• Day Mode
  • Night Mode
Search Icon

زواج القاصرات والميراث.. “إصلاح” مدونة الأسرة في المغرب بيد الملك صاحب القرار الأخير في تحديد التوجهات الدينية للمغاربة

بطلب من ملك المغرب محمد السادس، تم تشكيل لجنة لإجراء مشاورات منذ نهاية سبتمبر لإجراء تعديلات على مدونة الأسرة، ومن القضايا الأكثر إثارة للجدل: زواج القاصرات، والمساواة في مسائل الميراث، وحق الوصاية على الأطفال وحتى تعدد الزوجات، وهو “التطور” الذي تنتظره النسويات المغربيات بفارغ الصبر.

في نهاية سبتمبرأطلقت سلطات المملكة مشاورات استمرت لستة أشهر بغرض “إصلاح” “المدونة”، أي قانون الأسرة، بعد عشرين عاما من الإصلاح الشامل الذي رحب به المجتمع المدني لكنه يُعتبر الآن غير كاف، حسب تصور أوساط مغربية.

وفي عام 2004، قدم قانون الأسرة الجديد “تطورات” ملحوظة مثل المسؤولية المشتركة لكلا الزوجين، وحق المرأة في طلب الطلاق، بل وحتى فرض قيود على زواج القاصرات وتعدد الزوجات.

ويرى بعض المحللين أن “خروج الإسلاميين من السلطة في عام 2021 أتاح الفرصة للملك محمد السادس لاستئناف مواقف إصلاحية جريئة نسبيا من وجهة نظر الإسلام السياسي وإعادة الاتصال بروح الإصلاح في بداية عهده، والتي كانت موضع إشادة في الخارج ومن قبل العديد من الجمعيات النسوية”.

وإذا كان نص عام 2004 يعتبر نقطة تحول “تاريخية” بالنسبة لحقوق المرأة في المغرب، فإنه مع ذلك يحتوي على العديد من العيوب، وتعود جوانبه الأكثر إثارة للجدل إلى الظهور على فترات منتظمة في النقاش العام.

ورغم أن مبدأ المساواة بين الرجل والمرأة منصوص عليه في دستور 2011، إلا أنه “لا يزال هناك الكثير من العنف القانوني والمؤسساتي ضد المرأة”، تقول المحامية والناشطة غزلان ماموني مؤسسة جمعية “كيف ماما كيف بابا”.

ومن بين المطالب الرئيسية للجمعيات وضع حد للتمييز في مسائل الميراث، حيث لا يحق للابنة سوى نصف ما يرثه الابن، وفقا لنص واضح وصارم للقرآن الكريم.

كما تؤكد عطيفة تمجردين من الجمعية الديمقراطية لنساء المغرب لوكالة فرانس برس، أنّ “زواج القاصرات من أكثر القضايا إثارة للجدل، لأنه “يجسد جانبا ملفتا من تمييز القانون ويثير قلقا كبيرا”.

“المصالح الفضلى للطفل”
إذا كانت “المدونة” قد رفعت السن القانوني لزواج المرأة إلى 18 عاماً (بدلاً من 15 عاماً)، فإن الاستثناءات شائعة. ومن المفترض أن تكون استثنائية، إلا أنها تصل إلى مستويات عالية جدًا حيث “تمت الموافقة على ما يقرب من 85% من الطلبات المقدمة بين عامي 2011 و2018″، وفقًا لدراسة أجراها المدعي العام.

كما يمكن التحايل بسهولة على القيود المفروضة على تعدد الزوجات التي فرضت في عام 2004. لكن هذه الممارسة لم تمثل سوى 0,3% من شهادات الزواج سنة 2022، بحسب المندوبية السامية للتخطيط بالمغرب.

ويرى مراقبون أن القضاة وكتاب العدل يحتفظون بهامش كبير من المناورة في المغرب، ما يسمح لـ “المحافظين” بالحفاظ على الشريعة الإسلامية خارج معايير القانون”، مشيرين إلى أن هذا الوضع “يغذي الفساد أيضًا لأن هذه الإعفاءات القانونية يشتريها الآباء والأزواج”.

وأخيرا، فإن حق الوصاية على الأطفال، الذي يتم نقله تلقائيا إلى الأب، هو مأزق آخر للتشريعات الحالية، خاصة في حالة الطلاق، وفقا للمدافعين عن حقوق المرأة.

ولذلك يتعين على الأم المطلقة أن تطلب موافقة طليقها على أبسط الإجراءات الإدارية المتعلقة بطفلها، مثل تسجيله في المدرسة أو السفر معه أو علاجه، وفي حالة الزواج مرة أخرى، فإنها تواجه أيضًا خطر فقدان الحضانة اعتبارًا من سن السابعة إذا طلب الأب ذلك.

“إن مسألة إصلاح قانون الأسرة تتجاوز بكثير النضال النسوي، فعندما نتحدث عن زواج القاصرين أو الوصاية، نحن نهاجم المصالح الفضلى للطفل، التي يحميها مع ذلك الدستور المغربي والمعاهدات الدولية التي صادق عليها المغرب”، تؤكد غزلان الماموني.

“يمكن للملك أن يذهب بعيداً بما فيه الكفاية”

منذ خطاب الملك محمد السادس في يوليو 2022 الذي دعا فيه إلى “زخم إصلاحي ينسجم تماما مع التصاميم النهائية للشريعة الإسلامية وخصوصيات المجتمع المغربي”، أصبح إصلاح قانون الأسرة موضوعا رئيسيا في البلاد.

وفي مواجهة ضغوط الناشطين والليبراليين، يواصل الإسلاميون وضع حاجز من خلال استحضار تفسيرات حازمة للإسلام، دين الدولة في المغرب. ويعارض المحافظون بشكل خاص حظر ممارسة تعدد الزوجات أو حتى إنهاء التمييز في مسائل الميراث.

وفي فبراير 2023، أكد حزب العدالة والتنمية الإسلامي، في بيان صحفي، أن الدعوة إلى المساواة في الميراث تشكل “تهديدا للاستقرار الوطني، مرتبطا بما رسخه نظام الميراث في المجتمع المغربي منذ أكثر من اثني عشر قرنا”. .

ومن ناحية أخرى، تدعو حركة العدل والإحسان، وهي الحركة الإسلامية الرئيسية في المغرب، والتي حظرتها السلطة الملكية ولكن تتسامح معها، إلى “سيادة المرجعية الإسلامية” وترفض “أي اقتراح يتعارض معها”.

وفي هذا السياق، ترد غزلان الماموني قائلة: “خلافاً لما حدث في عام 2004، لم تعد بعض الناشطات النسويات يترددن في الدخول في الجدل الدائر حول الدين، وهو في النهاية نقاش زائف لأن أياً من مطالبنا ليس “حراماً”. وتضيف الناشطة: “من الآن فصاعدا، نحتاج إلى الشجاعة السياسية لدفع المغرب إلى الأمام، يجب أن نحقق هذه المساواة في القانون، بهذه الطريقة فقط سنغير العقليات”.

وتتولى حاليا لجنة مكونة من وزير العدل ومسؤولين من المؤسسات القضائية والدينية في المغرب مهمة إجراء المشاورات وإعداد مشروع “إصلاحي” خلال ستة أشهر. وكانت هذه الهيئة قد تلقت، نهاية نوفمبر، مقترحات من أكثر من ألف جمعية وأحزاب سياسية ومؤسسات رسمية.

وفي نهاية المطاف، فإن الملك محمد السادس، رئيس المجلس العلمي الأعلى، وهي منظمة تحتكر الفتاوى، هو الذي سيكون مسؤولاً عن تحديد الجوانب الأكثر إثارة للانقسام في “الإصلاح” المقبل.

ويعتقد مراقبون أن “الملك يستطيع أن يذهب بعيداً”. “إنه يتمتع بالشرعية لأنه هو الذي يسن الشريعة الإسلامية في المغرب. واليوم، جزء كبير من المجتمع متفق على هذا الإصلاح والإسلاميون ضعفاء. ولذلك، فهي لحظة يعتبرها القصر مناسبة لتمرير هذه الإصلاحات المساواتية”.