و “مشروعية” النشاط التجاري في الصحراء الغربية.
ووفقًا لبيان صادر عن شركة “إس دي إكس إنرجي” البريطانية، بدأ إنتاج الغاز في بئر تحمل رمز KSR-21 موجود في منطقة الغرب بالقرب من مدينة القنيطرة التي تفصلها عن الرباط مسافة 36 كلم. وأفادت مصادر محلية أن هذه الخطوة تأتي بعد “نجاح” تجارب الحفر التي أجرتها الشركة المذكورة في يناير الماضي، حيث مكنت هذه التجارب من ربط البئر بالبنية التحتية الموجودة، استعدادًا لبدء الإنتاج بمجرد الحصول على موافقة حكومة المخزن.
وتمتلك شركة “إس دي إكس إنرجي” نسبة 75٪ في محفظتها المغربية، والتي تشمل تراخيص الاستكشاف والامتيازات وآبار الغاز، بينما تبقى نسبة 25٪ للمؤسسة المغربية المختصة “المكتب الوطني للمحروقات والمعادن”. وتضمن الشركة البريطانية تسويق الغاز لثمانية عملاء بأسعار تعاقدية تتراوح بين 10 و12 دولاراً أمريكياً لكل قدم مكعب.
وتشمل تراخيص الاستكشاف منطقة سبو المركزية، ومركز الغرب، ومنطقة مولاي بوشتى الغربية، ولالة ميمونة الجنوبية، بالإضافة إلى عدد من الامتيازات الاستغلالية التي تحتوي على آبار إنتاجية.
ومنذ عام 2017، نفّذت “إس دي إكس إنرجي” برنامجًا نشطًا للحفر في حوض الغرب، وأعلنت حكومة المخزن عن “تحقق نسبة نجاح تزيد عن 80٪ حتى الآن”. كما أثبتت الاكتشافات تمديدًا للمنطقة الإنتاجية الأساسية للشركة شمالًا، وبذلك يُقدّر حجم الموارد القابلة للاسترداد للغاز في هذه الآبار بين 2.2 و2.8 مليار قدم مكعب.
غير أنه ورغم هذه النتائج “المبشرة” إلا أنّ مدونين لاحظوا مفارقة أنه عوض أن يؤدي “اكتشاف” الغاز في المغرب إلى خفض ثمن أسطوانات الغاز المنزلي، تروج أخبار عن قرب الزيادة في أثمانها على مراحل، إذ تتجه الحكومة المغربية إلى رفع الدعم عن صندوق المقاصة الخاص بالمواد الاستهلاكية المدعومة. وفي هذا الصدد، كتب مدون ساخراً: “كلما تم الإعلان عن اكتشاف الغاز الطبيعي في المغرب، زاد ثمن (البوتاغاز) على المواطن في المغرب”.
إلى ذلك، يبدو أن المبادلات التجارية والاقتصادية النشطة بين الرباط ومدريد يوازيها تحرك دبلوماسي نشط بين البلدين من أجل التقريب بين المواقف.
وبذلك، جرى استحضار النشاط الاقتصادي في الصحراء الغربية بمجلس العموم البريطاني، بعد سؤال طرحه أحد أعضاء البرلمان العمّالي، وقدمت الحكومة البريطانية في ردها قراءتها للوضع، موضحة أنها لا تعتبر النشاط التجاري “غير قانوني”؛ فجواباً على سؤال مكتوب من النائب العمّالي لويد راسل مويل، الذي سأل عما إذا كانت الحكومة البريطانية “ستدعم إنشاء مجلس الأمم المتحدة لمراقبة الموارد الطبيعية في الصحراء”، ردت الحكومة البريطانية بقيادة ريشي سوناك، بالنفي، وقالت إنها لا تعتبر النشاط التجاري في الصحراء الغربية غير قانوني.